وشاورهم في الأمر

اقرأ في هذا المقال



وشاورهم في الأمر :

من عرف أسباب الاجتماع، فلا حاجة لإعادة الكلام وتكراره، ولكن، ولكن يُضاف هنا سبب مهم للاجتماع، وهو سببٌ مُحايد يأخذه المسلم والكافر فيزيدهم اجتماعاً، والاجتماع من زيادة العقل، والتنازع لقومٍ لا يعقلون.

إن إدارة الخلاف علمٌ خاصٌ، يتطور مع الأيام ومن أهم أدواته: ( الشورى)، والشورى يحبها الله ورسوله حتى لو كان الموضوع (فِطاماً عن رضاعه) قال تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَ ٰ⁠لِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّاۤ ءَاتَیۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٣٣] وقد أثنى الله على المؤمنين بأن أمرهم شورى، كما قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَیۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ﴾ صدق الله العظيم[الشورى ٣٨].

والشورى أمرٌ الله سبحانه، وخير الأمر أمر، أمرَ به نبيه الذي يوحي، ولو استغنى أحد عن عباده الشورى لاستغنى صاحبُ الوحي صلى الله عليه وسلم، قال الله لنبيه: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ﴾ صدق الله العظيم [آل عمران ١٥٩]وانظر كيف جاء الأمر بالشورى في سياق اجتماعهم وعدم انفضاضهم، ولا يجتمع القلوبُ على أحد دون الشورى التي هي أهم أدوات إدارة الخلاف.

إن في الشورى خيراً وبركة، وما استعملها أهل خيرٍ إلا زادت بَّرهم وخيرهم، ولا استعملها أهل شرٍ إلّا خففت من شرهم، وباعدت بينهم وبين أسباب الهلكة، وفي قصة يوسف كادوا أن يقتلوه، لولا ( الشورى):  ﴿قَالَ قَاۤىِٕلࣱ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُوا۟ یُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِی غَیَـٰبَتِ ٱلۡجُبِّ یَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّیَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَـٰعِلِینَ﴾ [يوسف ١٠].

إن الشورى معنى عام، وهي تتطور في أدواتها وطريقتها باختلاف الزمان والمكان والإمكانات.

والشرع والعقل يشهدان للشورى ويدعوان إليها، وما جاء في بعض الآثار” ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد”، ويا للحسرة، حين تنتهض بالشورى أمم كافرة، فيجتمع شملها، ويلتم شعثها، وأمّة محمد صلى الله عليه وسلم في بُعدٍ عن الشورى، غارقةٌ في بؤسها وتنازعها ومغالباتها.


شارك المقالة: