ما هو الحق في السمعة؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الحق في السمعة:

التعريف اللغوي للحق في السمعة؛ بأنه هو ما يقال أو يكتب عن شخص من باب التشهير به، ولم يرد تعريف مباشر للسمعة في القانون، بل استخلص الفقهاء مضامينه وحددوا جوانبه، وقد حمى المُشرّع الأشخاص من التعرض للاعتداء على أي حق من الحقوق الملازمة للشخصية، كحقه في حريته وسلامة جسده وسمعته الأدبية وحرمة موطنه.

وهنالك معايير لتعريف الحق في السمعة؛ منها المعاير الضيق والمعيار الواسع، فالمعيار الواسع بأن يستخلص القاضي وقائع القذف من عناصر الدعوى، أما المعيار الضيق فهو عدم إذاعة أمور من شأنها أن تؤدي إلى كراهية واحتقار ونفور الآخرين.

وإن تعريف الحق في السمعة وفقاً للمعيار الموضوعي والمعيار الشخصي، فيرى الاتجاه المساند للمعيار الموضوعي  أنه هو المكانة التي يحتلها كل شخص في المجتمع، ومن حقَّه أن يعامل على النحو الذي يتفق وهذه المكانة، أما المعيار الشخصي فهو شعور الشخص بما يمتلكه من ميزات وما اكتسبه من صفات تكون كرامته الشخصية وإحساسه.

عناصر الحق في السمعة:

ما يميّز بين مفهوم الشرف ومفهوم الاعتبار، حيث يرى البعض أن الحق في السمعة يتكون من عنصرين هما: الشرف والاعتبار:

الشرف:

هو مجموعة  الشروط التي يتوقف عليها المركز الأدبي للفرد أو أنها العاطفة المركزة في صميم الشخص، والتي تلغي احترامه لنفسه عن طريق شعوره بأداء واجبه، فإذا هوجم إنسان في استقامته؛ فهذا يُعدّ خدش لشرفه لأنها تمثل الفضيلة والأمانة والشجاعة، أو أنها مجموعة الميزات الفطرية التي تتوافر داخل الشخص.

ويتحقق المساس بالشرف عندما يقوم الصحفي بنشر معلومات وأفعال واتصالات معينة وإسناد صفة الجاسوسية الى الشخص، وأنه يحصل على مبالغ مالية مقابل القيام بأعمال معينة، كما يعتبر ادعاء الصحفي على شخص بأنه إرهابي من الأعمال التي تمس الشرف.

الاعتبار:

هو المظهر الخارجي للشرف وهو ما يُسمّى بالرصيد الأدبي أو المعنوي الذي يكتسبه الفرد من علاقته بالآخرين، كالاعتبارات العائلية والوظيفية والمهنية والعلمية وغيرها من الصفات التي يكتسبها الفرد من علاقاته بالآخرين، فهذا الاعتبار ينشأ من التقدير الذي يخلعه عليه غيره، احتفالاً بما يراه غيره فيه من ميزات قد لا يعرفها عن نفسه.
وتعتبر فكرة الاعتبار نسبية تختلف من فرد لآخر طبقا لمركزه الاجتماعي، على أن هناك تحديداً لِما يحتله الفرد من مكانة أدبية في البيئة المحيطة به، فكل اعتداء على شرف الشخص ينعكس أثره بالضرورة على اعتباره، في حين يمكن الاعتداء على اعتبار الشخص دون المساس بشرفه، ويتم تحديد مفهموم الشرف والاعتبار وفقاً للرأي العام السائد. والاعتبار يقسم إلى ثلاثة أنواع وهي:

الاعتبار الخاص:

هو مجموعة العناصر التي يقيم الناس على أساسها صلاحية الشخص لأداء واجباته المتعلقة بشؤون حياته الخاصة. ومثال ذلك أن يقال عن شخص انه يسيء معاملة زوجته وما شابه.

