من صفات المصلحين

اقرأ في هذا المقال



من صفات المصلحين :

عندما نقرأ صفات سيد المصلحين، بين ثنايا كتاب الله العزيز عندما يقول عنه: ﴿لَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِیزٌ عَلَیۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِیصٌ عَلَیۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ﴾ صدق الله العظيم [التوبة ١٢٨] نعرف أنّه لا يوجد إصلاح حقيقي يقوده ( الحقد )، الحقد يقود الدمار والانتقام، وفي قلوب المُصلحيبن يجب أن تسود الرحمة والرأفة، والعفو والإحسان، والتحدي الأكبر في الثبات على هذه المعاني، رغم طول الطريق ومشقته وعنته.

وكذلك من أخلاق المُصلحين، الإعراض الجميل عن الخصوم، والصمود إلى مشروعه النافع، إنّ كثرة الأمر بالإعراض في القرآن ملفتة للانتباه، فالمصلح لا يسمح لردة الفعل أن تُخرجه عن هديه وهدفه، قال تعالى: ﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَـٰمࣱۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ﴾ صدق الله العظيم [الزخرف ٨٩] يَهزمك خصمُك، حينَ يسلب منك اعتدالك وهدوئك، أو حين تنشغل به عن الاشتغال بنفسك، والمُصلح مشغولٌ بمعركته مع نفسه، في عِفة لسانه، وكظم غيظه، ومواصلة طريقة.

والإعراض دربة تحتاج إلى تدريب ومجاهدة، وهو عملٌ إيجابي وليس سلبياً، تُعرض عن أذيتهم، ولا تنقطع عن إصلاحك، ومشروعك النافع، قال تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَمَاۤ أَنتَ بِمَلُومࣲ (٥٤) وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ (٥٥)﴾ صدق الله العظيم[الذاريات ٥٤-٥٥] فالأمر بالتولي عنهم، مقرونٌ باستمرار العمل والتذكير.

والعاقل من اتخذ من أذية خصومه طاقةً جديدة، تورثه الإصرار، والتحدي على مواصلة الطريق، ولو انشغل المصلحون بما يقوله خصومهم، وانهمكوا في ردود الأفعال على أذيتهم، لم تتحقق مقاصد الإصلاح وآماله.

كذلك لا بد من عدم الاكتراث بما يقولونه من سبٍ وشتيمةٍ وتهمةٍ، إن هذا طريق المصلحين، ولم يسلم أحدٌ من ألسنة الخلق، حتى بلغت أذيتهم وفجورهم لمقام الرب عزوجل وقد أخبرنا مقولتهم عندما قالوا: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ یَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ بَلۡ یَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ یُنفِقُ كَیۡفَ یَشَاۤءُۚ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۚ وَأَلۡقَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَ ٰ⁠وَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادࣰاۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾ صدق الله العظيم [المائدة ٦٤]، ورحم الله من قال:

والله لو صحب الإنسانُ جبريلا

         لن يسلم المرء من قالَ ومن قيلا

قد قيل فى الله أقوالٌ مصنفةٌ

           تتلى ولو رتل القرآنُ ترتيلا.

وقالوا إن له ولدًا وصاحبة.

           زورًا عليه وبهتانًا وتضليلا.

هذا قولهمُ فى الله خالقهم

           فكيف لو قيل فينا بعض ما قيلا ..

المصدر: زاد المسير — ابن الجوزيروح المعاني — الآلوسيتفسير القرآن العظيم — ابن كثيرلعلهم يتدبرون - عبدالله القرشي


شارك المقالة: