العواصف الرملية والترابية:
عواصف قوية تؤدي إلى إثارة الغبار أو الرمال حسب طبيعة سطح الأرض، تكثر هذه العواصف في الفصول الانتقالية، الربيع أو الخريف، ويمكن أن تظهر حتى في فصلي الشتاء أو الصيف، ولكن تكرارها يكون أقل، إن السبب الرئيسي في تكونها هو مرور الجبهة الهوائية الباردة والتي ترفع الهواء عمودياً، ولأن الأرض جافة وذرات التربة أو الرمال مفتتة فإن الهواء السريع يرفع معه التربة والرمال مكوناً عاصفة ترابية أو رملية.
كما يمكن أن تحدث مع سرعة رياح أكثر من 7 م/ ثانية، تعرف العواصف الترابية على أنها إثارة غبار في الهواء تتدنى فيه مدى الرؤية إلى 1000متر كما أن سرعة الرياح تكون أكثر من 7 م/ ثانية، فالتُربة الجافة في المناطق الصحراوية تكون غالباً مفككة، لذلك فإن أي هواء هاب تزيد سرعته عن 7 م/ثانية (السرعة التي يستطيع الهواء بها من حمل ذرات التربة) سيؤدي إلى إثارة غبار، أمَّا العواصف الرملية تختلف عن العواصف الترابية في أن ذرات الرمل تكون أثقل وأكبر من ذرات التراب، لذلك فالرمال في العاصفة الرملية لا ترتفع أكثر من مترينأ كما أن كميات كبيرة من الرمال الأكبر حجماً تتحرك مع العاصفة إما زحفاً أو بالقفز.
لذلك من الممكن أن تهب العاصفة الرملية فتغطي الجسم إلى الأكتاف، ويكون الجو فوق ذلك صافياً، أمَّا العاصفة الترابية فإن صغر ذرات التراب يساعد على أن ترتفع إلى ارتفاعات كبيرة قد تصل إلى مئات الأمتار، كما ينتقل إلى مسافات بعيدة تقدر بآلاف الكيلومترات، لذلك فالعواصف الرملية دائماً تكون محلية، في حين أن العواصف الترابية تكون محلية أو إقليمية (منقولة من مناطق أخرى)، حيث تشير الدراسات إلى أن الرياح بسرعة 56 كم/ساعة تستطيع أن تعري 18 كغم/ مترمربع وإن رياح بسرعة 81.5 كم/ساعة تعري ۳٦ كغم/متر مربع، أما إذا كانت سرعة الرياح 120 كم/ساعة فإنها تعري ۹۳ كغم/مترمربع.
يلاحظ من الأرقام بأن سرعة الهواء إذا زادت تزيد قدرته على حمل التربة إلى تقريباً أربعة أضعاف، وهذا يعني تعرية عالية وقدرة هائلة على الحمل، لذلك تعاني المناطق الجافة في العالم جميعاً من هذه الظاهرة، كما تشير الدراسات إلى أن كل أنواع المنخفضات الجوية يمكن أن تصاحبها عواصف ترابية، كما وجدت عواصف ترابية مصاحبة لحركة المرتفعات الجوية، ولو أن تكرارها أقل بكثير.
إن طول فترة العواصف الترابية يكون متفاوت بين يوم إلى ستة أيام، فالعواصف الترابية المصاحبة لمرور المرتفع الجوي تكون قصيرة العمر غالباً، بينما العواصف المصاحبة لمنخفض جوي عميق بطيء الحركة تستمر لفترة طويلة، كما يمكن للعواصف الترابية أن تظهر في كل فصول السنة، ولكنها في الفصول الانتقالية تكون أكثر نشاطاً من فصلي الشتاء والصيف وغالباً ما يرافق العواصف الترابية في الشتاء وجود التيار النفاث القطبي؛ نظراً لأنه يساعد على تنشيط حركة التصعيد الهوائي في المنطقة التي يمر من فوقها.
كما أن عواصف الصيف يصاحبها التيار النفاث شبه المداري، حيث أن العواصف التُرابية التي يكون معها توسع علوي تصل فيها الأتربة إلى ارتفاع كبير، ويلاحظ في المناطق شبه الجافة أن هناك علاقة بين كمية الأمطار السنوية وعدد العواصف الترابية المحلية ولأن كثيراً من العواصف الترابية تكون غير محلية فمن الممكن أن تصل عدد من العواصف الترابية إلى هذه المناطق حتى في السنوات المطيرة، فالعواصف الترابية تقطع مسافات الآف الأميال إذا توفرت لها الظروف من حيث استمرار سرعة الهواء المطلوبة.
قامت الأقمار الصناعية برصد عواصف ترابية فوق المحيط الأطلسي ولمسافة كبيرة مصدرها الصحراء الكبرى، كما أن عواصف ترابية تعبر الخليج العربي إلى إيران ويمكن أن تصل إلى أفغانستان. الجفاف وتفكك التُربة وانعدام الغطاء النباتي في المناطق الجافة جميعها عوامل تساعد على حدوث العواصف الترابية، في هذا الوقت تعتبر عوامل التصحر مثل سوء حراثة الأرض وتملحها وتراجع إنتاجيتها والرعي الجائر عوامل مضافة لزيادة عدد العواصف الترابية.
لذلك فإن العواصف الترابية تكثر في كل من الصحراء الكبرى، الصحراء العربية، صحراء بلاد الشام، الصحراء الغربية في العراق، صحراء غوبي (Gobi) في منغوليا، وفي الوقت الحاضر يضاف إليها المناطق المتصحرة والتي بدأ زحف الرمال إليها بسبب التصحر، حيث أن العواصف الترابية يمكن أن تزيد إلى بعض المناطق التربة الخصبة مثل الموجودة في الأمزون، كما يمكن أن تضيف للماء مواد لتغذية الأسماك كما في المحيط الأطلسي، كما يمكن أن تضيف إليها تُربة فقيرة غير مرغوب بها كما يحدث عندما يكون مصدر التُربة المناطق المتصحرة.