العلاقة بين الاتباع والحرية في القرآن :
الحُرية المطلقة لن تعثر عليها في الواقع، هي وَهمٌ موجود في بعض الأذهان الحالمة فحسب، وهذا له كلام آخر.
القرآن وهو أصدق حديثٍ، وهو وأعمق فِهماً لهذا الإنسان، أخبر أن الجميع (مُتبِع)، فإمّا أن يتبع الهدى، أو يتبع الهوى، فإلانسان تابِعٌ متَّبِعٌ لا محالة، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یَتَّبِعُونَ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَیۡرِ هُدࣰى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ صدق الله العظيم[القصص ٥٠] قال الطبري: يقول تعالى ذكره: فإن لم يحبك هؤلاء القائلون للتوراة والإنجيل: سحران تظاهرا، الزاعمون أن الحقّ في غيرهما من اليهود يا محمد، إلى أن يأتوك بكتاب من عند الله، هو أهدى منهما، فاعلم أنّما يتبعون أهواءهم، وأن الذي ينطقون به ويقولون في الكتابين، قول كذب وباطل، لا حقيقة له.
وإذا كان الأمر اتباعاً لا محالة، فإنّ تتبع الهدى خيرٌ من أن تتبع الهوى، قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِیعَةࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمۡ لَن یُغۡنُوا۟ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـࣰٔاۚ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۖ وَٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُتَّقِینَ (١٩)﴾ صدق الله العظيم[الجاثية ١٨-١٩] وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا﴾ صدق الله العظيم[الكهف ٢٨] وقال تعالى: ﴿فَلَا یَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا یُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ﴾ صدق الله العظيم [طه ١٦] وقال تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُم﴾ صدق الله العظيم[محمد ١٤].
واتباع الأهواء وأصحابها يحتاج إلى حذرٍ دائم، وإلّا ستزل القدم، وتنحرف المسيرة، قال تعالى: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ ﴾ صدق الله العظيم [المائدة ٤٩]، ومن ترك الهدى واتبع الهوى فإنّه يستحق العقوبة، ولن ينفعه جاهٌ أو مالٌ أو تاريخ سابق في الهداية، قال تعالى: ﴿وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ حُكۡمًا عَرَبِیࣰّاۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا وَاقࣲ﴾ صدق الله العظيم[الرعد ٣٧].
وفي الجملة فإنّ البشرية كلها ستفترق ؟إلى طريقين: طريق الجنة، وهم أتباع الأنبياء، وطريق السعير، وهم أتباع الشيطان قال تعالى: ﴿قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاۤؤُكُمۡ جَزَاۤءࣰ مَّوۡفُورࣰا﴾ صدق الله العظيم[الإسراء ٦٣]