تمتلك جميع الحيوانات عقولاً تساعدها على الحركة والنشاط والهرب والتمويه والصيد، وبالنسبة للحشرات فهي تملك عقولاً وهذه العقول تختلف من حشرة لأخرى، وذلك باختلاف مقدار المخ وطبيعته وكيفية استخدامه بالتوافق مع الحواس المتوفرة، إذ لا يمكن لحشرة مثل النحل أن تتعايش بطريقة في غاية الرتابة والنظام بصورة عشوائية، وكذلك هي الحال بالنسبة للنمل والجراد والبعوض والذباب وغيرها من الحشرات، وبما انّ الحشرات تفكّر وتستطيع أن تعرف أماكن تواجد الطعام والخطر فهل تخشى الحشرات الحيوانات المفترسة؟
إلى أي مدى تخاف الحشرات
لعلّنا شاهدنا حشرة تقوم بالهرب عندما تشاهد عصفوراً أو ضفدعاً أو حشرة أخرى أكبر حجماً منها، وهذا الأمر يثبت أن للحشرات مشاعر تساعدها على التنبؤ بالخطر والفرار منه، فالنحل لا يقوم بمهاجمة الحيوانات الأخرى إن لم يشعر بالخوف، وشعوره بالخوف يستدعي منه التفكير في طريقة منه لحماية نفسه وحماية الخلية والملكة واليرقات من الأعداء المُحتملين، وهذا الامر يستوجب منها الدفاع بصورة غريزية عن الخلية علماً أن النتيجة الحتمية هي الموت بصورة سريعة.
كذلك هي الحال بالنسبة للنمل التي عادة ما تتحرك بصورة غير مُعتادة عندما تشعر بوجود خطر حيوان سيقوم بالتهامها أو مهاجمة بيته، وعلى الفور يقوم النمل بإخبار بعضه البعض بأن هناك عدو سيقوم بمهاجمة البيت ليقوم أفراد المجموعة بمواجهة هذا العدو بصورة سريعة غريزية تُسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الخلية، ولعلّ الخوف هو ما دعاها إلى القيام بهذا الأمر.
كيف تعبر الحشرات عن خوفها
عندما تخاف العناكب والعقارب فهي تحاول الاختباء أو الهرب؛ للحيلولة دون وقوع أية مواجهة مُحتملة، وهذا الأمر ينتج بناء على معطيات تمّ تفسيرها داخل الدماغ وهي تعبّر عن الخوف من الافتراس أو الموت، وإذا وجدت تلك الحشرات نفسها أمام أمر واقع لا مَفرّ منه فإنها تقوم باللدغ السام أو في محاولة المواجهة المباشرة في محاولة النجاة من الموت، فبعض الحشرات خجولة ترفض المواجهة ما لم تقع تحت ضغوط الأمر الواقع.
كذلك هي الحال بالنسبة لحشرة اليعسوب التي قام عدد من علماء سلوك الحيوان بإجراء بعض التجارب عليها، وهذا لمعرفة إن كانت تخشى الحيوانات المفترسة التي تقوم بأكلها أم لا وكانت النتيجة مذهلة، تلك الحشرات تخشى الحيوانات المفترسة التي تقترب منها، وقد تصاب بنوبة قلبية تؤدي إلى موتها على الفور، وهذا الأمر ينطبق بالطبع على عدد كبير من الحشرات التي يمكن لنا كبشر أن نشاهد تحركاتها وتصرفاتها المخيفة في حال شعرت بالخطر، بمعنى أن الحشرات تخاف وتخشى على أنفسها من الموت فهي ليست حيوانات غبية أو عشوائية، بل أنها حيوانات تمتلك مشاعر الخوف والحياة.
يقوم عدد كبير من الحشرات بمحاولة الاختباء بصورة سريعة عندما يشاهده البشر ويقوم بكشف أمره، وهذا الأمر بطبيعة الحال يزيد من اليقين بأنّ الحشرات تخاف على نفسها من الموت وتعرف مكامن الخطر، كما ولدى دراسة سلوك العقارب نجد أنها حشرات ليلية لا تتحرك إلا تحت وطأة الظلام بمعنى أنها حيوانات تقوم طوال فترة النهار بالاختباء في جحورها أو في أماكن تساعدها على إخفاء أنفسها، ولعلّ تنقّلها ليلاً يُقلّل من فرص مواجهتها مع أي حيوان آخر، كونها تدرك جيداً بأنها غير قادرة على المواجهة بالصورة الصحيحة وأنها قد تكون وجبة سهلة لدى العديد من الحيوانات.
وعندما يقوم حيوان آكل النمل باقتحام خلية من النمل فإنّ أعداد هائلة تقوم منها بالهرب بصورة مباشرة خوفاً من الموت الحتمي، فهي تدرك تماماً أن المواجهة مع هذه الحيوانات الضخمة أمر مستحيل وأن الموت هو مصيرها الحتمي إن لم تقم بالفرار، وهذا الأمر من شأنه أن يثبت بأن للنمل مشاعر وأحاسيس وعقول تفكّر بها تساعدها على النجاة بنفسها بعيداً عن المخاطر.
لا تستطيع الحشرات أن تدافع عن نفسها كما تفعل الحيوانات الأخرى الأكبر حجماً، إلا أنّ معظم الحشرات قادرة على الهرب من المكان الذي تشعر فيه بأنها ستكون فريسة، وعادة ما تكون ردّة فعل الحشرات مرتبطة بتحرّكها بصورة سريعة أو بالطيران إن كانت تمتلك جناحين.
وهذا الأمر من شأنه أن يُثبت بأنّ الحشرات لديها حواس تساعدها على التفكير وإصدار التعليمات لباقي أجزاء الجسد بصورة طبيعية كما هي لدى الحيوانات الأخرى الأكبر حجما، ومن يعتقد بأن الحشرات لا تفكر فهو مخطئ كون تصرفاتها تثبت عكس ذلك، وما تقوم به من هجمات ضارة تجاه بعضها البعض وتجاه الإنسان وتجاه الحيوانات الأخرى هو لاعتقادها بأنها ستموت.