قصة قصيدة دع عنك لومي فإن اللوم إغراء

اقرأ في هذا المقال


تعتبر قصيدة “دع عنك لومي فإن اللوم إغراء” لأبي نواس واحدة من أبرز وأشهر قصائده، بل من أبرز قصائد الشعر العربي بشكل عام. تتناول القصيدة موضوعات الحب والخمر والأنثى بطريقة فنية ساحرة، مما جعلها تترسخ في ذاكرة القراء على مر العصور. فيما يلي سنتعرف على قصة هذه القصيدة، وأبعادها الفنية والمعنوية، ونستكشف الدلالات الكامنة وراء أبياتها الخالدة.

مناسبة قصيدة دع عنك لومي فإن اللوم إغراء

أمّا عن مناسبة قصيدة “دع عنك لومي فإن اللؤم إغراء” يحكى أن الشاعر أبو نواس كان يأخذ الدروس عند أعظم شيوخ عصره وهو الشيخ إبراهيم النظام فقد كان يعطيه دروسًا في الاعتزال عن شرب الخمرة ومحذرًا من عقاب الله تعالى ويوجه له اللؤم ويقول له أذا نهية عن شربها سيغفر الله لك وأنها الخمرة من أعظم الذنوب.

فهذه القصيدة تنتمي إلى الشعر الخمري وهذا الشعر يعدّ من الأشعار الغنائية حيث يقوم الشاعر أبو نواس بوصفها بأنها صافية وما تتركه في جسم الإنسان من خدر، فقد كتب الشاعر أبو نواس هذه القصيدة لكي يصرح بآراء جريئة في الفكر السياسي والعقيدي، فقد لجأ إليها هاربًا من واقعة والبيئة التي كان يعيش فيها.

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

يوجه الشاعر في هذا البيت لومه لإبراهيم ويقول له لا تلمني؛ لأن هذا ليس من حقك ولكما لمتني سوف يزيد هذا من شرب الخمرة أكثر وسوف أتعلق بها أكثر، فهذه الخمرة هي شفاء لعلتي.

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها
لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

وهنا في هذا البيت يصف الشاعر أبو نواس لون الخمرة ويقول أنها صفراء والذي يشرب من الخمرة يشعر بالسعادة حتى لو كان الذي يشربها أصم؛ لأنها قادرة على بعث الفرح والسعادة لكل جامد.

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ
لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

وفي هذا البيت يصور الفتاة التي كانت تعطيه الخمر ويصفها كأنها نور تضيء ليلاً.

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً
كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

يواصل الشاعر في هذا البيت بوصف الخمرة ويصفها بدرجة عالية من اللطف والرقي وأن هذه الخمرة تعدل المزاج ويقول عنها إذا مزجتها في الماء لا يتغير لونها ولا طعمها.

رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها
لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ

فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها
حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ

وفي هذا البيت يتحدث أبو نواس عن الندم ويقول أن الخمرة لم توصلني إلى هذا الحد بل أن الوضع الذي أعيش به أوصلني إلى هذه الحالة.

دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم
فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا

وهنا بدأ أبو نواس يهجو العرب ويقول لهم أنا أبكي من أجل محبوبتي ويقصد هنا بالمحبوبة الخمرة.

لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ
كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ

حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها
وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ

وهنا يرجع أبو نواس على الذي لأمه ويقول له أن المعروف دائما ناقص، ويقول له أنت الذي أخذت العلم هدفًا في حياتك وقد عرفت كل شيء في الحياة، فيقول له أيها النظام في حين أنك تجهل أكثر ممّا تعرف فلماذا تمنع عني عفو الله الغفور وهذا يقلل من شأنك في الدين.

فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ

لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً
فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ


شارك المقالة: