الفقر هو من المظاهر والمشكلات الاجتماعية المرتبطة بالاقتصاد، وهو موجود في كافة المجتمعات القديمة والحديثة، وله عدة أسباب من الشخص نفسه الذي لا يعمل ومنها ما يتعلق بالأوضاع المحيطة.
وصف الفقر في الشعر الجاهلي
كانت معيشة الشاعر الجاهلي تقوم على المراعي التي تنحصر في وجود الإبل والضأن والماعز، ولقد كانوا بحاجة كبيرة لنزول المطر؛ لأنه ينبت العشب للماشية وتخضر به المراعي، فنرى أن حياة الشاعر الجاهلي تعتمد على المطر والماشية، لذلك كانوا ينتظرون بنزول ليزول الجفاف والمَحل.
ومن ناحية أخرى فقد كان الشاعر الجاهلي يفقد الأمل في حياته ويقوم بمواجهة قلة الرزق والتوتر الناتج في بيئته، ونتيجة لهذه الحالة كان يلجأ إلى غزو قبيله أخرى واستخدام أسلوب الصعاليك، متخذاً إياها كطريقة للعيش ومصدر لكسب الرزق عن طريق النهب والسلب للقوافل وأخذ ما بحوزتهم رغماً عنهم.
يقول عروة بن الورد في هذا المعنى:
“ذَريني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني
أُخَلّيكِ أَو أُغنيكِ عَن سوءِ مَحضِري
فَإِن فازَ سَهمٌ لِلمَنِيَّةِ لَم أَكُن
جَزوعاً وَهَل عَن ذاكَ مِن مُتَأَخِّرِ
وَإِن فازَ سَهمي كَفَّكُم عَن مَقاعِدٍ
لَكُم خَلفَ أَدبارِ البُيوتِ وَمُنظَرِ
تَقولُ لَكَ الوَيلاتُ هَل أَنتَ تارِكٌ
ضُبُوّاً بِرَجلٍ تارَةً وَبِمِنسَرِ
وَمُستَثبِتٌ في مالِكَ العامَ أَنَّني
أَراكَ عَلى أَقتادِ صَرماءَ مُذكِرِ
فَجوعٌ لِأَهلِ الصالِحينَ مَزَلَّةٌ
مَخوفٌ رَداها أَن تُصيبُكَ فَاِحذَرِ
أَبى الخَفضَ مَن يَغشاكِ مِن ذي قَرابَةٍ
وَمِن كُلِّ سَوداءِ المَعاصِمِ تَعتَري”
ويقول أيضًا في الفقر والغنى:
“دَعيني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني
أُفيدُ غِنىً فيهِ لِذي الحَقِّ مُحمِلُ
أَلَيسَ عَظيماً أَن تُلِمَّ مُلِمَّةٌ
وَلَيسَ عَلَينا في الحُقوقِ مُعَوَّلُ”
ومن وجهة نظر الشاعر أوس بن حجر أن الغني الذي معه مال فسوف يصبح به من الأسياد، وإذا كان من الفقراء سيصبح ضائع في المجتمع فيقول:
“بَني أُمِّ ذي المالِ الكَثيرِ يَرَونَهُ
وَإِن كانَ عَبداً سَيِّدَ الأَمرِ جَحفَلا
وَهُم لِمُقِلِّ المالِ أَولادُ عَلَّةٍ
وَإِن كانَ مَحضاً في العُمومَةِ مُخوَلا
وَلَيسَ أَخوكَ الدائِمُ العَهدِ بِالَّذي
يَذُمُّكَ إِن وَلّى وَيُرضيكَ مُقبِلا”