بعد ثورة البيتكوين التي حققتها البلوك تشين، بدأت الأنظار تتجه نحو هذه التقنية التي أثبتت نجاعتها، وكثرت محاولات استغلالها في عدة مجالات، من بينها مجال التعليم العالي. فعلى الرغم من أن تقنية البلوك تشين موجودة منذ 10 سنوات، ناهيك عن اعتماد البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية في بعض المجالات الاقتصادية، إلا أن قطاع التعليم العالي ما زال يجد صعوبة في فهمها واستغلالها.
هل تعتبر البلوك تشين ثورة في مجال التعليم العالي؟
في الحقيقة، بإمكان العملة الرقمية بيتكوين إحداث ثورة في مجال التعليم العالي، نظراً لأنها ستقدم حلولاً لمشاكل تتعلق أساسا بصرف المنح والمساعدات المالية للطلبة، وغيرها من المعاملات الأخرى. كما يمكن استغلال تقنية البلوك تشين في تخزين البيانات الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي، فضلاً عن تسهيل عملية حصول الطلبة على كشف الأعداد والشهادات العلمية.
قبل الخوض في تفاصيل هذه المبادرة، يجب التذكير بأن البلوك تشين تعتبر ثورة نوعية في تكنولوجيا المعلومات؛ فهي تقنية تهدف لتخزين والتحقق من صحة وترخيص التعاملات الرقمية على شبكة الإنترنت، بدرجة أمان عالية وتشفير من المستحيل اختراقه، مقارنة بالتقنيات المتوفرة حالياً. فضلاً عن ذلك، تتيح تقنية البلوك تشين تبادلاً آمناً للأصول القيّمة مثل الأموال أو الأسهم أو حتى البيانات السرية. وخلافا لأنظمة التبادل التقليدية، لا حاجة لوسيط أو نظام تسجيل مركزي لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها البعض.
في هذا السياق، يجب التنويه بأن تقنية البلوك تشين يمكن أن تحدث نقلة نوعية في عملية إصدار الشهادات العلمية، وبطاقات الأعداد للطلبة، من قبل المؤسسات الجامعية، خاصة فيما يخص الطلبة الأجانب، الذين يتكبدون عناء إرسالها المكلف والذي يتطلب وقتاً طويلاً. كما يمكن أيضا لتقنية البلوك تشين توفير منصة مشتركة خاصة بتخزين البيانات الدراسية لأغراض مهنية وتبسيط تنقل الطلبة بين مختلف المؤسسات أو المناطق.
من جهة أخرى، يمكن لتقنية البلوك تشين أن تساهم في إدارة المنح والمساعدات الحكومية للطلبة، إذ تمكن من تحديث السجلات الرقمية عوض إرسال تقارير دورية عن أداء الطلبة وملاحظات الجامعات، وبالتالي تسهيل عملية إسناد المنح لمستحقيها، حسب المعايير المطلوبة.
كما يمكن للطلبة، الأجانب الاستفادة من تقنية البلوك تشين في دفع الرسوم الدراسية بصفة فعّالة وغير مكلفة عن طريق البيتكوين ومع ذلك، لا تعد هذه الوسيلة رائجة في المؤسسات الجامعية لكنها بدأت تحظى باهتمام تدريجي.
وخير مثال يحتذى به في توظيف تقنية البلوك تشين في مجال التعليم العالي، جامعة نيقوسيا في قبرص، التي تعد أول جامعة في العالم تعتمد البيتكوين في تسديد الرسوم الدراسية. وفي هذا الإطار، صرح المدير المالي لجامعة نيقوسيا قائلا: نحن ندرك أن العملات الرقمية تمثّل تطوراً تكنولوجياً لا مفرّ منه من شأنه أن يؤدي إلى ابتكارات كبيرة في التجارة الإلكترونية، والنظم المالية، والمدفوعات الدولية، والتحويلات المالية والنمو الاقتصادي الشامل.