يظن الكثير منّا أن الحيوانات كائنات حية لا تمتلك عقولاً تساعدها على التفكير متوسط أو بعيد المدى، وأنها عبارة عن كائنات حية تعيش بصورة عشوائية لا تمتلك أية خطّة أو استراتيجية من أجل الحياة، ولعلّ هذا السؤال عادة ما يواجه الكثير منّا هل تمتلك الحيوانات عقولاً، وهل يمكنها إدراك ذاتها؟ ولعلّ الإجابة على تلك الأسئلة يتطلب الكثير من القراءة والرصد والنقد والتحليل.
هل تدرك الحيوانات ذاتها
لعلّ من يعرف سلوك الحيوانات بصورة عن قرب يدرك تماماً أن الحيوانات تفكر وتخطط وتضع الاستراتيجيات اللازمة من أجل الحصول على الغذاء وعلى المكان وعلى السيادة وعلى الأنثى ومن أجل الحياة لفترات أطول، فبعض الحيوانات تهاجر عندما تدرك أنّ الغذاء لا يكفي في موسم الجفاف بحثاً عن أماكن أخرى تساعدها على الحياة مثل الحمار الوحشي وثيران النو والبقر الأفريقي والعديد من الطيور، فهي تؤمن بذاتها وتدرك أن الحياة تتطلب الكثير من العمل والمجازفة والحركة.
تدرك الحيوانات ذاتها عندما تفكر بالكيفية التي ستقوم بالصيد من خلالها، فالنمور لا تصيد بطريقة عشوائية كونها تقوم برصد الكمائن وتقوم بالتسلل وتهرب عندما تجد خطورة في أمر الصيد من خلال التفكير المسبق، وتقوم الذئاب بالعمل بصورة جماعية وتعتمد على رأي القائد ألفا الذي يتحكم في قرارات المجموعة من أجل الصيد والملاحقة وغيرها وكذلك هي الحال بالنسبة للأسود والضباع.
بالطبع تجتمع طيور البطريق عن قصد في فصل الشتاء البارد جداً للحصول على الدفء اللازم الذي يضمن لها الحياة، وتقوم الإناث بالتضحية بنفسها من أجل الحصول على الغذاء وإطعامه للصغار، وتكون بعض الحيوانات مخلصة لبعضها البعض مثل الصقور وبعض أنواع النسور ولا يتزوج أحدهما بعد أن يموت الآخر أبداً، وتضحي الغزالة المسكينة بنفسها في محاولة حماية صغيرها الضعيف كونها تؤمن بذاتها وتدرك أنها لا بد وأن تحمي صغيرها.
في الختام لا يوجد كائنات حية يمكن لها أن تتنافس مع البشر فيما يتعلق بإدراك الذات وكيفية التواصل، إلا أن للحيوانات العديد من السلوكيات التي تشير أنها تدرك ذاتها وتعرف حدودها ولا تجازف في قتال أو صيد أو تزاوج أو هجرة ما لم تكون مستنفذة جميع المحاولات التي تضمن لها الحياة بصورة طبيعية، ولعل سلوك الحيوانات يثبت أنها قادرة على إدراك الذات مع بعض الاختلافات ما بين حيوان وآخر.