كيف تتعايش غزلان الرنة مع الأجواء الباردة الشديدة

اقرأ في هذا المقال


في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية هناك شتاء بارد جداً، إلى حدّ يجعل الحياة هناك شبه مستحيلة، ولكن في كل مكان على سطح الأرض يمكننا أن نجد الحياة وأن نجد حيوانات قادرة على التكيّف السلوكي والجسدي، وذلك وفقاً لتلك الظروف المناخية، وبالتالي فإن الجمل على الرغم من ضخامة جسده يمكنه أن يتعايش مع الأشواك الصحراوية والنباتات الجرداء، وكذلك هو الحال بالنسبة للدببة القطبية والذئاب والثعالب والوشق وغزلان الرنة الأكثر شهرة في تلك الأماكن الباردة، فكيف تتعايش غزلان الرنة في المناطق الباردة.

أين تعيش غزلان الرنة

تعيش غزلان الرنّة بصورة عامة في المناطق ذات الأجواء الباردة إلى الباردة جداً، فهي قادرة على التعايش في القارة القطبية المتجمدة الشمالية، وهي تعيش في أجزاء من القارة الأوروبية وشمال روسيا وفي القارة الأمريكية الشمالية، ولا يمكن لهذه الحيوانات القوية أن تتحمّل درجات الحرارة المرتفعة وهي قادرة على التكيّف وفقاً لدرجات الحرارة في المكان الذي تتواجد فيه مهما كانت.

تمّ رصد قطعان من غزلان الرنّة ترعى وتركض وتتعايش بصورة طبيعية في المناطق القطبية الباردة حيث درجات الحرارة تتدنّى إلى ما دون الأربعين درجة، ولكن لم تكن تلك الحيوانات في حالة من الذعر أو لكونها كريضة أو هزيلة بل كانت تتعايش بصورة طبيعية وتقوم بأكل الأعشاب والنباتات وأوراق الأشجار بشكل طبيعي، وتعتبر الدببة القطبية والثعالب والذئاب والفقمات والبطاريق من الحيوانات التي يمكنها التعايش هناك بصورة طبيعية أيضاً.

كيف تتغلب غزلان الرنة على البرد الشديد

تعيش غزلان الرنة في فصل الشتاء بصورة طبيعية دون الحاجة إلى الهجرة جنوبا بحثاً عن الدفء، بل أنها تمتلك من الإمكانيات ما يجعل البرد الشديد بالنسبة لها أمراً عادياً، حيث تمتلك تلك الحيوانات كبيرة الحجم فراء سميكة توفّر لها العزل الحراري اللازم لأجسادها، حيث لا تشعر هذه الحيوانات بأية برودة في أجسادها، كما وان فراءها السميكة مجهّزة بصورة لا تسمح للثلوج بأن تتشّكل فوق أجسادها.

إن طبيعة فراء تلك الحيوانات تساعدها على حبس الحرارة داخل أجسادها، إذ تبدو الفراء على شكل أجوف مليء بالهواء الذي يحجز داخل الجسم عن خارجه، كما وأنها قادرة على السباحة في المياه الباردة وبرشاقة كبيرة أيضاً، وهي حيوانات سريعة جداً في العدو تزيد سرعتها على السبعين كيلو متر في الساعة الواحدة، وعادة ما تحاول الاختباء في فصل الصيف أو الهجرة بحثاً عن أماكن أكثر أمامناً خوفاً من الحيوانات المفترسة مثل الدببة والذئاب.

يمكن لحيوان الرنة أن يستغّل أنفه المُجهّز في تعديل درجات الحرارة الداخلة والخارجة من أجسادها بصورة رائعة، حيث يمكن لها الاستفادة من الشهيق والزفير، بما يخدم درجات الحرارة الداخلية لأجسادها بصورة رائعة، وهذا الأمر يساعدها على تخفيض درجات حرارة أجسادها والحصول على الحرارة اللازمة في أوقات البرد الشديد وخاصة أوقات تساقط الثلوج وحدوث الانجماد.

ما الفائدة من قدرة غزلان الرنة على التكيف مع الأجواء الباردة

غزلان الرنّة من الحيوانات الثدية القوية والرشيقة والقادرة على الركض والسباحة وتسلّق المنحدرات، وهي غزلان تعيش على شكل مجموعات كبيرة قادرة على التكاثر بصورة طبيعية، ولعلّ فصل الشتاء يعتبر الموسم المفضّل لتلك الحيوانات، كونها لا تملك القدرة على مواجهة الحيوانات المفترسة التي تواجهها في فصل الصيف مثل الذئاب والوشق والدببة وغيرها من الحيوانات المفترسة التي تبدأ بالظهور مع بداية فصل الربيع.

ويعتبر فصل الشتاء مكاناً آمناً يمكن لغزلان الرنّة أن تحصل على طعامها بسهولة بالغة في تلك الفترة ودون خوف، فهي من الحيوانات التي يمكن لها أن تستخدم حاسة الشمّ القوية للغاية لديها؛ في الحصول على طعامها من تحت الثلوج العميقة، كما وأنّ حوافر أقدامها تساعدها على الحركة في الثلوج العميقة للغاية دون خوف من الضياع أو الغرق أو الموت، وتعتبر غزلان الرنّة من الحيوانات التي تحتاج إلى تبريد أجسادها في أقل درجات حرارة ممكنة، وفي فصل الصيف عادة ما تحاول تلك الحيوانات البحث عن الأماكن المرتفعة حيث يتواجد بقايا الثلج.

إن الاستراتيجية التي تعمل عليها غزلان الرنّة تسمح لها بالتكاثر بعيداً عن الحيوانات المفترسة التي لا يمكن لها مقارعتها باستخدام قرونها الكبيرة القوية، فهي لا تعتبر شيئاً مقارنةً بالمخالب والأنياب الحادة التي تمتلكها الحيوانات المفترسة التي تعيش في تلك المناطق، إلا أنها تختفي في فصل الشتاء بعيداً عن البرد الشديد، لذا تعتبر غزلان الرنّة من أكثر الحيوانات قدرة على تحّمل البرد الشديد وأنفها الأكثر قدرة على التحكّم في درجات الحرارة بما يتناسب وطبيعتها.

المصدر: سلوك الحيوان، للكاتب جون بول سكوت،1970.سلوك الحيوان، للكاتب أحمد حماد الحسيني، 1913.علم سلوك الحيوان، الأستاذ الدكتور جمعان سعيد عجارم، 1982.اساسيات عامه في سلوك الحيوان، د محمد فؤاد الشرابي، د مني محمد الدوسر،2008.


شارك المقالة: