أبو بريص وصغاره

اقرأ في هذا المقال


أبو بريص (Gecko) أو الأبراص أو الوزغة موجودة منذ 300 مليون سنة على الأقل، وقد وجد العلماء أبو بريص محفوظًا في الكهرمان ويعود تاريخه إلى العصر الطباشيري، وتبدو هذه العينات بشكل ملحوظ مثل السحالي الصغيرة اللطيفة التي ستجدها في أجزاء كثيرة من العالم اليوم، ويتمتع أبو بريص كاليدونيا الجديدة بهدير مميز لدرجة أنّ القبائل المحلية لتلك الجزر أطلقت عليه لقب الشيطان في الأشجار، فيصدر أبو بريص مدغشقر نداء استغاثة يشبهه الكثيرون بصراخ طفل.

مظهر أبو بريص

هذه الزواحف عبارة عن سحالي صغيرة ذات أجسام قصيرة ورؤوس كبيرة وذيول وأطراف بارزة باستثناء أفراد عائلة (Pygopodidae)، ويختلف لون الحيوان بشكل كبير عبر الأنواع، والغالبية رمادية أو بنية اللون ومن الأفضل أن تمتزج مع الصخور والرمل والأوساخ من حولهم وهكذا هربًا من إشعار الحيوانات المفترسة، ومع ذلك فإنّ جلد أبو بريص الفهد له جلد أصفر لامع مغطى ببقع بنية، وبعض الأيام يكون لونه أزرق كهربائي أما الوزغة المتوجة فهي برتقالية أو حمراء بينما أبو بريص توكاي به بقع برتقالية زاهية.

كما أنّ ذيولها تختلف أيضًا بشكل كبير في الشكل والتشكل اعتمادًا على الأنواع، وبعضها طويل ومستدق بينما البعض الآخر أقصر وأكثر حدة أو حتى كروي، وتخزن هذه الزواحف الدهون في ذيولها حتى تتمكن من الوصول إلى السعرات الحرارية عندما تكون مصادر الطعام شحيحة، ولقد تطورت ذيولها لتتساقط بسهولة عندما تلاحق الحيوانات المفترسة، وعندما يحدث هذا فإنّ الحيوان سوف يجدد ذيله، وتمتلك ذيولهم في الواقع مركزًا للتحكم في الأعصاب يسمح للذيل بالتحرك والاندفاع بشكل مستقل لمدة تصل إلى نصف ساعة بعد انفصاله عن الجسم، وهذه الزواحف لديها ما يقرب من 100 سن، وأسنانهم لا تحترق لأنّها تستبدل أسنانهم كل ثلاثة إلى أربعة أشهر.

جلدهم مغطى بالملايين من الأشواك الشبيهة بالشعر المتناهية الصغر والتي تكون ناعمة الملمس، وتحبس هذه الأشواك قطرات الماء التي تبقي الغبار وملوثات الهواء الأخرى بعيدًا عن جلد الوزغة، ويُطلق على الشعر المجهري الذي يغطي أصابع قدميه اسم الشعر المستعار، وتعمل هذه الشعيرات بشكل مختلف عن الشعر الذي يغطي جسم الحيوان حيث إنّ الشعيرات في الواقع صغيرة بما يكفي لتنشيط قوى فان دير فال (Van der Waals) الجزيئية التي تمكن الوزغات من تسلق الأسطح الرأسية بسهولة مثل الجدران وحتى التحرك بشكل مريح على الأسقف.

على الرغم من أنّ بعض الأنواع تنشط خلال النهار إلّا أنّها في الأساس حيوانات ليلية ويظهر ذلك تصميم أعينها، وجميع الأنواع باستثناء عدد قليل منها لها أغشية شفافة تغطي أعينها بدلاً من الجفون، ويلعقون مقل عيونهم للحفاظ على نظافتهم، كما يعتبر أبو بريص النمر فريدًا من نوعه هنا في امتلاك جفون متحركة، وبؤبؤ العين عمودي ويمكن أن تكون أعينهم أكثر حساسية للضوء بمقدار 350 مرة مثل عيون الإنسان، وتمتلك هذه السحالي أيضًا نظامًا سمعيًا متطورًا حيث إنّهم قادرون على سماع الأصوات ذات الترددات العالية التي لا تستطيع الزواحف الأخرى سماعها.

موطن أبو بريص

تعيش هذه الزواحف مع صغارها في مجموعة متنوعة من الموائل الدافئة في كل قارة من قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية، ويعكس المقدار الهائل من التباين المورفولوجي الموجود في الأنواع المختلفة الطرق التي تطورت بها لتلائم موائلها الخاصة، وتدين أنواع الأشجار في نورثلاند على سبيل المثال بلونها الأخضر اللامع إلى غابات نيوزيلندا والأراضي العشبية التي تعيش فيها، ويمتزج أبو بريص النمر بجلده المصفر والبقع السوداء بشكل جيد مع التضاريس شبه الصحراوية في موطنه باكستان والهند وأفغانستان.

يتم إخفاء أنواع التوكاي ذات البقعة الحمراء بشكل جيد في الأراضي المنخفضة أو الغابات المطيرة شبه الجبلية في جنوب شرق آسيا، بينما تكيفت أنواع التوكاي ذات البقعة السوداء مع المناطق الصخرية في فيتنام والصين.

حمية أبو بريص

هذه الزواحف وصغارها هي في الأساس من آكلات الحشرات ولكنها تأكل أيضًا الديدان والفواكه ورحيق الأزهار، وتحب الأبراص ذات الذيل الورقي تناول وجبة خفيفة من القواقع الأرضية، ومن المعروف أنّ أسماك كوس الكبيرة مثل أبو بريص كاليدونيا الجديدة تأكل الطيور الصغيرة والقوارض.

أبو بريص بين المفترسات والتهديدات

تشمل الحيوانات المفترسة الأفاعي والطيور والعناكب والأنواع التي أدخلها البشر مثل الكلاب والقطط، وفي الغابات الاستوائية المطيرة في شمال أمريكا الجنوبية تتم مطاردة هذه الحيوانات ومطاردة صغارها بواسطة الرتيلاء جالوت الأصغر بكثير والذي يستخدم سمه لشل أبو بريص وتسييل لحمه، وعادة ما تعيش الطيور الجارحة مثل الصقور والبوم في مناخات شديدة البرودة بالنسبة للأبراص ولكن عندما تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون درجة التجمد وتنتقل هذه الطيور جنوبًا تصبح هذه الزواحف فريسة مفضلة.

معظم الأنواع ليست في خطر الانقراض ولكن هناك أنواعًا قليلة مدرجة في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، فعلى سبيل المثال كان يُعتقد أنّ أبو بريص كاليدونيا الجديدة المتوج انقرض لسنوات عديدة بعد رؤيته لأول مرة في عام 1866 حتى أعيد اكتشافه في عام 1994، ويوجد نوعان آخران من كاليدونيا الجديدة وهما بافايا غوروينسيس (Bavayia goroensis) وبافايا المزخرفة (Bavayia ornate) على القائمة الحمراء بسبب التعدين الأنشطة تقلص موائلها.

تكاثر أبو بريص والصغار

يجذب الذكور الإناث بإصدار أصوات تزاوج مميزة وهز ذيله، وأثناء التزاوج يمسك الذكر في فكيه بالجلد الموجود في مؤخرة عنق الأنثى ويثني ذيله تحت بطنها مما يجعل فتحات الحيوانات المرققة قريبة جدًا بحيث يمكن أن يحدث الإخصاب، ومع ذلك يمكن لبعض الأنواع مثل أبو بريص الحداد الموجود في أمريكا الوسطى والجنوبية والتكاثر من خلال التوالد العذري.

معظم هذه الحيوانات تضع بيضها، وتختلف فترات الحمل اختلافًا كبيرًا في الطول حيث فقد تضع أبو بريص النمر بيضها بعد 16 إلى 22 يومًا من التزاوج، بينما يمكن أن يستمر حمل الوزغة المهرج من ثلاث إلى أربع سنوات، وثلاثة وأربعون نوعًا مستوطنًا في نيوزيلندا تلد صغارًا أحياء.

يبلغ حجم مخلب البيض النموذجي اثنين ويتم وضع البيض على الأرض تحت الصخور ولحاء الأشجار، ويمكن أن يستغرق بيضها ما بين 35 و 90 يومًا حتى يفقس، ولا تبدي الإناث أي اهتمام بالبيض أو الفراخ بعد أن تضع بيضها، وعلى الرغم من أنّ العديد من الصغار لديهم علامات جسدية مختلفة عن تلك الخاصة بالبالغين، إلّا أنّهم يتحركون ويتصرفون ويستجيبون لبيئاتهم تمامًا مثل البالغين، وفي الأسر هذه الزواحف لها عمر طويل نسبيًا، فأبو بريص النمر على سبيل المثال يعيش عادة ما بين 15 و 20 عامًا، وفي البرية يعيشون لمدة خمس سنوات تقريبًا إذا لم يتم افتراسهم.

يعتقد العلماء أنّ هذه الشبيبات نشأت في جنوب شرق آسيا في وقت ما خلال العصر الطباشيري السفلي، ولكنها توجد الآن بأعداد كبيرة في كل مكان تقريبًا في العالم حيث يبلغ متوسط ​​درجة الحرارة 72 درجة فهرنهايت أو أكبر، وسيكون من المستحيل تقدير عددهم حاليًا على هذا الكوكب.

المصدر: هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.


شارك المقالة: