قصة ندم

اقرأ في هذا المقال



كتبت هذه القصة Kate Chopin ونُشرت لأول مرة في عام 1897 عندما ظهرت في مجموعة قصص شوبان القصيرة “ليلة في أكاديا”.

الشخصيات:

  • مامزيل أورلي.
  • الجارة.
  • الأطفال.

قصة مامزيل أورلي:

تدور أحداث القصة حول أمرأة اسمها مامزيل أورلي وهي شخصية قوية جداً، ذات شعر يتغير من البني إلى الرمادي وعيون حادة، كانت ترتدي قبعة رجل المزرعة، ومعطفًا أزرقاً قديمًا للجيش عندما يكون الجو باردًا، وأحيانًا أحذية طويلة. لم تفكر مامزيل أورلي في الزواج من قبل ولم تكن في حالة حب من قبل وفي سن العشرين كانت قد تلقت عرضًا للزواج رفضته على الفور، وهي الآن في سن الخمسين ولم تفكر به ولم تندم عليه.

كانت وحيدة تمامًا في هذا العالم، باستثناء كلبها بونتو، والزنوج الذين يعيشون معها ويعملون في محاصيلها، والطيور وبضع أبقار، وبغال، وبندقيتها التي تطلق بها النار لصيد الصقور . وفي صباح أحد الأيام جاءت جارتها الأقرب لها، أوديل حيث كانت تحمل أبنائها الأربعة وأرادت أن تودعهم عندها لأنه وصلها خبر أن أمها مريضة جداً ويجب عليها السفر لرؤيتها في حين أن زوجها كان يعمل في ولاية بعيدة ولم تعرف كيفية التصرف مع أبنائها.
لم يكن هناك حل إلا اللجوء إلى مامزيل، وعندما قدمت كانت برفقة هؤلاء الأطفال الأربعة حيث حملت بين ذراعيها لودي الصغيرة وسحبت تي نومي بيدها والذي يبدو أنّها غير راغبة في القدوم، بينما تبعها ماركلين ومارسليت بخطوات مترددة.
وقفت مامزيل أورلي تنظر إليهم، وهي تفكر بهم كفرقة صغيرة من الأطفال الصغار جدًا الذين وكأنهم قد سقطوا من الغيوم، وكان مجيئهم غير متوقع ومربكًا للغاية، وغير مرحب به ولكنّها عندما نظرت في وجهه أمهم الذي كان متعباً من البكاء والانفعال. ثمّ بدأت الأم بإقناع مامزيل بأنّه لم يكن هناك أي طريقة أخرى لتدبير أمر الأطفال غيرها ثم أخبرتها كم أصبحت مجنونة بهذه الورطة بين مشاعرها تجاه والدتها وبين أطفالها حينها رضيت مامزيل بالعناية بالأطفال لحين عودتها.
تركتهم الأم بعد ذلك وغادرت وهي مطمئنة ثم جلس الأطفال مزدحمين في شريط الظل الضيق على شرفة المنزل الطويل المنخفض حيث كان ضوء الشمس الأبيض ينبض على الألواح البيضاء القديمة وكان بعض الدجاج يخدش العشب عند أسفل الدرجات، وكان صوت ضحك الزنوج يأتي عبر حقول القطن المزهرة.

وقفت مامزيل أورلي وهي تفكر في الأطفال حيث نظرت بعين ناقدة إلى ماركلين، الذي كان يجلس مترنحًا تحت ثقل لودي السمين ثمّ نظرت بوجه مارسليت، كانت دموعها الصامتة مختلطة بالحزن المسموع، ولفتها تمرد تينوم. خلال تلك اللحظات التأملية القليلة كانت تجمع نفسها، وتحدد مسار العمل الذي يجب أن يكون متطابقًا مع أداء واجبها تجاههم فبدأت بإطعامهم.

كانت تعتقد أن مهامها تتوقف على إطعامهم فتفقدت خزائنها لتتأكد أنه ما تم توفيره سيكفي ضد حالة طارئة من هذا النوع، ولكنّها لم تدرك أن الأطفال الصغار ليسوا خراف صغيرة، فهم يحتاجون ويطالبون بالعناية التي لم تكن متوقعة على الإطلاق من قبل مامزيل أورلي، والتي لم تكن مستعدة لتقديمها. لقد كانت في الواقع غير مناسبة تمامًا في إدارتها لأطفال أوديل خلال الأيام القليلة الأولى، فكيف يمكنها أن تعرف أن مارسليت تبكي دائمًا عندما يُتحدث إليها بصوت عالي ؟ لقد كانت هذه خصوصية مارسليت. ثمّ أصبحت على دراية بشغف تينوم بالزهور فقط عندما كان قد قطف جميع أنواع الغردينيا الوردي من أجل دراسة بنائها النباتي.

