ما هو سبر أعماق الأرض؟

اقرأ في هذا المقال


سبر أعماق الأرض:

بالرغم من أن مكوّنات جوف الأرض ليست بعيدة عن مواطئ أقدامنا، فإن خضوعها للملاحظة المباشرة يعتبر محدوداً جداً، فمثلاً عندما نقارن مجهوداتنا المبذولة لأعماق الأرض عن طريق الحفر بما أنجزناه في مجال الفضاء، فإن هذه الحقيقة تبدو جلية وإن الكثير ممَّا نعرفه عن أعماق الأرض يأتي من دراسة الأمواج الأولية أي الموجات التضاغطية والموجات الثانوية أي الموجات القاصة، التي تخترق نطاقات الأرض وتظهر عند نقطة بعيدة عن مصدرها. وبتعبير بسيط فإن هذه الطريقة تعتمد على القياس الدقيق للزمن اللازم انتقال الموجات الاهتزازية، من موقع زلزال أو انفجار نووي إلى محطة رصد زلزالي.
حيث أن الزمن اللازم لانتقال الموجات الأولية والموجات الثانوية عبر الأرض، يعتمد على خواص المواد الصخرية التي تعترض طريقها، فإن علماء الزلازل يبحثون عن مقدار التفاوت في زمن الانتقال الذي لا يمكن أن يعزي إلى الفروق في المسافات المقطوعة، إذ تتناسب هذه الفوق مع الاختلاف في خواص الصُخور، وقد تساعد المقارنة البسيطة على توضيح هذه الطريقة المتبعة لسبر أعماق الأرض.
ولهذا الغرض نفرض أنك تسافر على نفس الطريق كل صباح إلى نقطة معينة وتستغرق هذه الرحلة نفس الفترة الزمنية كل يوم من أيام الأسبوع، ما عدا يوم الجمعة التي تستغرق يومها مدة أطول بعدة دقائق وقد كلّف شخص آخر بتحديد الزمن الذي تستغرقه رحلتك اليومية، دون أن يتبعك ومعرفة سبب الزمن الزائد في رحلة يوم الجمعة. وهل تتوقف في مواقع معينة أو هناك شيء ما يأخرك يوم الجمعة دون الأيام الأخرى.
فلا بُدّ أن يفسر علماء الزلازل التفاوت المشابه في زمن الانتقال وحيث أن الأرض ليست جسماً متجانس التركيب، فإنه يحدث تفاوت في أزمنة الانتقال بأن الموجات المنتقلة عبر نطاقات الأرض تعترض طريقها فروق في طبيعة المواد باختلاف أعماقها. وإحدى المشاكل الهامة هي أنه للحصول على أزمنة انتقال دقيقة، لا بُدّ من تعيين الموقع الصحيح والزمن للحدث الاهتزازي.
وبالنسبة للزلازل فإنه لا يمكن الحصول على هذه المعلومات إلا من الموجات الاهتزازية نفسها، وذلك يجعل قياسها غير مؤكد وعلى عكس ذلك تمتاز التفجيرات النووية على الزلازل يكون الزمن الصحيح. ولكن رغم محدودية الاستفادة من دراسة الموجات الاهتزازية المفاجئة عن الزلازل، فإن علماء الزلازل قد تمكنوا خلال النصف الأول من هذا القرن من تحديد النطاقات الأساسية للأرض.


شارك المقالة: