ما هو المناخ المداري؟
إن هذا المناخ يوجد في نصف القارة الأفريقية إلى الشمال وإلى الجنوب مباشرة من المناخ الاستوائي، حيث أنه يضم نطاق السودان في الشمال وجزءاً كبيراً من هضبة أفريقيا الجنوبية في الجنوب، كما يحدث الانتقال بين هذا المناخ وبين المناخ الاستوائي من جهة، وبينه وبين المناخ الصحراوي من جهة أخرى تدريجياً بشكل عام، والمناخ المداري القاري هو الذي يعرف باسم مناخ السفانا، ومن أهم ما يمتاز به هو وجود فصل ممطر خلال فصل الصيف وفصل جاف خلال فصل الشتاء.
كما يزداد طول هذا الفصل الأخير كلما قمنا بالابتعاد عن خط الاستواء حتى نصل إلى المناخ الصحراوي، والأمطار التي تهطل في هذا الإقليم لا تختلف في نوعها عن أمطار المناخ الاستوائي، فهي تهطل نتيجة التيارات الصاعدة التي ترافق الضغط المنخفض الاستوائي، حيث أن الضغط الذي يتحرك باتجاه الشمال في فصل الصيف وباتجاه الجنوب في فصل الشتاء، وهذا التحرك هو الذي يكون مسؤول عن التوزيع الفصلي للأمطار في مناخ السفانا، ولكن يلاحظ أن كمية المطر تختلف من مكان إلى آخر وذلك بحسب نظام التضاريس أولاً، وأيضاً على حسب البعد عن خط الاستواء.
كما أن المناخ المداري البحري يكون حدوثه داخل المناطق الساحلية الشرقية في كل من كينيا وتنجانيقا وموزمبيق، وهو يختلف عن المناخ المداري القاري في أن أمطاره تهطل طول العام، وأنها لا تهطل بسبب التيارات الهوائية الصاعدة وحدها؛ إذ إن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية التي تحمل رطوبة تحدث على هذه السواحل من المحيط الهندي طول العام، وتكون السبب في هطول معظم الأمطار، ولكن يلاحظ إلى جانب ذلك بأن كمية كبيرة من الأمطار التي تهطل خلال فصل الصيف على الجزء الشمالي من هذه السواحل يكون سببها حركة التيارات الهوائية الصاعدة النشطة التي تنشط عندما يتحرك نطاق الضغط المنخفض الاستوائي إلى الجنوب في فصل الصيف (الجنوبي).
أمَّا درجة الحرارة فإنها تكون مرتفعة طول العام، حيث أنها لا تختلف كثيراً عن درجة الحرارة في المجال الاستوائي، وذلك من حيث ارتفاعها وعدم وجود فرق كبير بين حرارة فصل الصيف وحرارة فصل الشتاء، وهذا يختلف عما نلاحظه في المناخ المداري القاري، كما أن الحياة النباتية في هذا المناخ تتكون من غابات كثيفة لا تتباين كثيراً عن الغابات الاستوائية الماطرة.
أمَّا المداري الصحراوي يحدث في الصحراء الكبرى التي تشغل أغلب شمال القارة ما بين مناطق السفانا من جهة الجنوب وساحل البحر المتوسط من جهة الشمال، كما يحدث في جنوب القارة، حيث توجد صحراء كالاهاري وصحراء ناميبيا الساحلية، وأهم ما يمتاز به هو ارتفاع درجة الحرارة بشكل خاص في أثناء النهار في فصل الصيف، حيث تصل تقريباً إلى 49 درجة مئوية أو أكثر، وكما أن المدى اليومي والفصلي لدرجة الحرارة أكثر في هذا المناخ منه في أي نوع مناخي آخر.
أمَّا الأمطار فهي تكون معدومة أو نادرة إلا في بعض الأماكن القليلة تلك التي يرتفع فيها سطح الأرض، كما هو الحال داخل منطقة هضبة الهوجار، ففي هذه المناطق يحدث هطول لبعض الأمطار التي تعمل على ظهور عدد من الواحات والرياح السائدة على الصحراء الكبرى في أغلب أيام العام هي الرياح التجارية الشمالية الشرقية، وهي ذات جفاف شديد؛ بسبب مرورها على مساحات واسعة من اليابس ولهبوبها باتجاه مناطق تكون أشد حرارة بشكل عام من المناطق التي تأتي منها، ومع ذلك فإن هذه الرياح تعمل على هطول بعض الأمطار، إذا صادفت أرضاً عالية، كما يحدث على هضبة الهوجار وتيبستي.
كما أننا نلاحظ أن السواحل الغربية للصحراء الكبرى أقل حرارة من باقي الصحراء؛ والسبب في ذلك أنها تتأثر بتيار الكناريا البارد، كما يكثر ظهور الضباب بالقرب من هذه السواحل؛ حيث يعود السبب إلى مرور الهواء على المياه الباردة، ومثل هذا يمكن أن يقال كذلك على صحراء ناميبيا التي يمر بالقرب منها تيار بنجويلا البارد.
كما نلاحظ بأن صحراء كلهاري وصحراء ناميبيا أقل جفافاً بشكل عام من الصحراء الكبرى، حيث يرجع ذلك إلى ضيق القارة وارتفاع مستوى سطحها عنه في الشمال، كما أن الحياة النباتية داخل الصحراء فقيرة جداً، وإن وجدت فإنها تكون عبارة عن نباتات شوكية من الأنواع التي تستطيع تحمل الجفاف، ولكنها تكثر نوعاً ما في الواحات وفي المناطق الانتقالية بين الصحراء والسفانا.