شجّع التطور التكنولوجي الهائل في مختلف المجالات على ظهور طرق وأساليب حديثة في التعليم لم تكن موجودة سابقاً ومنها التعليم الإلكتروني، فمع انتشار الإنترنت ودخوله في معظم المجالات وسيطرته على حياة الناس، ظهرت فكرة التعليم عن بعد، وأصبح هناك مؤسسات خاصة بها جذبت الكثير من المهتمين ولا سيما من فئة الشباب.
منصة كايا:
تأسست كايا (Kaya) في العام 2015 تحت مظلة أكاديمية الريادة في العمل الإنساني خلال مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني الذي انعقد في اسطنبول، وهي منظمة غير حكومية غير ربحية، وجزء من منظمة إنقاذ الطفولة، وهي مؤسسة خيرية مسجلة في المملكة المتحدة. تتمثل مهمة أكاديمية القيادة في تدريب عمال الإغاثة للتحضير والاستجابة لمواجهة الأزمات في بلدانهم، تهدف كايا إلى تمكين العاملين في المجال الإنساني وإعدادهم للاستجابة للأزمات في مجتمعاتهم المحليّة.
توفر منصة كايا فرصًا للتعلم عبر الإنترنت والمباشر على حد سواء، فهي منصّة جماعية مفتوحة المصادر (MOOC)، ولقد وصل عدد مُستخدمي المنصة منذ إنشائها قبل عامين إلى 30,000، بالإضافة إلى توفيرها أدوات تعليمية تعمل على التطوير الشخصي والمهني.
المووك (MOOC): هو اختصار للمصطلح الإنجليزي (Massive Open Online Courses) ما يعني المقررات الإلكترونية المفتوحة الواسعة الانتشار عبر الإنترنت، وهي دورات تعليمية أكاديمية عن طريق الويب مقدمة من جهات تعليمية معتمدة أو شركات تجارية موثوقة، فهو يُعد من آخر مراحل التطور فى مصادر التعليم المفتوح أو التعلم الذاتي، فهي مقررات تعليمية افتراضية يشرف عليها جامعات ومؤسسات معتمدة.
كيف تعمل الدورات في منصة كايا؟
تنقسم المساقات المتوفرة على المنصة إلى ثلاثة مسارات رئيسية: أولاً تلك المُخصّصة للمتطوعين، وثانياً المخصّصة للعاملين وثالثاً وأخيراً المخصّصة للإداريين، وكذلك هناك بعض المساقات الهادفة إلى تنمية المهارات البسيطة بشكل عام. تقدم كايا 476 دورة تدريبية ذاتية التوجيه عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الألعاب والاختبارات ومسارات التعلم بدورات أطول وأكثر شمولاً. تسمح كايا للمستخدمين بتتبع تقدمهم على الموقع الإلكتروني ذاته، وتسجل درجاتهم وشهاداتهم وتقترح دورات أخرى قد يكونون مهتمين بها.
ومن ضمن المساقات المتوفرة: إدارة المشاريع وإدارة المخاطر وضمان الأمن والسلامة، أما طريقة التعلمّ ونمطه فإما أن يكون تعليم ذاتياً بحيث يتعلم المتلقي بشكل فردي وعلى حسب وقته أو يكون تعليم مدمج، فيجمع بذلك بين التعلم الذاتي والتعلم التشاركي الذي يفرض على المتعلم حضور (Webinars) أو حلقات نقاشية عبر الإنترنت تكون منظمة ومحددة مُسبقاً، وقد تصل مدة المساق إلى أسبوعين أو ثلاثة كحد أقصى، كما تتعامل الأكاديمية مع مزودي المُحتوى إمّا بالعمل معهم على إنتاج مواد مُخصصة تُحددها الأكاديمية أو بالاستعانة بمواد جاهزة. ومن ضمن المؤسسات التي توفر مواد تدريبية على كايا الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومؤسسة إنقاذ الطفل.
إنّ منصة كايا تُمثل شريكاً أساسياً للتحالف يساهم في تحقيق هدفه بالوصول إلى أكبر عدد من المجتمعات المعرضة إلى المخاطر الطبيعية أو الفقر أو النزاعات السياسية. فهنا تحقق مدى أهمية ترجمة المحتوى إلى اللغة العربية كونها لغة رئيسية في هذا المجال. وعلى الرغم من قلة المحتوى العربي الرقمي إلا أنه يعاني من مشكلات جمة تحتاج إلى معالجة جادة، فالمحتوى العربي على الإنترنت يعاني من فقر شديد في تنوع المحتوى وكافة البيانات أو مصادر المعلومات باللغة العربية التي تُصنع وتُخزن وتُعرض في صيغة إلكترونية رقمية على الإنترنت، بلغة الأرقام سنجد الأرقام والنسب متواضعة، على الرغم من أن اللغة العربية ذات تاريخ عريق.
إنتاج محتوى باللغة العربية في منصة كايا:
رغم أنّ مُعظم المساقات المُتاحة على المنصة متوفرة باللغة الإنجليزية ومن ثم الفرنسية، إلا أنّ المحتوى العربي يأتي في أعلى سلم أولويات الأكاديمية التي سبق وباشرت بتعريب الكثير من المساقات المقدمة. وأنّ هذه المساقات المترجمة بالعربية ستزداد في المرحلة المُقبلة خاصة بعد أن أجرت الأكاديمية دراسة تقييمية ساهمت في تحديد المحاور التي يسعى العاملون في القطاع الإنساني في كل من الأردن وسوريا ولبنان، إلى تعلمها. ولقد أوضحت نتائج الدراسة أن المحاور التالية هي الأكثر احتياجاً للتعلم في الدول الثلاث: إدارة المشاريع، الرصد والتقييم، كتابة العروض وإدارة الضغوط.
وفي هذا الجانب تعمل الأكاديمية في الوقت الحالي على تطوير مواد باللغة العربية تتوافق مع هذه الاحتياجات بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت ومعهد الصحة العالمي، فبحسب أولويات الأكاديمية لا بد من توفير اللغة العربية، كإحدى اللغات لا تنكر صعوبة تعريب أو إنتاج محتوى باللغة العربية في المجال الإنساني، الذي يستند إلى مصطلحات أجنبية في معظم الأحيان، خاصة وأن اللهجات والثقافات المختلفة ضمن المنطقة العربية تشتت عملية الترجمة.