منظومة عصبية إلكترونية تتفوق على حاسة اللمس البشرية

اقرأ في هذا المقال


كيف ندرك ونُفسّر أعداداً لا تحصى من المحفّزات الحسية للإدراك ثراء عالمنا المادي؟ لقد صنف أرسطو اللمسة إلى جانب كل من الرؤية والسمع والشم والذوق، كواحدة من الحواس الخمس الرئيسية في جسم الإنسان. ومع ذلك في عام 1842، كان (Johannes Muller) هو الذي قدّم مفهوم الطرائق الحسية (Müller ، 1842).

مّما دفعنا إلى التساؤل عمّا إذا كانت الأعصاب التي تنقل أنواع مختلفة من اللمس تظهر خصائص فريدة. في الواقع، يمكن أن تكون الأحاسيس القادمة من كم هائل من المستقبلات الحسية، هي الخلايا العصبية الحسية الكامنة في جلدنا والمختلفة في نوعها، حيث إن فهم كيفية إدراكنا للعالم المادي والتفاعل معه متفرع من فهمنا للخلايا العصبية الحسية الخاصة باللمس.

منظومة عصبية إلكترونية أسرع من الجهاز العصبي الحسي البشري:

نحن البشر نستخدم إحساسنا باللمس لإنجاز جميع مهامنا اليومية باختلافها، من التقاط الأشياء باختلافها من فنجان القهوة والمصافحة، وبفقداننا لهذا الشعور سنفقد إحساسنا بالتوازن كذلك عند المشي، وسينطبق ذلك الأمر كذلك على روبوتات الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى الشعور، وذلك من أجل أداء مهامها والتفاعل بشكل أفضل مع البشر، لكن الروبوتات اليوم لا تزال تفتقر للشعور بالأشياء بشكل جيد.

قام الموقع الإلكتروني (Science Daily) المتخصص في التقنيات الحديثة، بالإبلاغ عن الابتكار الذي حققه الأستاذ المساعد (Benjamin Tee) وفريقه من قسم علوم المواد والهندسة في كلية الهندسة في جامعة سنغافورة الوطنية، ولأول مرة في المجلة العلمية المرموقة (Science Robotics) في 18 يوليو 2019، حيث حقق نظام الجلد الإلكتروني الجديد استجابة فائقة ومتانة عالية ضد الضرر، كما يمتاز بإمكانية إقرانه بأي نوع من طبقات جلد المُستشعرة، ليعمل بشكل فعّال كجلد إلكتروني.

أوضح الأستاذ المساعد (Benjamin Tee)، الذي كان يعمل على تقنيات الجلد الإلكترونية لأكثر من عقد على أمل إعطاء الروبوتات والأجهزة التعويضية شعوراً أفضل باللمس، فهو استوحى ذلك من الجهاز العصبي الحسي البشري، وقد أمضى فريق الباحثين في جامعة سنغافورة الوطنية (NUS) عاماً ونصف بهدف تطوير نظام استشعار يمكن أن يؤدي المهام بشكل أفضل.

بينما يكتشف الجهاز العصبي الإلكتروني (ACES) إشارات مثل الجهاز العصبي الحسي البشري، فهو يتكون من شبكة من أجهزة الاستشعار المتصلة عبر موصل كهربائي واحد، فهو يختلف بذلك عن الحزم العصبية في جلد الإنسان. وكما يختلف كذلك عن الجلد الإلكتروني المتوفر في الأجهزة التي لديها أنظمة أسلاك مترابطة يمكن أن تجعلها أكثر عرضة للضرر وصعبة التوسع والتمدد.

وبتوضيح الإلهام الذي توصل له الأستاذ المساعد (Benjamin Tee) في معهد (NUS) للابتكار والتكنولوجيا الصحية (iHealthTech)، ومعهد (N.1) للصحة وبرنامج الأنظمة الإلكترونية المرنة المتكاملة المختلطة (HiFES)، أنّ الجهاز العصبي الحسي البشري فعّال للغاية، ويعمل طوال الوقت إلى الحدّ الذي نأخذه في كثير من الأحيان كأنه أمر مُسلّم به، دون التّفكّر في تركيبه، كما أنه يُعد قوي في إحساسنا باللمس ضد الضرر، حتى في حالات الإصابات والجروح. فماذا لو تمكنا من تقليد كيفية عمل نظامنا البيولوجي وجعله بأفضل صورة، حيث يمكننا تحقيق تقدم هائل في مجال الروبوتات في حين يتم تطبيق ذلك في الجلود الإلكترونية.

يمكن للجهاز العصبي الإلكتروني (ACES) اكتشاف اللّمسات بشكل أسرع بأكثر من 1000 مرة، من الجهاز العصبي الحسي البشري. وعلى سبيل المثال، إنها قادرة على التمييز بين جهات الاتصال الجسدية بين أجهزة استشعار مختلفة في أقل من 60 نانو ثانية، وهي الأسرع على الإطلاق لتقنية الجلد الإلكترونية، حتى مع وجود عدد كبير من أجهزة الاستشعار. يمكن كذلك للبشرة التي تدعم (ACES) تحديد شكل الأجسام وملمسها وصلابتها بدقة خلال 10 مللي ثانية، وهو بذلك أسرع بعشر مرات من رمشة العين. يتم تمكين ذلك من خلال الدقة العالية وسرعة الالتقاط لنظام (ACES).

كما يمكن تصميم منصة (ACES) لتحقيق متانة عالية للتلف المادي، وهي خاصية مهمة للجلود الإلكترونية، لأنها تدخل في الاتصال الجسدي المستمر مع البيئة، بما فيها من عوامل قد تعرض هذا الجلد الالكتروني للضر أو التلف. على عكس النظام الحالي المستخدم لربط المستشعرات في الأسطح الإلكترونية الموجودة، يمكن توصيل جميع المستشعرات في (ACES) بموصل كهربائي مشترك مع كل مستشعر يعمل بشكل مستقل. وهذا يسمح للجلود الإلكترونية التي تدعم (ACES) بمواصلة العمل طالما هناك اتصال واحد بين المستشعر والموصل؛ ممّا يجعلها بذلك أقل عرضة للتلف.


شارك المقالة: