ولادة وطفولة أورسون - فيوليت

اقرأ في هذا المقال


ولادة وطفولة أورسون – فيوليت أو (Birth and Infancy of Ourson ,Violette) هي حكاية فرنسية خيالية، من كتاب أورسون، يحتوي هذا الكتاب على ثلاثة عشر حكاية شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر (Penn Publishing Company).

الشخصيّات:

  • أورسون.
  • فيوليت.

ولادة وطفولة أورسون – فيوليت:

بعد ثلاثة أشهر من ظهور الضفدع والحكم القاسي على الجنية فيورويس، أنجبت أجنيلا صبيًا أسمته أورسون كما أمرتها الجنيّة الطيبة، لم تستطع أن تقرر أجنيلا ولا باسيروس ما إذا كان قبيحًا أم وسيمًا، لأنّه كان شديد الشعر، ومغطى بشعيرات بنيّة طويلة، ولا يمكن رؤية أي شيء سوى عينيه وفمه، ولولا اهتمام أمه وباسايروس، لكان المسكين أورسون قد مات من الإهمال، لأنّه كان مخيفًا للغاية ولم يجرؤ أحداً على لمسه.

كانت والدته دائماً تحتضنه بمحبة، وتبكي بشدة وتقول: أيها المسكين أورسون! من يستطيع أن يحبك جيدًا بما يكفي ليخلصك من هذه اللعنة المروعة؟ للأسف! لماذا لا تسمح لي الجنيّة بإجراء هذا التبادل معي، وهو مسموح به لشخص آخر قد يحبك؟ لا يمكن لأحد أن يحبك أبدًا كما أفعل أنا، لم يرد أورسون على كلماتها، وكان ينام بسلام.

عندما نشأ أورسون، كان يسمح له أحيانًا بمغادرة المزرعة، ولكن كان الأطفال يهربون من اقترابه وكانت النساء تصدّه بعيداً، وتجنبه الرجال، ونظروا إليه على أنّه شيء ملعون، وفي بعض الأحيان عندما كانت أجنيلا تذهب إلى السوق كانت تضعه على حمارها وتأخذه معها، وفي تلك الأيام وجدت صعوبة أكبر في بيع الخضار والجبن حيث هربت الأمهات منها خوفًا من أن يقترب أورسون منهن كثيرًا.

أصبح أورسون في الثامنة من عمره، وكان طويلًا وقويًا، بعيون رائعة وصوت عذب، لم تعد شعيراته متيبّسة ولكن شعره كان ناعمًا كالحرير، ويمكن لمن يحبونه أن يحتضنوه دون أن يخدشهم، كانت باسيروس تحبه منذ يوم ولادته، وكذلك والدته بحنان، لكنّه غالبًا كان وحيدًا وحزينًا جدًا، لقد رأى أنّه لا يشبه الأطفال الآخرين، وذات يوم كان يسير على طول طريق جميل تحده المزرعة.

لقد سار لفترة طويلة وعندما تغلبت عليه الحرارة والتعب، بحث عن مكان جديد وهادئ للراحة، وعندما اعتقد أنّه رأى شيئًا صغيرًا، جميلًا وورديًا على بعد خطوات قليلة منه، اقترب بحذر ورأى فتاة صغيرة نائمة، بدت وكأنها تبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات، وكانت جميلة، وقد غطّى شعرها الأشقر كتفيها اللطيفتين جزئيًا بينما كانت هناك ابتسامة ترسم على شفتيها الوردية، يمكن من خلالها رؤية أسنانها الصغيرة البيضاء مثل اللؤلؤ.

كانت هذه الفتاة الصغيرة جميلة وساحرة للغاية لدرجة أنّ أورسون وقفت أمامها بلا حراك بإعجاب، وهي تنام بهدوء وسلام في الغابة كما لو كانت في المنزل في سريرها الصغير، نظر إليها أورسون لفترة طويلة، ومن خلال ملابسها رأى بأنّها تبدو ثريّة، كان ثوبها من الحرير الأبيض، وكان حذائها من الساتان المطرز بالذهب أيضًا، وكانت جواربها حريرية وناعمة، وكانت تضع الأساور الرائعة تتلألأ على ذراعيها من اللآلئ الجميلة.

بدأت قُبّرة الآن أغنيتها فوق الفتاة الصغيرة الجميلة وأيقظتها من سباتها العميق، نظرت حولها، لكنّها وجدت نفسها وحيدة في الغابة، وبدأت في البكاء بمرارة، تأثر أورسون كثيرًا بدموعها، ولكنّه كان محرجاً جدًا، وقال لنفسه: إذا عرضت نفسي، فإنّ هذه الصغيرة ستعتقد أنني الحيوانات البريّة في الغابة، وستشعر بالرعب، ولكن إذا تركتها هنا فسوف تموت من الرعب والجوع، ماذا أفعل!

وبينما كان أورسون يفكر هكذا، استدارت الفتاة الصغيرة ورأته وأطلقت صرخة عالية، وحاولت الفرار وسقطت مرة أخرى في حالة ذعر، فقال أورسون بصوت حزين: لا تهربي مني، عزيزتي الصغيرة،  لن أؤذيك بل على العكس، سأساعدك في العثور على والدك وأمك، نظرت الفتاة إليه بعينين محدقتين، وبدت منزعجة جدًا، قال أورسون: تحدثي إليّ، يا صغيرتي، أنا لست دبًا كما قد تفترضين ، بل صبي صغير وسيء الحظ، يصيب الجميع بالرعب ويتجنبه الجميع.

أصبحت عينا الطفلة اللطيفة أكثر هدوءًا، وبدا خوفها يتلاشى، وبدت مترددة، فخطى أورسون خطوة نحوها، لكنّها أصبحت خائفة للغاية، وصرخت مرة أخرى، وحاولت النهوض والهرب، توقف أورسون وبدأ في البكاء بمرارة، وقال: أنا بائس، لا أستطيع حتى مساعدة هذه الطفلة المسكينة الضائعة، مظهري يملأها بالرعب! وهي تفضل الضياع على أن تحصل على مساعدة مني!

وغطّى أورسون وجهه بيديه وألقى بنفسه على الأرض وهو يبكي، وبعد لحظات قليلة شعر تمتد نحوه، رفع رأسه ورأى الطفلة واقفة أمامه، وامتلأت عيناها بالدموع، وقالت: لا تبكي، أيها الشبل الصغير، لم أعد خائفة منك، ولن أهرب مرة أخرى، سأحبك أيها الشبل الصغير المسكين، ألن تعطيني أيها الشبل الصغير يدك؟ وإذا بكيت مرة أخرى، فسوف أعانقك أيها الصغير المسكين.

بدأت دموع السعادة والحنان بدلاً من دموع اليأس لدى أورسون، فقالت فيوليت: أترى، أيها الشبل الصغير، أنّ فيوليت لم تعد تخاف، ثمّ قبّلته، وقالت له: أنا سوف أتبعك لأي مكان تذهب إليه، أراد أوروسن أن يحتضنها، ولكنّه كان يخشى إثارة مخاوفها، وقال في نفسه: ربما كانت ستعتقد أنّني كنت على وشك التهامها، لذلك اكتفى بمسك يديها بلطف، وهي سمحت له بذلك مبتسمة.

لقد فهم أورسون جيدًا أن اسمها كان فيوليت، لكنّه لم يستطع أن يفهم كيف تُركت هذه الفتاة الصغيرة ذات الملابس الغنية بمفردها في الغابة، فسألها: أين تسكنين عزيزتي فيوليت؟ فقالت: هناك  مع والديّ فقال أورسون: ما اسم أبيك؟ فقالت: إنّه الملك وماما العزيزة هي الملكة، تفاجأ أورسون أكثر فأكثر وسأل: لماذا أنت وحدك في هذه الغابة؟

فقالت فيوليت أنّها لا تعرف، ولكنّها تتذكر أنّها ركبت كلبًا كبيرًا حيث ركض سريعًا جدًا لفترة طويلة، وكانت فيوليت متعبة جدًا، فسقطت ونامت! وعندما استيقظت لم تجد الكلب، أمسك أورسون بيد فيوليت وقال: هل نذهب ونبحث عن أمي، فيوليت؟ فقالت: لا، لا! لا أستطيع البقاء بمفردي في هذا الغابة، وسأذهب، فقال أورسون: تعالي، إذاً معي، سآخذك إلى أمي.

فحّرك أورسون وفيوليت خطواتهم الآن نحو المزرعة، وجمع أورسون الفراولة والكرز لفيوليت التي لن تلمسها حتى أكل أورسون نصفها. وكانت تضعها بنفسها في فمه قائلة: كل، أيها الشبل الصغير، لن تأكل فيوليت ما لم تأكل، لا يمكن أن يكون شبل فيوليت غير سعيد، لن تراك فيوليت تبكي، ثمّ نظرت إليه لترى ما إذا كان راضيًا وسعيدًا، وكان أورسون سعيدًا حقًا.

لقد رأى أن رفيقته الطيبة والصغيرة جدًا لم تتسامح معه فحسب، بل كانت مهتمة به، وكانت عيناه تتألقان بالفرح، وبعد نصف ساعة من المشي قال لها: لم تعودي تخافي منّي أليس كذلك؟ فقالت: لا، لا، أورسون أنت فتى جيد ولن أتركك، وألقت فيوليت نفسها بين ذراعيه دون أي رد آخر، فاحتضنتها أورسون بحنان.


شارك المقالة: