هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؟

اقرأ في هذا المقال


نسمع كل يوم تقريبًا عن الإيجابيات والدور الفعّال الذي نشهده من الابتكارات والتقنيات الحديثة التي نشهدها في وقتنا الحالي، وكما نسمع الجانب الآخر من التحذيرات من خطر الذكاء الاصطناعي، وتوقع الفيزيائيين والخبراء في التقنيات المتقدمة بتراجع مكانة البشرية؛ وذلك كنتيجة لتقدم الذكاء الاصطناعي العام والبرامج الذكية التي تصمم وتطور ذاتها، ويرى البعض أننا سنصل قريبًا إلى المتفردة التقنية لنتوحد مع الآلة ونتطور، ولكن هل ستتجسد هذه الأفكار على أرض الواقع؟

ماضي الذكاء الاصطناعي:

في الواقع هذا الخوف من تقنيات الذكاء الاصطناعي لا صحة له في واقعنا، حيث أنّ الذكاء الاصطناعي ودراسته تشمل العديد من الفروع العلمية باختلافها، وذلك من علوم الحاسوب والرياضيات وعلم النفس وعلم الأعصاب، وكما تهدف هذه الدراسات بأن يكون طلابها قادرين على تطوير آلة قادرة على تقليد الوظائف العقلية البشرية كالتعلم وحل المشكلات، ولكن لم تتحقق التوقعات الضخمة في هذا المجال.

إذ توقّع أحد مبتكري علم الذكاء الاصطناعي سابقاً، أنه باستطاعة الآلات أن تقوم بأداء كافة الوظائف التي يقوم بها الإنسان والبشريّة وذلك في ثمانينيات القرن الماضي، وكما توقع أحد رواد الشبكات العصبيّة، الوصول إلى ذكاء اصطناعي عام خلال جيل واحد، لكن يبقى التنبؤ صعب جدًا، خاصةً حول المستقبل، ومع هذا أصبحت قدرات الذكاء الاصطناعي تشمل كافة القطاعات باختلاف أهدافها، وذلك من التعرف على اللغة والتفوق في الألعاب الاستراتيجية كالشطرنج.

العصبونات الجديدة:

يشهد الذكاء الاصطناعي وتقنياته المتقدمة تطوراً بمعدلات متسارعة، حيث قد تم إطلاق ثورة جديدة فيه، وذلك في العام 2009 بتحقيق التعلم السريع بالشبكات العصبية العميقة، حيث يتكون الذكاء الاصطناعي من مجموعة كبيرة مترابطة من الوحدات الحاسوبية المسماة العصبونات الاصطناعية، وذلك تشبّهاً بعصبونات الدماغ البشري، حيث يحاول العلماء تدريبها على التفكير بحلول للمسائل المختلفة.

حيث يقدم العلماء على سبيل المثال صور لأنسجة بشرية، يكون بعضها مصاب بالسرطان وبعضها سليمة، ليتم عرضها على العصبونات الافتراضية، وذلك بهدف أن تتعلم الفرق بين النسج السليمة والأنسجة المصابة، ومن ثم يتم تكرار هذه الخطوات حتى تصل هذه الشبكة العصبونات إلى الإجابة الصحيحة، وينتج عن ذلك شبكة تؤدي عمل اختصاصي علم الأمراض، حيث يتم معاينة النسج لمعرفة إن كان المريض مصابة بالسرطان.

ويشبه الأمر بمراحله وطريقة عمله، طريقة تعلم الطفل لآلة موسيقية ما، فهو بهذه الخطوات مستمر في إعادة التدريب على النغمة حتى يتقنها، وأصبحت الشبكات العصبية العميقة عمليةً، وذلك بعدما قام العلماء باستخدام معالجات متعددة في بطاقات الفيديو خلال تدريبها، وأحد شروط نجاح التعلم العميق هو وجود كمية كبيرة من المسائل المحلولة، لتتمكن الشبكات العصبية من خلال استخدامها القيام بتصنيف الصور والتعرف على الأصوات والترجمة.

الذكاء الاصطناعي والحس الفكاهي:

أشار الباحثون إلى أنه من المفترض أن لا نقارن ونبحث عن الفروقات السطحية بين الذكاء الاصطناعي والدماغ البشري، وباشروا بإعطاء قاعدة نظرية لفكرة الذكاء، فالتقنيات الحديثة بالنسبة إلى هؤلاء الباحثين هو مُختبر يَسمح باكتشاف طُرق جديدة لتطوير الفكر، وقد أثبتوا من خلال بَرامجهم أنّ في بعض النشاطات مثل الألعاب حيث كان يُعتقد أن الذكاء ضروري، حيث استطاع الكمبيوتر التّفوق على الكائن البشري في كثير من الأمور.

تكمن فعالية تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذها للمهام المطلوبة منها على الوجه الأمثل، وتنفيذها على وجه التحديد، حيث لم يشهد العلماء أي تحسّن أو تطوير ذاتي في فهم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعاني الصور والنصوص مثلاً، وإذا قمنا بعرض برنامج الرسوم المتحركة على شبكة عميقة مدربة، فيمكنها التعرف على الأشكال والأشياء، كالورود والحيوانات والإنسان، ولكنها لن تفك شفرته، ولن تتمكن من إدراك الفكاهة فيه، وحين تستخدم الشبكات العصبية لاقتراح أساليب كتابة أفضل للأطفال، فتقدم أدواتنا تحسينًا في الشكل والتهجئة والقواعد بشكل جيد، ولكنها عاجزة عندما يتعلق الأمر بالبنية المنطقية والتفكير وتدفق الأفكار.

الروبوتات تسرق عملك:

في واقعنا الحالي ليس هناك أي أخطار أو تخوفات حقيقية من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خلافاً لما قد أثارته قدرات الذكاء الاصطناعي في قصص وأفلام الخيال العلمي من مجموعة من النقاشات الفلسفية العميقة حول هذه المخاوف، لكننا بعيدون عن الوصول إلى ذكاء الاصطناعي القادر على تحسين وتطوير ذاته، وذلك للوصول إلى الذكاء غير المحدود.

ولا ننكر أن الشبكات العصبية العميقة قادرة على تحقيق العمل بوظائف، وهي في الواقع وظائف قد يعمل بها العديد من البشر، ما يعرض العمال والأطباء وأساتذة علم الحاسوب لخطر فقدان أعمالهم، وقد يشكل الذكاء الاصطناعي خطرًا عظيمًا إن استخدمه المجرمون، وقد تستخدم لعرض الأخبار المصممة للتلاعب بآراء الجمهور.


شارك المقالة: