الآية :
﴿یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی قَدَّمۡتُ لِحَیَاتِی﴾ [الفجر ٢٤]
من المواقف المهولة التي ينبغبي على المؤمن أن يقف عليها قوله تعالى (كَلَّاۤۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكࣰّا دَكࣰّا (٢١) وَجَاۤءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفࣰّا صَفࣰّا (٢٢) وَجِا۟یۤءَ یَوۡمَىِٕذِۭ بِجَهَنَّمَۚ یَوۡمَىِٕذࣲ یَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ (٢٣)﴾ [الفجر ٢٠-٢٣]
يقول علماء التفسير: يُذكِّر الله سبحانه وتعالى بيوم القيامة حتى لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا، تدك الجبال، فلا بناء، ولا أشجار، تمد الأرض مد الأديم، ويكون الناس عليها في مكان واحد.
في هذا اليوم (یَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ) عندها يقول: ﴿یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی قَدَّمۡتُ لِحَیَاتِی﴾ ولكن فات الأوان؛ لأنّنا في الدنيا في مجال العمل، وفي زمن المهلة، فيمكن للإنسان أن يكتسب لمستقره، كما قال مؤمن آل فرعون ﴿یَـٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا مَتَـٰعࣱ وَإِنَّ ٱلۡـَٔاخِرَةَ هِیَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ﴾ [غافر ٣٩] فهي متاع يتمتع به الإنسان كما يتمتع المسافر بمتاع السفر حتى ينتهي سفره، فهكذا الدنيا، واعتبر ما يستقبل بما مضى.
كل ما مضى كأنّه ساعة من نهار، كأنّنا الآن مخلوقون، فكذلك ما يستقبل سوف يمر يمر بنا سريعاً ويمضي بنا سريعاً، وينتهي السفر إلى مكان آخر ليس مستقراً، إلى الأحداث والقبور، ومع هذا فإنّها ليست محل استقرار.
وقد سمع أعرابي يقرأ قوله تعالى (أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ -1 حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ) فقال: والله ما الزائر بمقيم! ولا بد من مفارقة هذا المكان).
﴿یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی قَدَّمۡتُ لِحَیَاتِی﴾ [الفجر ٢٤] يوم القيامة يتمنى أنّه قدم لحياته! وما هي حياته؟ أهي الدنيا؟ لا والله! فالحياة الدنيا انتهت وانقضت، وليست الحياة الدنيا حياة الواقع، فهي هموم وأكدار، كل صفو يعقبه كدر، كل عافية يتبعها مرض, أين الآباء؟ أين الإخوان أين الأهل؟؟
اللهم ارزقنا الاستعداد لذلك اليوم العظيم .