يعد الكلام المنظوم نتاج تجربة يمر بها الشعراء في حياتهم ويعكسونها على أعمالهم الأدبية مستمدين صورهم من مصادر تحيط بهم.
مصادر الصورة الفنية في شعر عبيد بن الأبرص
1- الحياة اليومية بكل تفاصيلها تعد مساحة رحبة تتضمن الكثير من الصور التي يتدخل فيها الأديب بذوقه ورهافة حسه في تشكيل صورها، وهي متنوعة مثل الطعام والمسكن والوقوف بالدمن والحرب وغيرها فجميعها مصادر يومية تمكن الشاعر من استلهام صوره، ومن الصور اليومية عند عبيد ما نظمه في هذا وقوفه بالدمن يبكي وينشد:
لمن دمنة أقوت بحرّة ضرغد
تلوح كعنوان الكتاب المجدد
ومن مصادر الحياة اليومية ينتقي صناعة غمد الحُسام وكيف شبه منازل المحبوبة بعد أن خلت من أهلها بأنها بالية وشبهها بغمد السيف الذي أتقن الصانع زخرفته وينشد في هذا:
كَأَنَّ ما أَبقَتِ الرَوامِسُ مِن
هُ وَالسِنونَ الذَواهِبُ الأُوَلُ
2- البشر: استمد عبيد من الأشخاص الذين مروا بحياته الكثير من الصور ويتمثل الناس لديه بالمرأة وبقومه وكذلك أعداؤه ومما نظمه مصورًا قومه وما يملكون من صفات الكرم حيث أنشد:
كَم مِن فَتىً مِثلِ غُصنِ البانِ في كَرَمٍ
مَحضِ الضَريبَةِ صَلتِ الخَدِّ وَضّاحِ
كما صور الحرب التي خاضها مع قومه ضد قبيلة كندة وكيف زرع المقاتلين بشجاعتهم وقوتهم الرعب في قلوب الأعداء حيث أنشد:
هَلّا سَأَلتَ جُموعَ كِن
دَةَ يَومَ وَلَّوا أَينَ أَينا
3- الحيوانات: تناول عبيد بن الأبرص في مقطوعاته كغيره من الشعراء الكثير من الحيوانات الأليفة وغيرها ومن صوره في الحيوان ما نظمه واصفًا ناقته وقوتها:
أَفَلا تُناسي حُبَّها بِجُلالَةٍ
وَجناءَ كَالأُجُمِ المَطينِ وَلوسِ
كما لجأ إلى تشبيه ناقته بالطيور السريعة مثل النعامة حيث ينشد:
والعين مدبرة تهوي بأركبها
كأنهن نعام نُفَّر معطُ
4- البيئة المتمثلة بالصحراء وما تحتويه من مظاهر كالبرق والليل والسحاب وغيره، حيث تفوق عبيد باستلهام صوره من البيئة ومما نظمه في وصف السحاب:
سحاب ذات أسحم مكفَّهر
توخى الأرض قطرًا ذا افتحاص