تطور علم الجيومورفولوجيا:
إن أهمية مراجعة تطوّر أو تاريخ أي علم، بإلقاء النظر على مدى ديناميكية هذا العالم ومدى استيعابه للتغيرات العلمية. ويمكن متابعة التطوّر العلمي لعلم الجيومورفولوجيا، عن طريق إزدياد حجم أعمال علم الجيومورفولوجيا وعدد الدارسين لهذا العلم.
وكذلك مدى إضافة أقاليم وتجدد المواضيع التي تم دراستها وأماكن أخرى للبحث الجيومورفولوجي. كما أن تطوّر أساليب الدراسة والسعي لبناء أفكار ونظريات متجددة، يمكن أن يُصبّ في تميّز تطبيق واستخدامات نتائج الدراسات الجيومورفولوجية في الميادين المختلفة.
وفي ضوء ذلك يمكن أن نميّز المراحل التاريخية التي تطوّر علم الجيومورفولوجيا من خلالها:
- المرحلة القديمة: تَبرز في هذه المرحلة أعمال الإغريق هيرودوت وأرسطو وسترابو، حيث تمتد إلى العصور الوسطى وعصر النهضة التي ظهرت خلالها. أيضاً مساهمات العرب المسلمين كابن سينا، الخوارزمي، ابن خلدون، المسعودي وإخوان الصفا.
وطرح هؤلاء بعض الأفكار الجيومورفولوجية التي تُفسّر تكوّن الجبال، شكل التضاريس، مصادر المياه الجوفي، أنواع الصخور وتكوّنها، تغيّر مستوى البحر، أشكال القارات والبحار وعملية الحت النهري.
وكثير من أفكار الجيومورفولوجيا اعتمدت على المنطق لتَكوّن أشكال سطح الأرض، حيث تُشكّل نقلة علمية نوعية في الفكر الجيومورفولوجي، في الوقت الذي ساد أوروبا تراجع علمي مثَّلته مدرسة الكوارث الطيعية التي أعاقت قيودها الفكرية أي تقدّم علمي في أوروبا. وإذ يرجع نشأت وتطوّر أشكال سطح الأرض إلى قوى خارقة للطبيعة تعمل بصورة مفاجئة وسريعة. - مرحلة العصور الوسطى: وهي الفترة التي تمتد ما بين 15 إلى 18 الميلادي. وبدأت فيه موجة من التحوّل الفكري الجيومورفولوجي، الذي استفاد من النهضة الصناعية العلمية والكشوف الجغرافية في أوروبا والعالم الجديد. وتمثل ذلك في مساهمات بافون وجيتهارد وديسمارست، حيث تعرَّض هؤلاء لنشاط الأنهار ودورها الحتّي وتراجع الحافات الجبلية ودورة التعرية.
وقد مهَّدت هذه الأفكار لظهور جيمس هاتون الإسكتلندي، الذي شكَّلت أفكاره الجيولوجية نقلة نوعية في تاريخ الجيومورفولوجيا. ولعلّ أهم أفكاره التي ضمنها في كتابة (نظرية الأرض، براهين وتوضيحات) ونشره عام 1795 قوله بأن الحاضر هو مفتاح الماضي.
ووضع بذلك أسس سُمّيَت بالمدرسة الاضطرادية التي تعتمد التطوّر البطيء لأشكال سطح الأرض. وعمل تلاميذ هاتون على نشر أفكاره من خلال أعمالهم مثل: بريفير، رامسي في أوروبا. وقد ركَّز هؤلاء على التغيرات التي تتعرّض لها أكشال الأرض أو خصائصها الجيومورفولوجية، خاصة التي تُكوّنها الأنهار والجُموديات والحت البحري.
كما بدأ يظهر خلال هذه الفترة بعض الكتب المرجعية في الجيومورفولوجيا، منها كتاب بنك بعنوان مورفولوجية الأرض.