لا يزال سلوك النمل مثيراً للغرابة في كلّ أمر يقوم به، حيث أصبح سلوك النمل نموذجاً يَصلح أن يحتذى به حتّى من قِبل البشر، فهي دقيقة في كيفية التواصل مع بعضها وفي إمكانية الحصول على الطعام وفي الدفاع عن المجموعة وفي التضحية من أجل الحصول على الامتيازات لصالح المجموعة، ولكن يبقى الحصول على الطعام وتخزينه هو الهدف الأسمى الذي يعمل النمل من خلاله في أوقات العمل، ولكن هل تساءلنا يوماً ما عن الكيفية التي يعود فيه النمل إلى عشّه؟
كيف يعود النمل إلى بيته بعد حصوله على الطعام
عندما يذهب النحل بعيداً من أجل الحصول على غذائه فهو يعود أدراجه إياباً بالطريقة ذاتها معتمداً على عدّة سلوكيات تساعده في الوصول إلى الخلية وهي الطيران، وتعود الطيور أدراجها بعد أن تقطع مئات الأميال بحثاً عن الطعام وكذلك هي الحال بالنسبة لمعظم الحيوانات، ولكنّ السلوك الخاص بالنمل مختلف تماماً كون النمل وفي حال ذهابه من أجل الحصول على الطعام فهو يعرف تماماً الطريق التي يَمرّ بها ويقوم بدراستها بصورة دقيقة ويحفظ معالمها، وليس هذا فقط بل أنّ للنمل القدرة على المِلاحة من خلال معرفة اتجاه الشمس وحركتها والتحرك بناء على ذلك.
عندما يحصل النمل على غذائه فإنه لا يقوم بالالتفاف والعودة إلى العشّ كما هي الحال في رحلة الذهاب، بل إنّ النمل يقوم بالعودة إلى العش من خلال المسير إلى الخلف، فهو يحمل على ظهره ما قد يزيد على حجمه أضعاف عديدة ويرجع بعد ذلك سيراً إلى الخلف، هذه الاستراتيجية السلوكية التي لطالما كانت لغزاً لدى علماء سلوك الحيوان تشير إلى فلسلفة فكرية تساعد النمل على حفظ الأماكن وتذكرها ولكن بصورة عكسية، وأثبتت الدراسات أن للنمل القدرة على الرؤية بزاوية تصل لغاية ثلاثمئة وستين درجة، وهي زاوية تساعد النمل على رؤية الأشياء من الخلف بصورة رائعة.
وليس هذا فقط بل إن للنمل استراتيجية سلوكية تساعده في حفظ طريق العودة من خلال رمي بقايا الطعام في رحلة الذهاب، وهذا الفتات يساعد النمل على معرفة طريق العودة بسهولة كبيرة، حيث يقوم النمل بالتقاط الفتات مرّة أخرى وحمله معه عندما يعود أدراجه إلى العش بصورة تشير إلى سلوك قلّ ما يمكن رؤيته لدى أي حيوان آخر، وهذا سلوك آخر يجعل من النمل حيوانات في غاية الذكاء.