عندما نتحدّث عن الحيوانات البرية فإننا عادة ما نتحدّث عن قوّتها وطولها وقدرتها على التحمّل وأبرز الأدوات التي تساعدها على القتال، وعندما نتحدّث عن الطيور فإننا نتحدّث عن سرعتها في الطيران وقدرتها على التعايش وفقاً للمكان الذي تتواجد فيه أو حاجتها إلى الهجرة، وكذلك الحال بالنسبة للأسماك ومدى بحثها عن الأماكن الدافئة التي يمكن لها أن تجد طعامها فيها، ولكننّا قد نضطر للحديث عن جزء هام في تكوين حيوان ما كالقلب مثلاً فما هو السبب؟
لماذا يعتبر قلب الزرافة كبيرا للغاية
لا شكّ أن الزرافة تعتبر من أكبر الثدييات البرية التي تمشي على أربع، فهي حيوانات ضخمة يصل طولها إلى حوالي ستة أمتار نظراً إلى ارتباع أقدامها ورقبتها عن سطح الأرض بصورة كبيرة، وهذا الأمر من شأنه أن يزيد من المسافة ما بين قلب الزرافة ورأسها نظراً إلى طول رقبتها الكبير.
إنّ الحيوانات تمتاز بقلوب تتوافق وطبيعة أجسادها لسدّ حاجتها من الدمّ الذي يتمّ ضخه إلى الدماغ بصورة طبيعية من القلب، ولكن عند الحديث عن الزرافة فنحن نتحدّث عن حيوان يرتفع عن سطح الأرض وصولاً إلى منطقة الرأس حوالي ستة أمتار، وهذا الرقم الكبير يحتاج إلى قلب كبير يساعد في عملية ضغط وضخّ الدم باتجاه الدماغ ليستمر في إعطاء الأوامر وبالتالي الحياة بصورة طبيعية.
يبلغ وزن قلب الزرافة اليافعة حوالي (11) كيلو غرام ويزيد قطره على الستين سنتيمتر، وهذا رقم كبير جداً مقارنة بقلوب كافة الكائنات الحيّة الأخرى، إذ يزيد حجم قلب الزرافة اليافعة عن حجم قلب الإنسان حوالي خمسين ضعفاً، وهذا الرقم الكبير يجعل من عملية ضخّ الدم باتجاه الدماغ الذي يبتعد ما يزيد المترين عن القلب أمراً ممكناً، وبالتالي فإنّ قلب الزرافة كبير للغاية لضرورة فطرية لا بدّ منها للاستمرار في الحياة بصورة طبيعية.
لا يمكن للزرافة أن تعيش بقلب أصغر من ذلك، فهي بحجمها وطولها الكبيرين تحتاج إلى قلب كبير يساعد في وقوفها واستمرارها في العيش بصورة طبيعية، وبالتالي لعلّ هذا الأمر الذي يجعل من نوم الزرافة لأقات قصيرة أمراً عادياً، فهي لا تنام في اليوم الواحد أكثر من نصف ساعة على أعلى تقدير وربّما أقلّ من ذلك بكثير.