اقرأ في هذا المقال
ضرورة ضبط المخاطر الصحية المتعلقة بالزراعة الحيوانية:
بالنسبة للتدخلات في حدوث الأمراض المعدية، من المهم تحديد هدف واضح والنظر مسبقاً فيما إذا كان يمكن تحقيق هذه الأهداف أم لا والتأكد من تحقيق هذه الأهداف بعد التنفيذ، حيث أن التدخل الأكثر صرامة هو أننا نحاول القضاء على العامل المعدي من الحيوانات.
وغالباً ما يكون هذا ممكناً فقط في حالة عدم وجود خزان للحياة البرية، ولا يتم أخذ ذلك في الاعتبار إلا عندما يكون تأثير المرض على البشر أو الحيوانات شديداً جداً، كما يتم الاستئصال في الغالب في منطقة معينة (مثل بلد ما) وتستخدم القيود التجارية لعزل المنطقة (المناطق) الحرة من المناطق المصابة في الماضي.
حيث تم تحقيق استئصال السل البقري (bTb) الناجم عن (Mycobacterium bovis) من الماشية في البلدان النامية، بما في ذلك هولندا على سبيل المثال، وذلك من خلال استراتيجية الاختبار والإعدام، وهذا يعني أنه يتم التعرف على الحيوانات المصابة ثم إزالتها من السكان قبل أن تصيب أكثر من حيوان آخر.
وبالنسبة للعدوى ذات الديناميكيات البطيئة وأدوات التشخيص الجيدة؛ فإن هذا النهج ممكن، وذلك في حين أن (bTb) قد يكون أول مرض تم استئصاله في حيوانات المزارع؛ فقد حدثت أمراض أخرى، حيث تم القيام بذلك بنجاح، وعلى سبيل المثال، تم القضاء أيضاً على (Brucella abortus) و(Leptospira Hardjo) من قطعان الماشية باستخدام استراتيجية الاختبار والإعدام.
في الوقت الحالي، هناك مشاكل متزايدة مع البلدان التي تفشل في إحراز تقدم في القضاء على (bTb)، وذلك بسبب مكامن الحياة البرية، مثل الغرير في أوروبا والبوسوم في نيوزيلندا والأيائل والغزلان في أمريكا الشمالية، وخاصةً في هذه الظروف؛ يبدو أن تدابير المكافحة الإضافية ضرورية لتحقيق الاستئصال، ونظراً لأن إعدام الحيوانات البرية ليس شائعاً أو غير ممكن، يتم فحص الاحتمالات الأخرى مثل تحصين الحيوانات البرية إما مع أو بدون تحصين الماشية.
إجراءات التطعيم ضد الأمراض التي تسببها الحيوانات:
التطعيم هو إمكانية أخرى للقضاء على الأمراض المعدية في الحيوانات، وذلك إذا توفرت لقاحات فعالة؛ فيمكن استخدامها لوقف تفشي الأمراض الحيوانية، كما أن هذا هو الحال بالنسبة لفيروس حمى الخنازير الكلاسيكية وفيروس الحمى القلاعية أو فيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض.
كما تم استخدام التطعيم ضد الأمراض المتوطنة بالاقتران مع تدابير المكافحة الأخرى للقضاء عليها، ومن الأمثلة البارزة على نجاحه فيروس الكاذب (PRV) أو فيروس مرض (Aujeszky) في أوروبا والطاعون البقري في جميع أنحاء العالم.
وبعد إدخال فيروس اللسان الأزرق من النوع 8 مؤخراً في شمال غرب أوروبا؛ تمت محاولة السيطرة على هذا الوباء عن طريق التطعيم أيضاً، كما تم استخدام تطعيم الماعز ضد حمى كيو، وذلك ليس بهدف الاستئصال؛ ولكن لمنع عمليات الإجهاض عند الحوامل.
وبالنسبة لأمراض الحيوانات التي تشكل تهديداً للصحة العامة، يُنظر إلى التطعيم بعين الشك، حيث قد يكون التطعيم يقلل فقط من الأعراض السريرية (والتي قد تكون هدفًا مبرراً لاستخدام اللقاحات)، ولكنها لا توقف انتقال العامل الممرض.
الإدراك والقبول والإبلاغ عن المخاطر فوراً:
إن العدد الفعلي للحالات البشرية المميتة على سبيل المثال مرض جنون البقر وإنفلونزا الطيور، محدود للغاية، ومع ذلك؛ كانت الجهود المالية واللوجستية لمكافحة هذه الأمراض وغيرها من الأمراض التي يجب الإبلاغ عنها عالية جداً في هولندا والمملكة المتحدة على سبيل المثال، كما كانت الأضرار الاقتصادية الناجمة عن وباء إنفلونزا الطيور الهولندي في عام 2003 مفرطة.
في المقابل، فإن مخاوف الجمهور بشأن المخاطر المرتبطة بالعدوى الشائعة المنقولة عن طريق الأغذية، مثل داء السلمونيلات وداء العطيفة، كما تبدو أقل وضوحاً إلى حد ما، ومع ذلك؛ فإن هذه الأمراض تسبب عدداً كبيراً ومنتظماً من الإصابات والوفيات البشرية.
في أوروبا يصل عدد الحالات المميتة من داء السلمونيلات وداء العطائف إلى عدد يقدر بنحو 80-90 شخصاً سنوياً، وفي حالة عدم وجود بحث منهجي حول تصورات المواطنين حول المخاطر المرتبطة بالعيش بالقرب من المزارع أو استهلاك المنتجات الحيوانية؛ قد تثير هذه الملاحظات القصصية بعض الأفكار حول إدراك التهديدات الصحية العامة الناشئة عن تربية الحيوانات.
كما يبدو أن هناك تناقضات بين المخاطر الحقيقية المرتبطة بتربية الحيوانات وتصورها في الرأي العام، أيضاً يبدو أن الأمراض المعدية الناشئة والمتكررة التي تصيب الحيوانات تخيف الجمهور، كذلك لم يعد المواطنون يريدون قبول خطر الأمراض المعدية، لا سيما عندما تعرض البرامج التلفزيونية صوراً لعمليات إعدام الحيوانات على نطاق واسع.