الكتل الهوائية في الوطن العربي

اقرأ في هذا المقال


ما هي أنواع الكتل الهوائية في الوطن العربي؟

إن الكتل الهوائية تُعرف بأنها عبارة عن كتل كبيرة ضخمة من الهواء تكون فوق مساحة واسعة، يكون لها خصائص وصفات تكون متلائمة من حيث درجة الحرارة والرطوبة وذلك عند كل مستوى أفقي من مستوياتها، حيث تتعرض مناطق مختلفة لحدوث الكتل الهوائية، فإن الموقع الجغرافي للعالم العربي يُعرضه لتأثير جميع أنواع الكتل الهوائية المعروفة تقريباً، ولكن أكثر هذه الأنواع انتشاراً وتأثيراً هي الأنواع التالية:

  • الهواء المداري القاري: حيث أنه من أهم الأنواع وأكثرها تأثيراً، يعود ذلك إلى أن العالم العربي يقع في العروض المدارية والمعتدلة الدافئة، وأيضاً إلى طبيعة أرضه وموقعه القاري، حيث يكاد هذا النوع يكون هو نوع الهواء الوحيد الذي يسيطر خلال فصل الصيف على مناخ أغلب البلاد العربية التي تقع إلى الشمال من خط عرض 15 درجة شمالاً، بل أن هذا العالم يعتبر أيضاً من أهم الأماكن نشأة لهذا الهواء.
    ولكنه كثيراً ما يصل إليه كذلك من الأقاليم القارية التي يكون وقوعها في شماله أو في شماله الشرقي، كما أنه في العادة يصل على شكل رياح شمالية أو شمالية شرقية ذات تأثير ملطف على حرارة فصل الصيف، إلا أن صفاته تكون مختلفة بعض الشيء من مكان إلى آخر، ويعود ذلك إلى حسب طبيعة السطح الذي يمر فوقه، فإذا كان مروره على مسطحات مائية فإنه يكتسب بعض الرطوبة في أقسامه السفلى بينما تبقى قطاعاته العليا جافة.
    وكثيراً ما يُسبب هذا الهواء في تكون الضباب أو الشابورة على بعض السواحل خلال ساعات الصباح الباكر، ولكن على الرغم من أن الرطوبة النسبية لمثل هذا الهواء تصل إلى مائة في المائة أحياناً، فإنها لا تؤدي في العادة إلى تكون سحب كثيفة؛ وذلك لأن الطبقة الهوائية الرطبة تكون في العادة رقيقة.
  • الهواء المدارى البحري: حيث أن أهم مصادر هذا الهواء هي المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، فإن المحيط الأطلسي هو مصدر الهواء الذي تحمله الرياح الغربية إلى المغرب الغربي وإلى شمال ليبيا وشمال مصر، كما أنه هو مصدر الهواء الرطب الذي يصل إلى أواسط السودان وشماله خلال فصل الصيف وإلى أجزائه الجنوبية في أغلب شهور العام، وهو أيضاً مصدر الأمطار التي تهطل على كل هذه الأماكن، كما أن بعض هذا الهواء يمر على هضبة الحبشة والبحر الأحمر خلال فصل الصيف.
  • الهواء القطبي القاري: حيث أن المصدر الأساسي للهواء القطبي القاري هو السهول الشمالية لأوروبا وآسيا، حيث يرتبط وصوله إلى الأقسام المختلفة للوطن العربي بمرور المنخفضات الجوية التي يكون تكونها على حوض البحر المتوسط أو على جنوبي أوروبا أو شمالي أفريقيا، ولهذا فإن كثرة وصول الهواء وقوة تأثيره تكون متوقفة على كثرة حدوث هذه المنخفضات وعلى طبيعتها، وذلك من حيث العمق وشدة انحدار الضغط الجوي نحو مركزها.
    كما أن طبيعة هذا الهواء تتباين من فصل إلى آخر، فإن الهواء الذي يصل خلال فصل الشتاء يكون في العادة ذات برودة شديدة، حيث يؤدي إلى حدوث موجات باردة تكون غير عادية، ومن الممكن أن تنخفض درجة الحرارة عند وصوله إلى أقل من درجة التجمد حتى في الأقسام الوسطى والشمالية من شبه الجزيرة العربية، وفي جنوب العراق وشمالي الخليج العربي، ومن الممكن أن تصحبه في بعض الأحيان عواصف ثلجية تكون مدمرة في البلاد الشمالية من المشرق العربي وخصوصاً في كل من سوريا ولبنان.