بدأت بعد ذلك تبحث عن طريقة للتصرف مع الأطفال في حالة عنادهم فتحدث إليها مارسلين وأخبرها أن والدته كانت تعاقبهم بربطهم على كرسي كنوع من العقاب، وحينما قررت معاقبة تينوم كان الكرسي الذي ربطته فيه فسيحًا ومريحًا، واغتنم الفرصة لأخذ قيلولة فيه.

وفي الليل، عندما طلبت منهم أن يناموا، لأنها كانت ستذهب لتدخل الدجاج إلى بيته، كانوا غير مدركين كيف تريدهم أن يناموا دون قمصان النوم البيضاء الصغيرة التي يجب أن تخرجها من الحقيبة التي تم إحضارها فيها، ثمّ عليها أن تهزها بيد قوية حتى تخرج منها الحشرات إذا كانت مختبئة هناك كما كانت تفعل أمهم. ثمّ أخبروها عن ضرورة إحضار حوض الماء الذي يجب إحضاره ووضعه في منتصف الأرض، حيث يجب غسل أقدامهم الصغيرة المتعبة والمليئة بالتراب. ثمّ أخبرتها ماركلين ومارسليت أن أن تينوم لا يمكنه أن ينام دون أن يتم إخباره بقصة ودون أن تهزّه وتغني له.

أعتقدت مامزيل أوريلي أنها تفضل إدارة دزينة من المزارع بدلاً من الأطفال ولكنّها كانت سعيدة بما يكفي لتعلم بعض الحيل الصغيرة لتلبية حاجات الأطفال، حيث أجبرها مثلاّ فضول تينوم الذي يبحث عن كل شيء على اكتشاف ألبسة لم تكن ترتديها منذ سنوات، وكان عليها أن تعتاد على قبلاته الرطبة وهي تعبيرات عن طبيعتة الحنونة ثم أنزلت سلة الخياطة الخاصة بها، والتي نادرًا ما تستخدمها من الرف العلوي للخزانة، ووضعتها في متناول اليد إذا أحتاجت إصلاح ثياب ممزقة أوتركيب أزرار للأطفال.
استغرق الأمر منها بضعة أيام لتعتاد على الضحك والبكاء والثرثرة التي تتردد في أرجاء المنزل وحوله طوال اليوم. ولم تكن الليلة الأولى أو الثانية يمكن أن تنام براحة مع جسد لودي الصغير والممتلئ بالضغط على وجهها، وأنفاسها الدافئة تضرب على خدها مثل تهوية جناح الطائر، ولكن في نهاية الأسبوعين الماضيين اعتادت مامزيل أوريلي تمامًا على هذه الأشياء ، ولم تعد تشكو كالبداية.

وفي نهاية الأسبوعين أيضًا، رأت مامزيل أورلي ذات مساء، وهي تنظر بعيدًا حين كانت تُطعم الماشية، عربة فالسين الزرقاء تدور في منعطف الطريق حيث جلست أوديل في العربة وقد عادت إلى المنزل وعندما اقتربوا، أشار وجه الشابة المبتهج إلى أن عودتها إلى المنزل كانت سعيدة. لكن قدومها غير المعلن وغير المتوقع، جعل مامزيل أورلي غير سعيدة ثمّ قامت بجمع الأطفال. حيث كان تينوم في السقيفة، ومارسلين ومارسليت يقمن بقص وتشكيل خرق الدمى في زاوية الغرفة. أما لودي، فقد كانت آمنة بما يكفي بين ذراعي مامزيل أورلي. وقد صرخت بسرور لرؤية العربة الزرقاء المألوفة التي كانت تعيد والدتها إليها.

انتهت الإثارة، وذهبوا جميعاً بعد وداعها وشكرتها أوديل بشدة، حينها وقفت مامزيل أورلي على الشرفة، تنظر وتستمع إلى صوت العربة التي حملتهم معها وبعد قليل لم تعد تسمع أزيز عجلاتها وصريرها لكنها ما زالت تسمع بصوت خافت أصوات الأطفال الصاخبة والبهجة.
ثمّ عادت إلى المنزل حيث كان ينتظرها الكثير من العمل، فقد ترك الأطفال وراءهم اضطرابًا حزينًا. لكنها لم تبدأ في الحال بمهمة ترتيبها حيث جلست مامزيل أورلي بجانب الطاولة ثمّ ألقت نظرة بطيئة عبر الغرفة، حيث كانت ظلال المساء تزحف وتتعمق حول شخصيتها المنعزلة ثمّ تركت رأسها يسقط على ذراعها المنحنية، وبدأت في البكاء ليس بهدوء، كما تفعل النساء غالبًا. بكت كرجل، مع تنهدات بدت وكأنها تمزق روحها.


شارك المقالة: