يعاني العديد من المزارعين من التقلبات المناخية وتزداد معها تأثيراته على مختلف أوجه الحياة ومن بينها القطاع الزراعي، إذ يتسبب التغير المناخي في تغير الأنماط المُسجلة تاريخياً والمتعارف عليها لدرجات الحرارة وكذلك معدلات ومواقع هطول الأمطار، ويؤثر ذلك بشكل مباشر على الزراعة بمختلف مراحلها، وتعد زراعة محصول الأرز في تايوان أحد الأمثلة على ذلك، إذ يعاني المزارعون في منطقة (Rift Valley) شرقي البلاد من عدم انتظام هطول الأمطار وفق المعدلات المتوقعة، وهو ما أدى إلى إرباك عمليات الزراعة والحصاد وقاد إلى خسائر اقتصادية للمزارعين.
الحاجة إلى الذكاء الاصطناعي في الزراعة:
يمكن للزراعة التي تعتمد على التقنيات الذكية أن تساعد المزارعين على إنتاج أغذية عالية الجودة أكثر من الزراعة التقليدية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الغذاء والاحتياجات الغذائية. لا تقف الزراعة بعيدة عن الاستفادة من أدوات البيانات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين أساليبها وإنتاجيتها وللتعامل مع هذا الواقع الجديد، طورت شركة ناشئة حلاً تقنياً يعتمد على مزيج من إنترنت الأشياء والبيانات الضخمة بالإضافة إلى تقنيات أخرى.
حيث قامت الشركة بالبدء بمشروعها منذ عام 2018، حيث تم في هذا المشروع تزويد حقل أرز عضوي بمجموعة من أجهزة الاستشعار (sensors)، حيث تقوم هذه الأجهزة بمراقبة مجموعة من العوامل منها نسب الأمطار ودرجة الحرارة، ومستوى الكيماويات في التربة، وكما تم نقل البيانات التي جمعتها أجهزة الاستشعار هذه عبر أجهزة توجيه (Routers) إلى شبكة الإنترنت بحيث يمكن للمزارعين متابعة حالة الحقل أولاً بأول.
فوائد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الزراعة:
ومع ذلك النجاح الكبير في المشروع كان للشركة الناشئة صاحبة المشروع، كان لديها خططاً أكبر للاستفادة من البيانات على المدى البعيد، فمع حصاد محصول الحقل الذي شهد التجربة، رفع المهندسون أجهزة الاستشعار منه وركزوا على استخدام البيانات التي جمعها في بناء قاعدة بيانات متنامية من شأنها مساعدة المزارعين على تعظيم الاستفادة من دورة إنتاجهم.
الفائدة الأخرى التي نتجت عن هذه المشاريع تتمثل في تمكين العملاء المستهدفين بمحصول الأرز من مراقبة كيفية زراعة الأرز ممن سيقومون بشرائه، وذلك بشكل مباشر وعبر مختلف مراحل العملية الزراعية، ويُعتبر ذلك أمراً غاية في الأهمية نسبة لتزايد أعداد العملاء الذين يرغبون في ضمان شراء منتجات محلية أو عضوية سواء في تايوان أو أسواق أخرى في الولايات المتحدة وأوروبا.
هذا هو المكان الذي تتدخل فيه تقنية الذكاء الاصطناعي لتقديم يد العون، حيث ستوفر الزراعة الذكية التي يقودها إنترنت الأشياء للمزارعين طرقًا جديدة لإدارة مزارعهم ومساعدتهم ليس فقط على تحسين كمية منتجاتهم بل وتحسين جودتها أيضًا. هذه صناعة متنامية، ومن المتوقع أن يصل سوق الزراعة الذكية العالمي إلى 17.9 مليار دولار بحلول عام 2025 ، مقارنة بـ 7.1 مليار دولار في عام 2017.
استخدام آخر لهذه التكنولوجيا في تايوان يتمثل في أبحاث يقوم بها أكاديميون بدعم حكومي لدراسة ومراقبة زراعة الفواكه الاستوائية،على المدى الطويل، يأمل المزارعون أن تُسهم هذه الحلول التقنية الحديثة في إحداث تغييرات جذرية في عمليات الزراعة التقليدية المنتشرة في البلاد تتماشى مع التغيرات المناخية السائدة في السنوات الأخيرة.