    أمَّا في البلاد التي تكون واقعة إلى الجنوب من البحر المتوسط، فإن موجات البرد التي يأتي بها هذا الهواء تكون أقل قسوة منها في البلاد التي تقع إلى الشرق منه؛ وهذا لأن مروره على مياه البحر المتوسط الدافئة نسبياً يعمل على تخفيف حدة برودته، وعلى زيادة نسبة الرطوبة في قطاعاته السفلى بدرجة تجعله يشبه الهواء القطبي البحري، ولهذا فإنه يسبب في تكوين كل من الضباب والسحب المنخفضة، وقد يؤدي إلى هطول الأمطار.
    حيث تتوقف الفترة التي يستمر فيها غزو الهواء القطبي لأي مكان على فترة بقاء المنخفض الجوي الذي أدى إلى وصوله متمركزاً في مكانه، فعلى الرغم من أن أغلب المنخفضات الجوية تبقى تتحرك من جهة الغرب إلى جهة الشرق، فإن بعضها قد يتوقف في مكان واحد لعدد من الأيام، وكما أن جزيرة قبرص تعتبر من أشهر المراكز التي تتوقف عندها المنخفضات الجوية في بعض الأحيان لعدد من الأيام، فيؤدي هذا إلى استمرار الاضطرابات الجوية التي ترتيط بها طول مدة توقفها.
    وكما تتباين هذه الاضطرابات من مكان إلى آخر؛ وذلك يعود على حسب موقع كل مكان منها بالنسبة لمركز المنخفض الجوي، وقد يسبب تمركز أحد المخفضات النشطة على هذه الجزيرة لعدة أيام إلى اندفاع الهواء القطبي في مؤخرتها باتجاه الجنوب حتى أواسط السودان وأواسط شبه الجزيرة العربية، حيث يقوم بحمل موجات من البرد الشديد إليها.
    والهواء القطبي القاري هو من أحد العوامل المهمة التي تتسبب في حدوث الزوابع الترابية والرملية في أشهر الربيع وأوائل الصيف داخل المناطق الصحراوية والمناطق التي تقع على أطرافها، إذ إن سخونة سطح هذه المناطق تسبب في حدوث حالة من عدم الاستقرار في الأجزاء السفلى من الهواء، ممَّا يعمل على نشاط التيارات الصاعدة التي تكون محملة بالأتربة والرمال الناعمة إلى أعلى، ويساعدها على ذلك أن سطح الأرض يكون جافاً وفقيراً لحياته النباتية وتكون الرمال والأتربة مفتته وسهلة الحركة.
  • الهواء القطبي البحري: حيث أن هذا النوع من الهواء يتم وصوله إلى الوطن العربي من منطقة المحيط الأطلسي الشمالي، وكما هو الحال بالنسبة للنوع القطبي القاري، فإن وصوله يكون مرتبط بنشاط المنخفضات الجوية داخل حوض البحر المتوسط والأماكن التي تحيط به، وذلك باستثناء البلاد المغربية والموريتانية التي من الممكن أن يصلها هذا الهواء من شمالي المحيط الأطلسي بشكل مباشر.
    فإن وصوله إلى باقي الوطن العربي يكون ذلك عن طريق أوروبا والبحر المتوسط، حيث أن صفاته تكون معدلة بعض الشيء، ولكنه يبقى مع ذلك محتفظاً بأغلب صفاته الأساسية من حيث شدة البرودة وارتفاع نسبة الرطوبة، ويصل هذا الهواء في العادة عند مرور الجبهة الباردة أو بعد مرورها مباشرة، حيث أنه المسؤول عن تكون السحب وهطول الأمطار التي تمتاز بها هذه المرحلة من مراحل المنخفضات الجوية، حيث أن مرورها على سطح مياه البحر المتوسط الدافئة يعمل على الزيادة في رطوبته وعلى وجود حالة من عدم استقرار بها، والموسم الأساسي لوصول هذا الهواء هو فصل الشتاء وأوائل فصل الخريف.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: