المناخ الموسمي في الهند:
مناخ مختلف عن المناخات المدارية من حيث تدرج الحرارة فيه، وهو المناخ المثالي من وجهة النظر الموسمية، ويعتمد على هبوب الرياح الموسمية التي تهب في الفصل الواحد من اتجاه معاكس للاتجاه التي تهب منه في الفصل الآخر، فالمعروف أن الرياح الموسمية توجد في حوض المحيط الهندي، حيث تهب في فصل الصيف من جنوب خط الاستواء كرياح جنوبية شرقية (رياح تجارية)، وعند عبورها خط الاستواء ونظراً لتغير قوة كوريولس، فإنها تنحرف لتصبح جنوبية غربية (موسمية).
هذه الرياح تؤثر على الهند صيفاً حيث يبدأ هبوبها في بداية حزيران، وقد تتقدم أو تتأخر أسبوعين عن موعدها، وتقدمها أو تأخرها يسبب بعض الكوارث خاصة للمحاصيل الزراعية، ويبدو أن تقدم موعدها أو تأخره مرتبط بظهور التيار النفاث الشرقي، حيث يبدأ من فوق جنوب شرق أسيا وينتهي عند سواحل أفريقيا الشرقية، وتقدم هذه الرياح إلى الهند يكون سريعاً، حيث تكون سيطرتها على الهند في منتصف شهر تموز، كما يكون تراجعها بطيئاً، فتبدأ بالانسحاب في بداية شهر أيلول ولا تبعد عن الأراضي الهندية إلاّ في نهاية تشرين الثاني، كما أن أمطارها في فترة الانسحاب تكون أغزر منها في فترة التقدم.
الرياح الموسمية تبدو أكثر وضوحاً في حوض المحيط الهندي مقارنة بالمحيطات الأخرى؛ والسبب في ذلك يعود إلى انغلاق المحيط الهندي من الشمال، ممَّا يؤدي إلى تواجد ماء في الجنوب ويابس واسع في الشمال، لذلك فإن اختلاف التسخين بين الماء واليابس يؤدي إلى إثارة هذه الرياح، كما أن الرياح الموسمية تشبه نسيم البر والبحر ولكن حسب الفصل.
الدراسات الحديثة عن هذه الظاهرة تبين أن السبب ليس فقط في اختلاف التسخين وإنما هناك الاضطرابات الطقسية وموقع التيار النفاث شبه المداري والتيار النفاث الشرقي والتي تلعب جميعها دوراً في مواعيد تقدم وتأخر هذه الظاهرة، لذلك فإن الظاهرة ليست بسيطة كما كنا نتصورها سابقاً.
في الشتاء، يبرد اليابس الآسيوي كثيراً، ممَّا يكون ضغط عالي فوق سيبريا وهضبة التبت تخرج منه رياح شمالية شرقية (رياح تجارية اعتيادية)، بينما يكون الضغط الواطئ على المحيط الهندي الجنوبي نتيجة التسخين، لذلك فالرياح التجارية في نصف الكرة الشمالي لا تتوقف عند خط الاستواء وإنما ستعبره للوصول إلى مركز الضغط الواطئ جنوب خط الاستواء.
الرياح التجارية عندما تعبر خط الاستواء تتحول إلى رياح شمالية غربية بسبب تغير قوة كوريولس، فتُسمَّى بالرياح الموسمية التي تؤثر على شمال استراليا، في هذا الفصل وعلى الهند، تكون الرياح من اليابس إلى الماء فتكون جافة.
في فصل الصيف، فإن الصورة تتغيرتماماً، فنتيجة التسخين واحتماء الهند بجبال الهيمالايا التي تمنع عنها الرياح الباردة من وسط أسيا، فإن مركزاً عميقاً للضغط الواطئ يتشكل في شمال غرب الهند، والباكستان وعلى شمال شرق الهند.
وفي جنوب المحيط الهندي يظهر ضغط عالي، لذلك يكون تحرك الرياح من جنوب خط الاستواء، حيث تكون على شكل رياح تجارية جنوبية شرقية كما تتجه إلى الشمال الغربي، وعند عبورها خط الاستواء تتحول إلى رياح جنوبية غربية ذلك نتيجة تبدل قوة كوريولس، فتصل إلى شبه القارة الهندية من الغرب والجنوب الشرقي، هذه هي الرياح الموسمية الصيفية التي تؤثر على كل من دولة الهند والباكستان.
وإن هذه الرياح في المواسم العادية تصل إلى الهند من جنوبها في 1 حزيران كما يبدو من الشكل إن الموجة الرئيسية تتقدم من خليج البنغال، وتبدأ تقدمها السريع في شبه القارة الهندية، حيث تصل إلى وسط الهند في 10 حزيران وإلى شمال غرب دلهي في بداية تموز، وتصل إلى أقصى شمال غرب الهند وباكستان في 15 تموز، كما تبقى هذه الرياح مستمرة في هبوبها خلال آب ثم تبدأ بالانسحاب أولاً من الشمال الغربي في بداية أيلول، كما أن الانسحاب البطيء يجعلها تصل إلى جنوب دلهي في 1 تشرين الأول، وفي 15 تشرين الأول تنسحب هذه الرياح من كل شمال الهند ويبقى تأثيرها على وسط خليج البنغال وكل وسط الهند، لا تكمل انسحابها من شبه القارة إلا في بداية كانون الأول.
هذه الرياح في تقدمها وانسحابها تسقط منها أمطار كثيفة بسبب أنها تقطع مسافات كبيرة فوق المحيط الهندي ممَّا يجعلها محملة ببخار الماء ولعمق كبير، كما إن سبب تأخر انسحابها هو إن فترة الانسحاب تتلاءم مع فترة نشاط الأعاصير المدارية في خليج البنغال،حيث يساعد على سقوط كميات كثيرة من المطر على المنطقة ويؤخر انسحاب الرياح الموسمية.