أسباب التجلد الجليدي:
عُرِف الكثير عن المجالد والتجلد، كما تمَّت معرفة تكوين المجالد وحركتها وأبعادها ماضياً وحاضراً إلى جانب الظواهر التي تصاحبها، سواء كانت نتيجة للتعرية أو للترسيب، غير أنه لم يتم بعد وضع نظرية مقبولة تماماً حول أسباب ظاهرة التجلد. وبالرغم من مرور 150 سنة على اقتراح أجاسيز لنظريته حول الزمن الجليدي، فإنه لم يتفق بعد على مسببات التجلد.
وبينما كانت ظاهرة انتشار الجليد نادرة الحدوث، فإن الزمن الجليدي الذي شمل عصر البلايستوسين لم يكن الوحيد المعروف، فقد دلت على ذلك صُخور التَّل التي اكتشفت في طبقات العصور الجليدية. وتحوي هذه الصُخور حطاماً صخرياً محززاً يعلوه سطح منحدر ومصقول إلى جانب الأحجار الرملية، أو المختلطة التي تبيّن مميزات رسوبيات الجليد المنقول، فقد تم التعرّف على فترتين جليديتين خلال ما قبل الكمبري أولاهما، حوالي بليون سنة مضت والثانية حوالي 600 مليون سنة مضت.
كما تم توثيق فترة جليدية أخرى بصُخور نهاية دهر الحياة القديمة حوالي 250 مليون سنة مضت. ولمحاولة تفسير أسباب العصور الجليدية لا بُدّ من الإجابة على سؤالين أساسيين. والأول ما سبب بداية ظاهرة التجلّد؟ فلتكوين الصفحات الجليدية لا بُدّ وأن يكون متوسط درجة الجرارة أقل ممَّا هي عليه في الوقت الحاضر، بل وأكثر برودة من معظم أوقات الزمن الجغرافي، فلا بُدّ من تفسير مقنع لانخفاض درجة الحرارة تدريجياً إلى أن تصل إلى ظروف التجلد.
والسؤال الثاني، ما هو سبب التبدل من الأزمنه الجليدية إلى الأزمنة البين جليدية والجليدية، المعروفة خلال عصر البلايستوين؟ فبينما يتناول السؤال الأول التغيّر في درجة الجرارة على مدى زمن طويل يقاس بملايين السنين، فإن السؤال الثاني له علاقه بتبدل درجة الحرارة على مدى زمن أقصر بكثير. وبالرغم من أن ما كتب علمياً تناول بغزارة مجموعه كبيرة من الاَراء لتفسير أسباب ظاهرة التجلد، سنتناول هنا فقط بعض الأفكار الرئيسية لمحاولة إعطاء فكرة عامة على ما هو سائد حالياً بهذا الشأن.
وربما كانت أكثر النظريات جاذبية لتفسير سبب انتشار المجالد لمرات قليلة، خلال الماضي الجغرافي هي تفسيرات مبينة على نظرية حركية الألواح، إلى جانب تفسير هذه النظرية للكثير من الظواهر والوسائل التي أُسيء تفسيرها من قبل، حيث قدّمت تحليلاً مقبولاً لبعض التغيرات المُناخية غير المفهومه بما في ذلك ظاهرة التجلد.