ما هي الآلات التفاعلية في الذكاء الاصطناعي Reactive Machines؟

اقرأ في هذا المقال


يساهم الاقتراب من أنواع الذكاء الاصطناعي في إدراك قدراتها الحالية وما ينتظرها في المستقبل، حيث تقوم أبحاث الذكاء الا

صطناعي حول مستقبل تقنيات تعلم الآلة وتطورها بما يجعلها تُحاكي الوظائف البشرية، وبالتالي فإن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على تقليد البشر تُعد معيارًا لتحديد أنواع الذكاء الاصطناعي، ويُقاس مدى تطورها بمدى كفاءتها في محاكاة الأداء والوظائف البشرية من حيث التنوع والإتقان، وتُعد أكثرها تطورًا أقربها إلى المستوى البشري. واستنادًا على هذا المعيار، ومن أنواع الذكاء الاصطناعي الآلات التفاعلية (Reactive Machines).

الآلات التفاعلية (Reactive Machines):

تعتبر الأنواع الأساسية لأنظمة الذكاء الاصطناعي أنظمة تفاعلية بالكامل، حيث أنها لا تمتلك القدرة على تكوين ذكريات، وليس لديها القدرة على استخدام التجارب السابقة لإبلاغ القرارات الحالية، حيث يعتبر ديب بلو (Deep Blue)، هو النموذج المثالي لهذا النوع من الآلات أو الأجهزة، فهو الكمبيوتر العملاق الذي يلعب الشطرنج من آي بي إم (IBM)، والذي تغلب على المدافع الدولي غاري كاسباروف (Garry Kasparov) في أواخر التسعينيات.

وقد كان بإمكان هذا الكمبيوتر العملاق ديب بلو (Deep Blue) التعرف على القطع الموجودة على لوحة الشطرنج، ومعرفة كيفية تحريك كل منها، كما كان بإمكانه أن يقوم بالتنبؤات حول التحركات القادمة له، وكذلك التنبؤ بتحركات خصمه التالية، وبذلك استطاع اختيار أفضل التحركات من بين الاحتمالات الموجودة لديه.

إلا أن هذا الكمبيوتر لم يكن لديه أي إدراك للماضي، ولا أي ذكرى لما حدث من قبل، وبصرف النظر عن قاعدة الشطرنج التي نادراً ما كانت تُستخدم ضد تكرار نفس الحركة ثلاث مرات، فقد كان (Deep Blue) يتجاهل كل شيء قبل اللحظة الحالية، وكل ما كان يفعله هو النظر إلى القطع الموجودة على لوحة الشطرنج كما هي في الوقت الحاضر، ومن ثم الاختيار من الحركات التالية المحتملة.

ويرتبط هذا النوع من الذكاء بالكمبيوتر الذي يدرك العالم مباشرة ويتصرف اعتماداً على ما يراه، كما أنه لا يعتمد على مفهوم داخلي للعالم، وفي ورقة بحثية أساسية، قام باحث الذكاء الاصطناعي رودني بروكس (Rodney Brooks) بالإشارة إلى مسألة وجوب بناء آلات مثل هذه الآلات فقط والاقتصار عليها، وقد كان سببه الرئيسي في ذلك، يتمثل في أن الأشخاص ليسوا جيدين بالمقدار الكافي بعد لبرمجة عوالم محاكاة دقيقة لأجهزة الكمبيوتر لاستخدامها.

وهذا ما يسمّى في منحة الذكاء الاصطناعي “تمثيل representation ” العالم، إن هذه الآلات الذكية الحالية والتي تعد بمثابة الأعجوبة بالنسبة لنا، إما أنها لا تمتلك مثل هذا المفهوم للعالم، أو لديها مفهوم واحد محدود للغاية، وهو مخصص لواجباتها الخاصة بها، إذ لم يكن ابتكار تصميم ديب بلو (Deep Blue) من أجل توسيع نطاق الأوضاع المحتملة التي أخذها الكمبيوتر في الاعتبار، بل قام المطورون إلى حد ما بإيجاد طريقة من أجل تضييق نطاق رؤيته، والتوقف عن متابعة بعض التحركات المستقبلية المحتملة، وكل ذلك بناءً على كيفية تقييم نتائجهم.

وبدون هذه القدرة التي مُنحت لديب بلو، كان يجب أن يكون ديب بلو كمبيوتر أكثر ميزات وقدرة أعلى من أجل أن يستطيع التغلب على كاسباروف، وبالمثل فإنه لم يكن من الممكن لبرنامج الكمبيوتر المسمّى (AlphaGo) من شركة جوجل، والذي هزم كبار الخبراء البشريين للعبة اللوحية (Go)، تقييم جميع التحركات المستقبلية المحتملة كذلك، فقد كانت طريقة تحليلها أكثر تعقيداً من الكمبيوتر ديب بلو، وذلك من خلال استخدام شبكة عصبية لتقييم تطورات اللعبة.

ومن الملفت كذلك أن هذه الطرق تعمل على تطوير قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وذلك من أجل أن تقوم بلعب ألعاب معينة ستكون بقدرة أفضل، ولكن لا يمكن تغييرها أو تطبيقها بسهولة على حالات أخرى، كما أنه لا يوجد لهذه التصورات المحوسبة مفهوم للعالم الأوسع؛ ممّا يعني أنها لا تستطيع العمل خارج المهام المحددة التي تم تكليفها بها،  كما أنه من السهولة بمكان خداعها.

لذلك فإنه من المستحيل لهذه الآلات المشاركة بشكل تفاعلي في العالم، بالطريقة التي نتخيلها لأنظمة الذكاء الاصطناعي في يوم من الأيام، بل ستتصرف هذه الآلات بنفس الطريقة تماماً في كل مرة تواجه الموقف ذاته، وربما يكون هذا جيد للغاية، وإلى أن نتأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن الوثوق بها: فلا بد وأنك ترغب في أن تكون سيارتك المستقلة سائقاً يمكنك الوثوق بها، ولكن الأمر سيكون سيئاً من عدة نواحي فيما لو أردنا أن تتفاعل الآلات بالفعل مع العالم و تستجيب له، ولن تكون أبسط أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه مملة أو مهتمة أو حزينة.


شارك المقالة: