بطريق المكرونة وصغاره

اقرأ في هذا المقال


بطريق المكرونة (Macaroni Penguin) هو واحد من ثمانية أنواع من طيور البطريق المتوج، ووالذي له علاقة وثيقة بالبطريق الملكي ويشترك في نفس ريش القمة الأصفر الذهبي القذر، والذي يلتقي على الجبهة على عكس خطوط الحاجب المزدوجة لجميع طيور البطريق المتوج الأخرى، وأطلق البحارة في القرن التاسع عشر على هذا النوع اسمه تيمّنًا بأعضاء نادي المكرونة، وهو مصطلح ازدرائي للشباب ذوي الأذواق الغريبة أو حس الموضة، ويشير تحليل الحمض النووي إلى أنّ بطريق المكرونة قد انفصل عن البطريق الملكي منذ تقريبًا مئات السنين.

موطن بطريق المكرونة

تم العثور على بطريق المكرونة على حافة القارة القطبية الجنوبية وجزر شبه القارة القطبية الجنوبية جنوب الأمريكتين وأفريقيا، ويمكن أيضًا العثور على أعداد كبيرة من هذا البطريق في جمهورية تشيلي وجزر فوكلاند (Falkland Islands) وجورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية (South Georgia and the South Sandwich Islands) وجزر شيتلاند الجنوبية (South Shetland Islands) وجزر كروزيت (Iles Crozet) وجزر كيرغولين (Kerguelen Islands) وجزر ماكدونالد (McDonald Islands)، وتعيش طيور البطريق المكرونة في القارة القطبية الجنوبية في المناطق الصخرية المليئة بالمياه على الصخور والمنحدرات فوق المحيط.

مظهر بطريق المكرونة

بطريق المكرونة هو طائر متوسط ​​الحجم يبلغ طوله حوالي 71 سم ويزن ما بين 5 إلى 6 كجم، وعادة ما تكون الإناث أصغر من الذكور، والذكور والإناث أحادية الشكل، ولديهم قمم برتقالية وصفراء وسوداء تلتصق بأعلى الرأس، وهذا البطريق له منقار أحمر والذقن والوجه وتحت الحلق لها ريش أسود صلب، ويعد بطريق المكرونة والبطريق الملكي أكبر طيور البطريق المتوج وكلاهما له كتل برتقالية صفراء من ريش القمة التي تلتقي على جباههما.

يختلف بطريق المكرونة عن البطريق الملكي في وجود وجه أسود، وبطريق المكرونة أسود الرأس والحلق والظهر ويتناقض بشكل حاد مع الأجزاء السفلية البيضاء الحريرية، والزعانف طويلة وأزرق-أسود مع حافة خلفية بيضاء على السطح العلوي وأبيض تحتها، ولها منقار برتقالي كبير وقوي مع جلد وردي سمين بارز عند التثاءب، ولون العين بني محمر والساقين والقدمين وردية مع نعل أسود.

تكاثر بطريق المكرونة والصغار

يعد بطريق المكرونة عشًا اجتماعيًا يتجمع في مستعمرات تكاثر كبيرة جدًا، ويتم إنشاء المناطق من قبل الذكور في أواخر أكتوبر قبل وصول الإناث، والمغازلة مكثفة حيث تظهر الطيور حركات رأس متبادلة ونطقًا وتنبيهًا، وعادة يتم وضع بيضتين ولكن يتم رفض البويضة الأولى الأصغر عند وضع البويضة الثانية الأكبر، وغالبية رعاية الفرخ في العش يقوم بها الذكر، وتفرخ الكتاكيت في فبراير إلى أوائل مارس ثم تنسلخ البطاريق الصغيرة البالغة في أبريل ومايو وبعد ذلك تعود الطيور إلى البحر حتى أكتوبر.

عادة ما تتكاثر طيور البطريق المكرونة في شبه المحيط الأطلسي، ويصل البالغون للتكاثر في أواخر أكتوبر ويضعون بيضهم في أوائل نوفمبر، وأعشاش البطريق المكرونة مصنوعة من الخدوش الموجودة في الطين أو الحصى بين الصخور، وقد تتجمع طيور البطريق المكرونة بالملايين في مغادرتها الضخمة، ويمكن شم رائحتها حتى 5-6 أميال بعيدًا عن الشاطئ، وتعد طيور البطريق المكرونة غير نمطية من حيث أنّ البويضة الأولى في موسم التكاثر أصغر بكثير وأقل عرضة للتطور من البيضة الثانية.

توضع بيضتان مع كتكوت واحد يتم تربيته عادة، والحضانة مشتركة بين كلا الوالدين في نوبات طويلة، ويفقس البيض بعد 33 إلى 37 يومًا، وتحضن الذكور وتحرس الكتاكيت لمدة 23 إلى 25 يومًا بينما تحضر الإناث الطعام يوميًا، ثم تتجمع الكتاكيت في حضانات صغيرة وتتغذى كل يوم إلى يومين حتى تصبح جاهزة للمغادرة والذهاب إلى البحر (60 إلى 70 يومًا)، وتغادر طائر بطريق المكرونة مستعمرته للتكاثر وذلك في شهر أبريل أو شهر مايو.