الاعتبار المهني:

هي القيم التي يتمتع بها الشخص في مجال عمله أو مهنته، كالتاجر الذي يستوجب أن يكون ماهراً في تجارته وصادقاً في معاملاته، في حين لا يتعتبر من الإساءة ما يتم توجيهه إلى محامي لا يحسن الدفاع أو إلى شخص مهنته التوثيق ولا يجيدها.

الاعتبار السياسي:

يقصد به المكانة التي يمثلها الشخص في المجال السياسي نتيجة صفاته وسلوكياته أثناء ممارسته للحياة السياسية، فمواجهة رجل سياسة أو شخصية عامة بالنقد في أعماله وتصرفاته، فيما لا يخرج عن حدود الواقع الخاصة بالعمل الذي يقوم به دون الطعن في شرفه واعتباره يعد من هذا العمل الصحفي من باب النقد وليس القذف.

الطبيعة القانونية للحق في السمعة:

توجد أمثلة في القضاء الفرنسي من خلال ما أكدت عليه محكمة النقض، بأن الإساءة لسمعة الشخص إذا كانت من خلال التسرع في الاتهام فهذا خطأ يستوجب التعويض المدني، بينما لم يصبح له الحق في اتخاذ إجراءات وقائية تمنع الصحيفة من التعدي عليه مستقبلاً، على خلاف الوضع في حالة الاعتداء على الحياة الخاصة التي تبيح للمتضرر اتخاذ كافة الخطوات الوقائية. ولم يرد صراحة ما يوجب حماية الحق في السمعة كما ورد الحق في الحياة الخاصة، ففي حالة وقوع اعتداء على الحق في السمعة لن يكون أمام المتضرر إلا المطالبة بالتعويض دون اتخاذ إية إجراءات وقائية.

أهمية الاعتراف بالحق في السمعة:

ترجع أهمية الاعتراف بالحق في السمعة باعتباره حقاً من الحقوق الملازمة للشخصية؛ أي أنه يعطي للمجني عليه، والحق في وقف هذا الاعتداء؛ حتى في ظل عدم وجود نصوص قانونية خاصة به، وأن الاعتراف بالحق في السمعة سوف يجعل الصحفي يلتزم بالموضوعية أثناء النقد وهذا سيقلل من انتهاك الحق في السمعة.

وحتى يتسنى لنا التوفيق بين الحق في الإعلام والحق في السمعة، فإننا يجب أن نمعن النظر في العبارات والألفاظ المسندة للمجني عليه، فاذا كانت العبارات خادشه للشرف والألفاظ  ماسة بالاعتبار، فلا محل للتحدث عن المصلحة العامة في الحق.

الأشخاص المتمتعون في الحق بالسمعة:

الأشخاص الذين من حقهم التمتع بالحق في السمعة وورد الاعتداء عليهم في المقالات الصحفية أو أي عمل صحفي يسيء إليهم وهم:

الشخص الطبيعي:

يتمتع الشخص الطبيعي بكل الحقوق الملازمة للشخصية، وهذا يُعدّ طبيعياً لأن القانون قد وضع أساساً لحماية الفرد العادي فهو حجر الزاوية في الحماية التي يقررها القانون، والقانون يحمي الشخص بصفته إنساناً فلا يميز بين جنسه أو نوعه.

الشخص المعنوي:

تدخل حمايته في القوانين التي تنظم عمل هذا الشخص المعنوي، وأما الحقوق الملازمة للشخصية فلا تثبت إلا للشخص الطبيعي؛ لأن الحياة الداخلية تحتاج إلى قواعد تحميها تختلف عن القواعد التي تحكم الحياة الخارجية، وأن حماية الشخص المعنوي كما في القانون الأمريكي تتم عن طريق القواعد الخاصة بالمنافسة غير المشروعة؛ وذلك بغرض توفير الهدوء والسعادة الإنسانية.

مدى تمتع الأسرة بالحق في السمعة:

لم ترد أية نصوص بشأن الحق في السمعة للأسرة بصفتها، وإن كان المساس يصيب الأسرة في حالة وقوع ضرر على أحد أفرادها؛ فإن هذا يخضع للقواعد العامة في المسئولية، فالحق فردي وليس عم ومن ثم فلا يستطيع أي فرد من أفراد الأسرة رفع دعوى لقيام الغير بالضرر والإضرار بأحد أفراد الأسرة.

