عندما تفشل الأدوية أو إجراءات الليزر في التحكم بشكل مناسب في ضغط العين (intraocular pressure)(IOP)، أو إذا حالت الآثار الجانبية دون استمرار استخدام الأدوية، تصبح الجراحة ضرورية لتحقيق المستوى المطلوب من ضغط العين. تعمل جراحة الجلوكوما على خفض ضغط العين عن طريق زيادة تدفق السائل خارج العين أو عن طريق تقليل إنتاج السائل داخل العين.
يجب أن نتذكر أن تلف العصب البصري وفقدان الرؤية اللاحق الناجم عن الجلوكوما لا يمكن إيقافه. وبالتالي فإن الهدف من الجراحة ليس تحسين الرؤية، بل منع المزيد من فقدان البصر، لا يوجد حاليًا علاج للجلوكوما يمكنه استعادة الرؤية المفقودة بالفعل بسبب المرض، لهذا السبب فإن التشخيص والعلاج المبكر أمران حيويان. يصف هذا المقال استئصال التربيق، وهو الإجراء الجراحي الأكثر شيوعًا والمستخدم لعلاج معظم أشكال الجلوكوما.
جراحة الجلوكوما:
(Trabeculectomy) تُعرف أيضًا باسم “التصفية” أو “جراحة الزرق”، وهي أكثر جراحة الزرق شيوعًا في الولايات المتحدة. في هذا الإجراء يتم إنشاء قناة صغيرة جراحيًا من خلال الصلبة، أو بياض العين من أجل تفريغ الخلط المائي، وهو السائل داخل العين الذي يملأ مقدمة العين والذي يولد ضغط العين. مما يؤدي إلى زيادة الضغط و إتلاف العصب البصري.
كيفية إجراء جراحة الجلوكوما؟
يتم إجراء جراحة الجلوكوما بشكل عام تحت تأثير التخدير الموضعي، ستكون مستيقظًا ولكن مسترخيًا ولن تعاني من أي ألم. بعد تنظيف الجلد حول العين، توضع ستارة جراحية فوق العين للحفاظ على التعقيم. يتم وضع جهاز صغير يعرف باسم منظار الجفن من أجل فتح الجفون أثناء العملية. يتم تدوير العين للأسفل، مما يؤدي إلى تعريض الملتحمة والصلبة فوق القرنية، حيث سيتم تحديد موقع الجراحة. يتم عمل شق صغير في الملتحمة، ثم يتم رفعه بعناية وفصله عن الصلبة.
ثم يتم تشريح سديلة صلبة نصف سماكة حتى حافة القرنية. سيتم لاحقًا خياطة الغطاء في مكانه، حيث سيعمل كصمام يتحكم في تدفق السائل من العين. بالقرب من قاعدة السديلة يتم إدخال دعامة صغيرة، تُعرف باسم تحويلة الجلوكوما، من خلال الصلبة إلى الغرفة الأمامية للعين. يخلق هذا الأنبوب الصغير الفتحة الفعلية في العين والتي من خلالها يستطيع الخلط المائي الهروب.
بمجرد أن يقرر الجراح أن الفتحة مناسبة، تتم خياطة السديلة الصلبة في مكانها الأصلي. يتم شد الغرز بما يكفي للسماح للكمية المناسبة من الخلط المائي بالتسرب من العين. إذا كانت الخيوط ضيقة جدًا، فسيكون التدفق غير كافٍ وستظل ضغط العين مرتفعة جدًا.
يمكن أن يؤدي ربط الغرز بشكل غير محكم إلى ضغط منخفض جدًا وهو أمر غير مرغوب فيه أيضًا، أحيانًا يكون الحصول على الكمية المناسبة من التدفق أمرًا صعبًا أثناء الجراحة ولكن لحسن الحظ يمكن إجراء التعديلات في الأيام والأسابيع التي تلي الجراحة، يتدفق السائل المائي، يتم خياطة شق الملتحمة الأولي بدقة لإنشاء ختم مانع لتسرب المياه. والنتيجة النهائية هي نفطة صغيرة من السائل، تُعرف باسم “بليب” والتي تتجمع حول موقع الجراحة، مخفية عن الأنظار بواسطة الجفن العلوي. يستنزف هذا السائل في النهاية إلى مجرى الدم.
ماذا يحدث بعد جراحة الجلوكوما؟
اليوم التالي للجراحة:
بمجرد اكتمال الجراحة، عادة ما يتم وضع رقعة على العين التي أجريت عليها العملية غالبًا ما تُترك هذه الرقعة في مكانها طوال الليل، على الرغم من أن بعض المرضى قد يحتاجون إلى إزالتها والبدء في استخدام قطرات العين في وقت لاحق من ذلك اليوم. الألم أو الانزعاج خفيف بشكل عام.
يتم إجراء أول زيارة بعد الجراحة في اليوم التالي سيتحقق الجراح من رؤيتك، وضغط العين ومظهر العين بما في ذلك الفقاعة. يمكن لشكل وحجم الفقاعة أن يخبر طبيبك عن مدى جودة تدفق السائل من العين، في هذه المرحلة سيتم إعطاء تعليمات بشأن المستويات المقبولة من النشاط واستخدام قطرات العين بعد الجراحة، بما في ذلك المضادات الحيوية. تعتمد درجة النشاط بما في ذلك القدرة على القيادة في الأيام التالية للجراحة، على الوضع الفريد لكل مريض ويجب الحكم عليها بشكل فردي. بشكل عام يجب تجنب النشاط الشاق ورفع الأشياء الثقيلة والانحناء.
الأسابيع القليلة الأولى بعد الجراحة:
يكون الانزعاج خفيفًا بشكل عام في الأسابيع الأولى بعد الجراحة، قد تشعر بألم في العين وأحيانًا يكون هناك إحساس بالخدش والجسم الغريب بسبب الغرز، تكون الرؤية متغيرة تمامًا في هذه الأيام الأولى، وتتراوح من الطبيعي تقريبًا إلى غير الواضح تمامًا. لا تنزعج إذا كانت الرؤية ضعيفة في البداية، حيث تعود حدة البصر بشكل عام إلى مستويات ما قبل الجراحة بعد بضعة أسابيع.
يعد أول أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الجراحة الأكثر أهمية لتحقيق نتيجة ناجحة، بعد الجراحة مباشرة ستبدأ العين في الشفاء. صُممت أجسامنا شفاء نفسها وإصلاح الجرح من خلال نمو أنسجة جديدة وظهور ندبة ومع ذلك فقد صنعنا عن قصد جرحًا، فتحة في العين لا نريد أن نندملها إذا أغلقت ندبات الفتح فشلت الجراحة وسنعود من حيث بدأنا بضغط مرتفع. تشمل عوامل الخطر المرتبطة بزيادة التندب سن الشباب والتصبغ الداكن والتهابات العين مثل التهاب القزحية والجراحة السابقة التي تشمل الملتحمة مثل الجلوكوما السابقة أو جراحة الشبكية.
يتم اتخاذ عدد من الإجراءات لإبطاء عملية الشفاء والحد منها. أولاً غالبًا ما يتم استخدام الأدوية مثل ميتوميسين سي (MMC) أو 5-فلورويوراسيل (5-FU) أثناء الجراحة، هذه الأدوية المعروفة باسم مضادات التليف تعمل على إبطاء نمو النسيج الندبي على سطح العين. بعد الجراحة تُستخدم عقاقير إضافية مضادة للتليف في شكل قطرات للعين للحد من التندب والحفاظ على تدفق السائل. الدواء الأساسي المستخدم هو كورتيكوستيرويد وعادة ما يوصف لاستخدامه أربع مرات في اليوم، على الرغم من كثرة التكرار في بعض الأحيان.