ما يحدث في وقتنا الحالي من نقلة نوعية متقدمة في التكنولوجيا الحديثة والاستخدامات المختلفة في كافة القطاعات والقطاع الصحي خاصة، ومن أهم ذلك ما يحدث من نقلة نوعية طبية مع استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence AI)، حيث كان لها دور فعّال في المساهمة في تشخيص الأمراض، ما دفع بمجال الرعاية الصحية والطب نحو الأمام، من دون أن تحل هذه التقنيات المتطورة محل الطبيب بل هي داعم له.
الروبوت الجراح وحدوث العمليات من دون مشرط:
حيث ساهمت الروبوتات في العمليات الجراحية بنسبة كبيرة في الحد من التدخّل الجراحي الخطير، كما قد تطوّرت عن الجراحة المفتوحة التقليدية، وأصبحت أكثر أهمية وأكثر أمان للمرضى، بما في ذلك من خصائص ومميزات كثيرة مقارنةً بالجراحات التقليدية من دقة أكبر وجرح أصغر وألم أقل وانخفاض في فقر الدم.
قدرات الروبوت الجراح قد تمكنت من الوصول إلى أداء وتنفيذ عمليات جراحية في غاية الدقة والتعقيد، ومن أشهرها جراحة شبكية العين باستخدام روبوت العين(Eye Robot)، وخلال الاجتماع السنوي لجمعية أبحاث الرؤية وطب العيون وذلك في عام 2017 في مدينة بالتيمور، في ولاية ماريلاند في الولايات المتحدة الأميركية، عرض الجراحون بحثًا يوضح نجاحهم في إجراء أول عملية للعين البشرية باستخدام نظام روبوتي يُدار عن بعد.
قام الباحثون بإدخال مجموعة من المرضى بحاجةٍ إلى جراحة لشبكية العين، حيث أُدخل فيها نصف هذه المجموعة من المرضى لجراحة الروبوت (Eye Robot)، بينما أُدخل النصف الثاني للجراحة المعتادة على أيدي أطباء جراحة شبكية العين، وتعرض خمسة مرضى لنزفات دقيقة في الشبكية نتيجة لعمليات الأطباء، بينما عانى اثنان فقط منها بعد الجراحة الروبوتية.
ستؤدي هذه التطوّرات إلى الحد من الأخطاء البشرية وتحسين النتائج النهائية في مجال الرعاية الصحية، وعلى الرغم من ذلك، يخشى كل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية من أن يؤدي كل من نقص الرقابة البشرية واحتمالية حدوث أخطاء في الآلات إلى حدوث مشاكل وأخطار كبيرة، بينما تظل خصوصية بيانات المرضى أحد أكبر التحديات التي تواجه مجال الرعاية الصحية عند اعتماده على الذكاء الاصطناعي.
ووفقاً للخبراء يمتاز الروبوت بأيد ثابتة بلا اهتزازات يمكن استغلالها في العلاجات السريرية التي تتطلب دقةً وثباتًا، مثل الحقن الدقيق في العلاج الوراثي والخلايا الجذعية، فمن خلال فتحة صغيرة لا تتعدى بضعة سنتيمترات في بطن المريض، يقوم الطبيب بإدخال ذراع الروبوت صغيرة الحجم ومزودة بكاميرا موصولة عبر شاشة كمبيوتر تجوب في أحشاء المريض وفق ما يراه الطبيب مناسباً من خلال مشاهداته من أمام شاشة الكمبيوتر بحجم أكبر عشرات المرات، وبدأت وزارة الصحة الإماراتية منذ سنة 2014 في إدخال الروبوت للقيام بعمليات قسطرة القلب شديدة الحساسية والخطورة، لتكون الأولى على مستوى الشرق الأوسط.
بعد الكثير من العمليات التي تم تنفيذها باستخدام الروبوتات الجراحية، قد أُعلن نجاحها في استخدام تكنولوجيا الروبوت في إجراء عمليات قسطرة القلب مثلاً، مؤكدة أنها الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تعتمد على هذه التقنية هي الإمارات، كما وأضاف مسؤولون بأنه قد تم إجراء عمليات قسطرة ناجحة عن طريق الروبوت لمرضى في الإمارات تتراوح أعمارهم بين 49 و79 سنة، ويقول الأطباء أنّ الروبوت يجري عمليات القسطرة القلبية بإشراف طبيب ذي كفاءة عالية.
حيث يتميز الروبوت الطبي بالكثير من الميزات منها الدقة الكبيرة، والكفاءة المتقدمة في زراعة الدعامات صغيرة الحجم، وأداء مهام أساسية وفي غاية الدقة، وذلك ضمن مساحة صغيرة جداً، كل ذلك من دون أن ترتعش أصابعه كما يحصل إذا أصيب الطبيب البشري بالإرهاق، وللروبوت الجراح ذراع حساسة جداً تستطيع التحرك بحذر داخل جسم الإنسان، مع إحداث أقل أضرار ممكنة للخلايا والأنسجة الكثيرة التي تحتك بها أثناء إجراء العملية، كما أن الروبوت يقلل من درجة الألم التي يعاني منها المريض أثناء خضوعه للعملية الجراحية، وبالتالي يقلل من المضاعفات ويزيد من سرعة شفاء المريض.
وكما أنّ الإمارات تحتل المرتبة العشرين حول العالم في تطبيق هذه التقنية، وبدأ مستشفى حتا في دبي باستخدام طبيب الروبوت للمساهمة في تطوير مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، ويعدّ نظام (دبي روبو دوك) (Dubai Robo Doc) جزءً من مخطط جديد يسمح للأطباء بتقييم المرضى عن بعد، حيث إن نظام (دبي روبو دوك) هو مستقبل الرعاية الصحية، وتم تزويده بمميزات عديدة تساعد الأطباء على فحص المرضى عن بعد.
كما أن الأطباء يمكنهم عن طريق هذا النظام الحديث القيام بفحص كل من النتائج المخبرية والصور الإشعاعية والعلامات الحيوية للمريض، وذلك بهدف الحصول على التقييم المناسب عن بعد، كما يمكن من خلاله إعطاء المشورة اللازمة للأطباء في غرفة الطوارىء، كما يمكن تشخيص حالة المريض وهو في غرفة الإسعاف بطريقه إلى المستشفى.