قابلية الحق في السمعة بالإنتقال للورثة:

هناك اتجاهان في انتقال الحق بالسمعة للورثة وهما:

الاتجاه الاول:

يقضي بعدم انتقال الحق في السمعة للورثة، ويرتكز هذا الرأي أو الاتجاه على صون السمعة تنتهي بالوفاة ولا يكون لها وجود، حتى إن كان التوكيل ينتهي بوفاة الموكل.

الاتجاه الثاني:

يعتمد على إمكانية انتقال الحق في السمعة للورثة، انطلاقا من مبدأ حماية الكيان الأدبي والمعنوي للإنسان ومراعاة لمصلحة الورثة بسبب وجود فكرة التضامن العائلي بين الورثة. ويدرج الكاتب أن لا عقاب على القذف والسب ضد الأموات الوارد في القانون المصري يجب تعديله، وبأن يتم السماح للورثة برفع الدعاوي الخاصة للحصول على حقوق ذويهم الأموات جراء التعرض لسمعتهم وشرفهم واعتبارهم.

قابلية الحق في السمعة للتقويم بالنقود:

وهي الحقوق الملازمة للشخصية مثل: الحق في الحياة والحق في سلامة الجسد والحق في الاسم والحق في الحياة الخاصة والحق في السمعة، وتعتبر حقوقاً غير مالية ، ولكن ظهرت اتجاهات للتعامل معها، وهناك اتجاهان وهما:

الاتجاه الأول:

يرى الحق في السمعة لا يقبل التقويم المالي كونها مسميات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتداول كسلعة.

الاتجاه الثاني:

يميز بين طبيعة هذا الحق وبين طبيعة التعويض الذي يترتب للمضرور  نتيجة الاعتداء الناشئ عليه، وأنه يجب أن يتم التفريق بين الاعتبار المهني والاعتبار الخاص أو العائلي، فالأول ذا غاية اقتصادية ويهدف اليها، أما الثاني فيهدف إلى غاية أدبية، والقانون يحمي الاعتبار المهني لتحقيق غاية اقتصادية مضمونها تمكين المهني من الاستمرار أو ممارسة نشاطه والكسب والعيش منها وأن هذه المكنات هي قيمة اقتصادية.

قابلية الحق في السمعة للتنازل عنه:

الأصل في الحقوق الشخصية أنها حقوق أدبية لا يجوز التنازل عنها، إلا أنه لا يجب نخلط بين التنازل عن الحق في السمعة، والتنازل عن تحريك دعوى المسئولية الخاصة بالحق في السمعة، فهي لا تتشابه مع الحق في نشر الصورة او الرضا المسبق بنشر خصوصياته.

الاعتداء على سمعة الآخرين:

إن من حق الناس المعرفة، وواجب الإعلام إيصال المعلومة، ولكن هناك اعتبارات يجب الأخذ فيها عندما تقوم وسائل الإعلام في دورها الرئيسي؛ وهي عدم التعرّض لحياة الأشخاص الخاصة، من انتهاكات او تعدّي على خصوصيته، كما أن هناك حق للشخص في صون سمعته او ما يُسمّى بالشرف والاعتبار.
ونظراً لتزايد الاعتداءات على سمعة الآخرين؛ وذلك على أثر انتشار النظام الديمقراطي وتقدم وسائل الإعلام وانتشارها بشكل كبير والسعي نحو الربح، من خلال الإعلام المثير وإثارة الفضائح والإشاعات لكسب فضولية الجمهور.
ومن القيود التي وردت على حرية الرأي بما يتعلق تحديداً بضمان عدم الاعتداء على السمعة، ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحديداً في المادة رقم (12) والتي تنص على حماية الشرف والاعتبار، وحق الفرد في الدفاع عن شرفه وسمعته، إضافة إلى النص الصريح في الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته رقم (17)، بما يتعلق بحماية شرف الأفراد واعتبارهم من الهجوم والاعتداء غير القانوني عليهم.


شارك المقالة: