ويل للمطففين

اقرأ في هذا المقال



ويل للمطففين :

قال تعالى : ﴿وَیۡلࣱ لِّلۡمُطَفِّفِینَ (١) ٱلَّذِینَ إِذَا ٱكۡتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ یَسۡتَوۡفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ یُخۡسِرُونَ (٣) أَلَا یَظُنُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ (٤) لِیَوۡمٍ عَظِیمࣲ (٥) یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ﴾ صدق الله العظيم [المطففين].

العدل مطلوبٌ في كلِ شيء، وقد توعد الله من ترك العدل في مكياله وميزانه، فنقص أو استوفى على غير العدل والإنصاف. لولا أنّ الأمر بالعدل راسخٌ في كل الشرائع السماوية، لم يصل الوعيد على من خالفه إلى هذا الحدِ، فإنّ التطفيف في بادىء الرأي عمل خفيفٌ ليس من أولويات الإصلاح، أمّا في شريعةِ الله فإنّ مفارقة العدل ولو كانت تطفيفاً في الميزان والمكيال جريمة تستحق هذا الوعيد، وهي من أولويات الإصلاح، فتبدأ السورة بالوعيد والنهديد حمايةً لحقوق الخلق، وإقامة لميزان العدل، وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” ما نقص قوم العهد إلّا سلط الله عليهم العدو، ولا طففوا الكيل إلّا منعوا النبات وأخذوا بالسنين “.

ومِن قبلُ أرسل الله شعيباً إلى قومه؛ هادياص ومبشراً ونذيراً، فجاءت دعوته بالتوحيد، وتصحيح ما أفسدوه من أمر العدالة في بيعهم وشرائهم، قال تعالى: ﴿وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ صدق الله العظيم [الأعراف ٨٥].

والتطفيف يكون في كل شيء في التعامل غير العادل، فيحاسب نفسه بميزان، ويحاسب غيره بميزان آخر، ومن أمثلة ذلك: حين يخطىء أحدٌ من طائفتنا، نقول: لا يمثل إلا نفسه، وحين يُخطىء رجلٌ من مخالفينا، ننسب هذا الخطأ لهم جميعاً، حين نخطىء نعتذر بالنية الطيبة، وحين يخطىء غيرنا فالنية الطيبة لا تكفي.

وأغلب التناقضات العائدة إلى مُحاباة النفس أمام الآخرين تدخل عموم التطفيف، وتدخل في الظلم المنهي عنه، وعاقبة الظلم وخيمة، والويل والثبور للمطففين.

يبقى هنا أن نقول: إن الظلمَ والتطفيفَ لا يزول بالقانون وحده، بل لا بد من الوعظ والتذكير بيوم الدين، ويوم البعث، ويوم يقوم الناسُ لرب العالمين، لذلك قال الله تعالى: ﴿یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ صدق الله العظيم[المطففين ٦].

المصدر: زاد المسير — ابن الجوزيجامع البيان — ابن جرير الطبريفتح البيان — صديق حسن خانلعلهم يتفكرون - عبدالله القرشي


شارك المقالة: