من الطبيعي أن اكتساب المعرفة الجيدة بنوعية المعادن وخصائصها، تجعل من السهل على الشخص القيام بأي عملية لحام، بالحقيقة إنّ المتمكن من لحام الصلب يكون باستطاعته لحام المعادن الأخرى، حديد الزهر يعتبر معدناً أساسياً حيث يتم استخدامه في مجالات كثيرة والفرق بينه وبين الصلب هو كمية الكربون، حيث تبلغ نسبته في الصلب من 0.05٪ إلى 1.5٪ أما في حديد الزهر فتكون من 2٪ إلى 4٪.
أنواع حديد الزهر:
يوجد نوعان أساسيان من حديد الزهر هما:
- حديد الزهر الرمادي:
هذا النوع من أكثر المصبوبات (المسكوبات) استخداماً في صناعة هياكل وقواعد الآلات وأجسام الحركات في صناعة بعض الأنابيب والمضخات، شكل مقطعه رمادي اللون، ومن خواصه أنه غير قابل للتشكيل بالحرارة سواء كان ذلك على الساخن أو البارد، لأنه غير قابل للثني أو الطرق أو الالتواء أو السحب، لكنه يتحمل الضغوط العالية.
عند مقارنة سيخ لحام من الصلب مع سيخ لحام آخر من الزهر عند محاولة ثني كل منهما نجد أن سيخ الصلب يستجيب لعملية الثني، أما سيخ الزهر فإنه ينكسر، كذلك عند قطع وصلة من لوح الصلب باستخدام الإزميل نجد أن الجذاذات المقطوعة تكون متماسكة مع بعضها نسبياً، لكن الأمر يختلف بالنسبة لحديد الزهر فإن الجذاذات تنفصل على شكل قطع صغيرة وتتطاير.
بناء على هذه الخصائص والصفات لحديد الزهر الرمادي يجب اتخاذ الاحتياطات والأساليب الصحيحة عند لحامه؛ حتى لا تتعرض القطعةة للتشوه أو التلف أو حدوث تشققات بها، من الخصائص الهامة أيضاً لحديد الزهر، أنه يمكن لحامه بالصهر (ذاتي) أو بدون صهر (غير ذاتي). - حديد الزهر الأبيض:
هذا النوع من حديد الزهر صلد جداً، غير قابل للتشغيل على الماكينات ما عدا بعض آلات القطع الخاصة، لحامه صعب جداً، لهذا يعتبر غير قابل للحام، ولون مقطعه ما بين الأبيض والفضي، يستعمل هذا النوع في صناعة أجزاء من آلات الطباعة والمطاحن وصناعة الورق والمكابس الهيدروليكية وفي آلات قطع الأحجار والصخور.
قبل البدء في لحام أي قطعة من معدن حديد الزهر يجب معرفة نوعية وتأثير شكلها على خواص التمدد والانكماش؛ لما لهما من عواقب اللحام، يكون ذلك بالتسخين الموضعي بواسطة لهب مشعل اللحام، وذلك بسبب ضعف مرونة المعدن وقابليته لسرعة الكسر، فإذا أجريت عملية اللحام على قطعة يمكنها التمدد تمدداً حراً دون أي عائق ولا يحدث أي ضرر أثناء اللحام (شروخ مثلاً) أو بعده، أثناء تبريدها وأثناء الانكماش ففي هذه الحالة لا يكون التسخين الكلي الشامل للقطعة ضرورياً، يكون أحياناً ضرورياً للتسخين الموضعي والأجزاء المنحنية المكسورة يمكن لحامها دون أن تحدث بها أي شروخ أثناء تسخينها أو تبريدها؛ لأن انحناء التقطعة يساعد على مرونتها.
أما القطع التي لا يسمح تصميمها بالتمدد والانكماش الحر، فتجري لها عملية التسخين الكلى في درجة حرارة 800 تقريباً قبل إجراء عملية اللحام؛ ذلك لتقليل آثار التسخين الموضعي السيئ، يجري هذا التسخين الكلي بطرق مختلفة إما بوضع القطعة داخل أفران خاصة تُغذى بالوقود السائل أو الغاز، أو بالفحم وأن توضع القطعة داخل الفرن إذا كان حجمها مناسباً، أما القطع الكبيرة فتجري لها عملية التسخين بالفحم.
علاوة على ذلك فإن لحديد الزهر الرمادي قشرة أو طبقة رقيقة من الأكسيد، تسبب بعض الصعوبات أثناء عملية اللحام، حيث إن هذه القشرة أو طبقة الأكسيد تنصهر في درجة حرارة أعلى من درجة انصهار المعدن الأصلي، ينبغي على أية حال إزالتها بالجلخ أو بالمبرد إضافة إلى أن مساعد الصهر الذي يتم استعماله أثناء اللحام يعمل على إزالة ما تبقى من طبقة الأكسيد.
يتم استخدام أسياخ للحام حديد الزهر من نفس نوعية المعدن الأساسي، وذلك في حالة لحامه ذاتياً وتتوفر هذه الأسياخ بمقاسات وأشكال وأطوال مختلفة، وهي إما تكون مربعة أو مستديرة، تتميز أسياخ لحام الزهر العالية الجودة بعدم احتوائها على أي أكاسيد، يكون معدنها المنصهر نقياً ورائقاً وداكن اللون وينبغي قبل اللحام أن تنظف جيداً، بسبب وجود طبقة من الصدأ عليها أو أنها تكون مبتلة بالماء نتيجة تعرضها للرطوبة أو غيرها،
يؤدي إلى ظهور مسام كثيرة في المعدن المرسب (مادة اللحام) بسبب تكون الخبث وتبخر الرطوبة، لهذا يجب حفظ أسياخ لحام حديد الزهر وغيرها من في أماكن جافة.
مساعدات الصهر لحديد الزهر:
من خواص مساعدات الصهر (بودرة اللحام) الجيدة هي أن تكون سريعة الانتشار بانتظام فوق منطقة اللحام وأن تذوب بسرعة في البركة المنصهرة وأن تعمل على إذابة الأكاسيد لتعمل على تسهيل عملية اللحام، أما مساعدات الصهر التي تتجمع حبيباتها في شكل كتل صغيرة أو أن تكون قابلة للانتفاخ أثناء اللحام وتنعزل عن المعدن الأساسي أو أن تذوب ببطء، فتعتبر هذه النوعية غير جيدة.
كما هو متوقع في إعداد وتجهيز المواد المعدنية في عمليات اللحام الأخرى، بحيث إذا ازداد سمك المعادن عن (٣ملم)، فإنه يجب شطف حافة القطع وترك مسافة، ثم تنظيف القطع من الأوساخ والزيوت والشحوم، ثم البدء في إجراءات عملية اللحام حسب الأسلوب المطلوب.
اللحام بالصهر لحديد الزهر:
يحتوي حديد الزهر على (91- 94)% من معدن الحديد وعلى (6 – 9)% من عناصر أخرى كالكربون والسيلكون والنيكل، تتغير طريقة استجابة معدن الحديد للحام حسب اختلاف العناصر المضافة إليه، حديد الزهر الرمادي يتكون من الحديد والكربون، يسمح عنصر الكربون بسهولة إجراء عملية القطع لحديد الزهر، غير أنه يقلل من درجة صلابته. يستخدم الحديد الزهر أولاً في صناعة مواقد الطهي ومحركات السيارات وغير ذلك من الأغراض.
اللحام بالانصهار:
تحتاج عملية صهر حديد الزهر إلى درجة حرارة أعلى من درجة الحرارة اللازمة للحام، لهذا يجب اتخاذ بعض الإجراءات عند لحامه بالانصهار مثل: تنظيف الحواف والتسخين المتقدم (السابق) لعملية اللحام حتى درجة الاحمرار 11500 إلى 1200 درجة (ما بين اللون الليموني والأصفر).
هذا يعني أنه يجب عليك مراعاة عملية التمدد والانكماش السريعة أثناء تبريد المعدن واتخاذ الاحتياطات اللازمة، يسخن حديد الزهر أولاً إلى اللون الأحمر الباهت قبل أن تبدأ عملية الانصهار، حيث تتكون البركة المنصهرة للمعدن الأساسي، يجب أخذ مزيد من الحذر للتحكم في هذه البركة، إذ يجب استعمال القضيب المناسب والعناية بتبريد الحديد الزهر بشكل صحيح؛ لأن التبريد المفاجئ قد يؤدي إلى تقلص بعض الأجزاء وجعلها صلبة لدرجة لا يمكن التعامل معها بعد ذلك.
كما يجب تنظيف القطع بعناية حتى لا تحدث بعض البقع المسامية أو الفجوات على السطح، يساعد مساعد الانصهار على تنظيف القطع، لكنه لا ينظف القطع غير النظيفة، يجب أن يكون امتداد شطف اللحام التناكبي في حدود 3 ملم من سطح الوصلة، ممّا يساعد على التحكم فيها والوصول إلى عملية لحام سليمة في النهاية.