تعيش طيور البطريق المكرونة في مستعمرات كبيرة تصل إلى 2.5 مليون طائر ومعظمها في أزواج تكاثر، وتوجد مستعمرات المكرونة على المنحدرات الصخرية وسفوح التلال، وعلى عكس طيور الطيران التي تكون عظامها مجوفة للسماح بالطيران، تتمتع طيور البطريق بعظام صلبة تمكنها من الغوص بشكل أعمق، ويسمح وزن عظامهم أيضًا بالبقاء تحت الماء لفترات طويلة من الوقت، وعادة ما تظهر بعد دقيقتين أو ثلاث دقائق للتنفس، وأثناء السباحة تستخدم طيور البطريق المكرونة أقدامها المكشوفة للتوجيه بمساعدة ذيولها والتي تعمل كدفة.

تواصل وإدراك بطريق المكرونة

على الرغم من قصر النظر على اليابسة تتمتع طيور البطريق برؤية استثنائية في الماء، فعيونهم مثل العديد من حيوانات البحر منسجمة مع ألوان البحر، وهذه الرؤية الممتازة ضرورية لتجنب الافتراس من قبل الفقمات والحيتان القاتلة وهي الحيوانات المفترسة الأساسية في المحيط، وعلى الأرض فإنّ مفترسهم الرئيسي هو طائر سكوا (skua)، وهو طائر كبير الذي يخطف فراخ البطريق من أعشاشه، ويتواصل البطريق من خلال سلوكيات طقسية معقدة مثل التلويح بالرأس والزعنفة والدعوة والانحناء والإيماءات والاستعداد، كما تقوم طيور البطريق المعكرونة البالغة بإجراء مكالمات صاخبة بصوت عالٍ خاصة عند إنشاء روابط ثنائية ومناطق.

تشمل طقوس المغازلة والتزاوج ما يسمى بعروض النشوة حيث يضخ الطائر عادة من الذكور غير المرتبطين، وصدره عدة مرات مع فرد رأسه لأعلى والزعانف الممتدة إلى الخارج، مما ينتج عنه صوت نهيق عالي، ويمكن أن يؤدي هذا إلى هتاف جماعي من قبل الذكور الآخرين والذي يُعتقد أنّه يساعد في مزامنة دورة التكاثر.

حمية بطريق المكرونة

تعيش طيور البطريق المكرونة بالكامل تقريبًا على الكريل (Euphasiidae) مع ما يصل إلى خمسة في المائة من الحبار، كما يأكلون بعض الأسماك وقشريات البرمائيات (أمفيبودا)، وتم اكتشاف أنّ بعض المجموعات السكانية تسافر لمسافات طويلة لتتغذى على مجموعات الكريل تحت القطب الجنوبي والقشريات (Parathemisto gauchidaudii) في المحيط الهندي، وتصوم طيور البطريق المكرونة لمدة تصل إلى أربعين يومًا خلال موسم التكاثر.

بطريق المكرونة والافتراس

الحيوانات المفترسة الأولية لبطاريق المكرونة في الماء هي الحيتان القاتلة (Orca orcinus) وفقمات النمر (Hydrurga leptonyx)، أمّا في المستعمرات تتغذى السكوا (Stercorariidae) على فراخ البطريق المكرونة والأفراد الضعفاء الآخرين، ومثل معظم طيور البطريق فأنّ طيور البطريق المكرونة مظللة في الماء مما يجعل رؤيتها صعبة، ويستخدمون قدراتهم في السباحة والرؤية والارتباط مع طيور البطريق المكرونة الأخرى ليكونوا يقظين للحيوانات المفترسة وتجنب الالتقاط في الماء.

بطريق المكرونة ودورها البيئي

تعيش طيور البطريق المكرونة في مستعمرات كبيرة وتمثل موردًا غذائيًا كبيرًا محتملًا ولكن أهميتها الاقتصادية طفيفة أو غير مهمة للبشر، وزار صيادو الحيتان والفقمة في القرن التاسع عشر بعض مستعمرات البطريق من أجل اللحوم والبيض، وكانت هناك صناعة زيت البطريق التي استوعبت أعدادًا كبيرة من الطيور ولكن بحلول أوائل القرن العشرين لم يعد هذا مربحًا، ولا توجد آثار ضارة معروفة لبطاريق المكرونة على البشر.

بطريق المكرونة وحالة الحفظ

حالة سكان البطريق المكرونة مستقرة وتتزايد، فهم من بين أكثر أنواع البطريق عددًا في العالم ويبلغ عدد سكانها حوالي 9 ملايين، وهم عرضة للتغيرات في البيئة مثل التلوث وصيد الأسماك والاحتباس الحراري، والبشر هم أكبر تهديد لهذه البطاريق بسبب الصيد الجائر للكريل وغيره من اللافقاريات الصغيرة التي تتغذى عليها.

المصدر: هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.


شارك المقالة: