مدينة غدينيا في بولندا

اقرأ في هذا المقال


مدينة غدينيا هي واحدة من المدن التي تقع في دولة بولندا في قارة أوروبا، عند زيارة مدينة غدينيا البحرية النابضة بالحياة من الصعب تصديق أنها كانت قرية صغيرة قبل ثمانين عامًا، وفي الوقت الحاضر هذا المرفأ المهم ومركز الأعمال يعج بالحياة، ويمكن أن تكون مدينة غدينيا  وجهة رائعة لأي شخص يرغب في الاسترخاء دون التخلي عن مزايا المنطقة الحضرية النابضة بالحياة مع العديد من فرص الترفيه والنوادي والمطاعم الرائعة.

مدينة غدينيا

مدينة غدينيا هي مدينة وميناء بحري مهم على بحر البلطيق في شمال بولندا، وجنبا إلى جنب مع مدينة غدانسك ومدينة سوبوت والمجتمعات المجاورة فإنها تشكل منطقة حضرية تسمى (Tri-City) ويبلغ عدد سكانها مليون نسمة، حيث تأسست مدينة غدينيا  في عشرينيات القرن الماضي نتيجة لوضع سياسي معين بعد الحرب العالمية الأولى، حيث استعادت بولندا استقلالها بالإضافة إلى الوصول إلى بحر البلطيق لكن غدانسك الميناء التاريخي لبولندا مُنح مكانة المدينة الحرة (Freie Stadt Danzig) وهي حقيقة جعلت نقل البضائع عبر غدانسك أمرًا صعبًا.

لذلك قررت الحكومة البولندية بناء ميناء جديد بالقرب من غدانسك في مدينة غدينيا، وفي ذلك الوقت كانت مدينة غدينيا قرية صيد صغيرة خلابة ويقطنها حوالي 1000 نسمة، وخلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي ظهر أكبر ميناء بحري لبولندا ما بين الحربين، وفي عام 1939 ميلادي قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة أصبح ميناء غدينيا أكثر الموانئ حداثة وأحد أكبر الموانئ على بحر البلطيق.

على مقربة من الميناء تحولت قرية غدينيا الصغيرة بسرعة إلى مدينة نامية ديناميكيًا وزاد عدد السكان إلى 120.000، وتعد مدينة غدينيا اليوم مدينة حديثة ونابضة بالحياة وتتمتع بموقع جميل ضمن مناظر طبيعية ساحلية خلابة، ويبلغ عدد سكانها ربع مليون نسمة، وتعد مدينة غدينيا رمز بولندي للحداثة والآفاق الواسعة والمثابرة في تحقيق الأهداف، وهذه المدينة الشابة الجميلة التي يطلق عليها غالبًا مدينة النجاح ليست اليوم واحدة من أهم الموانئ فحسب، بل هي أيضًا واحدة من أكثر المراكز التجارية ازدهارًا وتوسعًا سريعًا في بولندا، حيث تحتوي على كل ما هو ضروري لتطوير الأعمال.

السياحة في مدينة غدينيا

مدينة غدينيا هي واحدة من أصغر المدن البولندية وهو ما ينعكس في مظهرها وأجواءها، حيث تتم زيارة مركزها الصاخب والميناء بشكل رئيسي في فصل الصيف ،نظرًا لموقعها البحري وشواطئها الرملية الطويلة، وطوال العام يلعب دور أحد الموانئ البحرية الرئيسية في بولندا ومنطقة بناء السفن الرئيسية، وبصرف النظر عن حوض بناء السفن تعد مدينة غدينيا مركزًا مزدهرًا للأعمال وتفتخر بمكانة المدينة البولندية الأكثر ازدهارًا، حيث يساعد قربها من مدينتين أخريين مدينة غدانسك ومدينة سوبوت اللتين تشكلان معًا تكتلًا حضريًا على تطوير النشاط التجاري.

بقدر ما يتعلق الأمر بمشاهدة المعالم السياحية فإن مدينة غدينيا مناسبة بشكل خاص للمعجبين بفن العمارة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي حيث لا يمكنك العثور على أي شيء أقدم هناك، ومناطق الجذب الرائعة في المدينة هي متحفان للسفن والفرقاطة (Dar Pomorza) هدية بوميرانيا والمدمرة (The Lightning) بينما يسمح متحف علم المحيطات والأكواريوم للزوار بتعميق معرفتهم بالبحر.

للحصول على مكان للاسترخاء من الأفضل زيارة محمية (Kepa Redlowska) الطبيعية القريبة أو المناطق المحيطة الجميلة في (Orlowo)، وتتمتع مدينة غدينيا نفسها بحياة ليلية نشطة ومطاعم ممتازة، وعلاوة على ذلك تستضيف المدينة حدثين ثقافيين مهمين مهرجان الأفلام الروائية البولندية وأيام الجاز الصيفية.

جغرافية مدينة غدينيا

تقع مدينة غدينيا على طول خليج غدانسك وهو جزء من بحر البلطيق محمي من شبه جزيرة هيل، والساحل محاط بشاطئ رملي طويل، حيث اختار المهندس الرئيسي للميناء ومؤسسه هذا المكان لأنه كما كتب في عام 1920 ميلادي يدافع هيل عنه من الرياح ،والمياه على شاطئ البحر عميقة والساحل منخفض ويمد نهر كيلونيا غدينيا بالمياه العذبة.

يوجد أيضًا نهر صغير يسمى (Kacza) يعبر المنطقة الجنوبية من المدينة، ويمكن أن تكون مدينة غدينيا موقعاً جذابًا للغاية كوجهة سياحية، حيث أنه من الجنوب تحيط بها منطقة (Tricity Landscape Park) وأعمق في الداخل تنتشر (Kashubian Lakeland).

تاريخ مدينة غدينيا

على الرغم من أن الملاحظات المكتوبة الأولى حول استيطانها ظهرت بشكل أساسي في القرن الثالث عشر فلا شك في أن مدينة غدينيا هي واحدة من أصغر المدن في بولندا، حيث تم بناؤه من الصفر تقريبًا بعد الحرب العالمية الأولى عندما أصبحت غدانسك مدينة حرة تحت سيطرة عصبة الأمم وكانت البلاد تفتقر إلى ميناء بحري، ونتيجة لذلك حصلت بولندا على نافذة واسعة وحديثة على العالم.

في وقت سابق كانت هناك قرية ساحلية صغيرة في هذا الموقع تم ذكرها لأول مرة في القرن الثالث عشر، وبالمثل فإن (Oksywie) قديمة والتي كانت في السابق منطقة منفصلة وتقع الآن داخل حدود مدينة غدينيا، ولا تزال العديد من المعالم الأثرية التي تعود إلى العصور الوسطى، ومن القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر كانت أراضي مدينة غدينيا اليوم تابعة لدير السيسترسي في أوليوا المجاورة، وكانت القرية صغيرة حقًا.

في عام 1789 ميلادي لم يكن هناك سوى 21 منزلاً لكن القرن التالي جلب تطورًا متواضعًا إلى مدينة غدينيا، وفي بداية القرن العشرين اكتسبت شعبية كبيرة بين بعض السياح وبالتالي ظهرت بيوت الضيافة الأولى، وبعد الحرب العالمية الأولى تم اختيار منطقة غدينيا لبناء ميناء ومن تلك النقطة بدأ التطور الهائل للمدينة، ووصف الروائي البولندي العظيم ستيفان زيرومسكي هذه الفترة المبكرة في فيلم (Wind from the Sea)، وبفضل تفاني وزير الصناعة والتجارة البولندي يوجينيوس كوياتكوفسكي تم الانتهاء من الميناء في وقت مبكر من عام 1930 ميلادي، واستمر تطوير الميناء بحيث أصبح في عام 1938 ميلادي أحدث ميناء على بحر البلطيق وحوض كبير لبناء السفن في مدينة غدينيا.

في غضون ذلك مُنحت مدينة غدينيا حقوق المدينة وارتفع عدد سكانها بمعدل لا يُصدق، وفي سبعينيات القرن التاسع عشر كان هناك ما يزيد قليلاً عن ألف نسمة، ولكن بحلول أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ارتفع العدد إلى 110 آلاف نسمة، وكان الميناء يؤدي وظيفته بشكل فعال حتى شهر سبتمبر من عام 1939 ميلادي عندما غزا الألمان بولندا وحولوا المدينة إلى قاعدة بحرية ألمانية وأعادوا تسميتها (Gotenhafen).

خلال الحرب شهدت مدينة غدينيا العديد من الغارات الجوية من قبل الحلفاء من عام 1943 ميلادي فصاعدًا لكن الدمار الحقيقي كان سببًا في الواقع بسبب انسحاب قوات ألمانيا في عام 1945 ميلادي، حيث تم تدمير 90 بالمائة من المباني والمعدات، وبعد الحرب أعيد بناء المدينة بالكامل، ولا يزال حوض بناء السفن التاريخي هو المجال الأكبر على الرغم من بعض المشاكل المالية العابرة.

في عام 1970  ميلادي اجتاحت موجة من الاحتجاجات العمالية بوميرانيا، وكانت مدينة غدينيا إحدى بؤر هذه الظاهرة حيث كان طاقم حوض بناء السفن الذي غادر إلى المنزل بعد إضراب ضد الأزمة الاقتصادية أطلق النار عليه من قبل الشرطة، وتم تخليد هذه الحادثة في أغنية عن يانيك ويسنيوسكي الضحية الرمزية للنظام الشيوعي.

المصدر: تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر/ زين العابدين شمس الدين نجمتاريخ أوروبا/ نورمان ديفيزموجز تاريخ العالم/ هربرت جورج ويلزموسوعة تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر/ مفيد الزيدي


شارك المقالة: