لوقت طويل كان يعتقد البشر بأن الحيوانات تمتلك عيوناً مثل عيونهم، يمكنها أن ترى من خلالها الأشياء على حقيقتها، ولعلّ هذا الأمر ينطبق بصورة جزئية على بعض أنواع الحيوانات الثدية مثل الذئاب والنمور والدببة وعلى بعض أنواع الطيور مثل الصقور والنسور، وبعض أنواع الزواحف مثل التماسيح، ولكن عند الحديث عن الحشرات فالأمر مختلف بصورة كبيرة، فعالم الحشرات مليء بملايين الأنواع والأشكال والصفات والسلوكيات التي يمكن لنا تفريقها عن بعضها البعض، ولكن هل تساءلنا عن مدى إمكانية رؤية الحشرات للألوان؟
إلى أي مدى تبصر الحشرات
تعتبر الحشرات من الحيوانات التي لا يمكنها رؤية الأشياء كاملة كما نشاهدها نحن، ولا يمكنها أن تبصر بالطريقة التي تبصر فيها معظم الطيور وخاصة الجارحة منها كالنسور والصقور؛ وذلك لكونها الحيوانات التي تمتلك أقوى حاسة بصر ممكنة، ولكن الأمر مختلف لدى الحشرات كون العديد من أنواع الحشرات يمكن لها أن تدرك وجود الضوء فقط أو تدرك بوجود الظلام، لذلك فإنّ الحشرات لا تعتمد على حاسة البصر في الحصول على غذائها أو في تحركاتها أو في طريقة حماية نفسها من الحيوانات المفترسة بقدر اعتمادها على حاسة السمع واللمس والتذوق.
هل ترى الحشرات الألوان
لا تستطيع معظم الحشرات أن ترى الأشياء بألوانها الطبيعية، حتى النحل الذي عادة ما يقوم بالذهاب لامتصاص رحيق الأزهار، لعلّه يذهب إلى الأزهار ذات الأولان الفاقعة كالأحمر والأصفر والأخضر، وهي ألوان تصدر عنها أشعة فوق البنفسجية بصورة أكبر من تلك الأزهار ذات اللون الأبيض أو الألوان الفاتحة الأخرى، ولكن يمكن لبعض الحشرات أن ترى الألوان والأشياء من حولها، ولكن على شكل صور متقطّعة ومجزّأة بحيث تقوم بتجميعها في منطقة العقل بصورة توضّح لها طبيعة هذا الشيء.
تكره بعض الحشرات الألوان المائية أو الألوان الزرقاء مثل الذباب والبعوض، لكن تنجذب الحشرات بصورة عامة نحو الضوء، وخاصة تلك التي تمضي وقتها داخل الأرض أو في المناطق المظلمة، ولعلّ الألوان ليست شيئاً هاماً في سلوكيات الحشرات ولا تزيد أو تقلّل من مدى خطورتها.
ولعلّ الحشرات الأكثر تطوّراً في مجال الرؤية هي النحل والذباب والبعوض والخنافس، وهي قادرة على تحديد العديد من المسافات المتعلّقة بالحجم والخطورة والبعد وغيرها من المعلومات الهامة، والتي تتعلق بتحركات تلك الحشرة على المدى القريب أو البعيد، وتعتبر حشرة اليعسوب من الحشرات القادرة على الصيد أوقات الظلام بصورة طبيعية.