الآية
﴿وَسَیُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى﴾ [الليل ١٧]
قال تعالى (وَسَیُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى (١٧) ٱلَّذِی یُؤۡتِی مَالَهُۥ یَتَزَكَّىٰ (١٨)﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةࣲ تُجۡزَىٰۤ (١٩) إِلَّا ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٢٠) وَلَسَوۡفَ یَرۡضَىٰ (٢١)﴾ هذه الآيات أحدى مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عته، وهي تثبت له صفة التقوى، وتثني عليه بفضيلة الإنفاق.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: ” وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وحتى إنّ بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شك أنّه داخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإنّ لفظها لفظ العموم، ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف الحميدة؛ فإنّه كان صديقاً تقياً كريما جواداً بذالاً لأمواله في طاعة الله تعالى، وموالاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكم بذل ابتغاء وجه ربه الكريم، ولم يكن لأحد من الناس عنده منّة يحتاج إلى أن يكافئه بها.
ولو تفحصنا الآيات وتأملنا فيها ﴿وَسَیُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى﴾ ولم يقل ويتجنبها كما قال بعد ذكر الجنة ﴿وَیَتَجَنَّبُهَا ٱلۡأَشۡقَى﴾ [الأعلى ١١] للدلالة على أنّ الله هو الذي جنبه تلك النار، وذلك فضل من الله ومنة.
وجاء وصف الأتقى بهذه الصيغة؛ لبيان عظم اتصافه بهذه الصفة، وللأشعار بأنّ سبب تجنيبه النار هو التقوى، ومقدارها ألّا وهي الأنفاق ﴿ٱلَّذِی یُؤۡتِی مَالَهُۥ یَتَزَكَّىٰ﴾ [الليل ١٨].