لقد قرأنا وشاهدنا دببة قطبية تقوم بالسبات الشتوي لأسابيع وشهور أثناء فترة البرد الشديد التي يصعب خلالها الصيد أو القيام بأي سلوكيات طبيعية، ويمكن للخفاش أن يحصل على فترة من السبات الشتوي في حال البرودة الشديدة، وكذلك هي الحال بالنسبة لمعظم الحشرات والزواحف وحتّى الثدييات التي تمكث في البرد الشديد لحين ارتفاع درجات الحرارة.
سلوك ضفدع الخشب الألاسكي في التعايش
لعلّنا لم نسمع من قبل بحيوانات يمكن لها الموت لفترة تصل لغاية سبعة شهور ومن ثمّ الحياة مرّة أخرى، هذا ما سنتعرف عليه من خلال قراءة سلوك ضفدع الخشب الألاسكي.
تعتبر الضفادع من البرمائيات ذوات الدم البارد، فهي حيوانات يمكن لها التعايش في التجمعات المائية والبرك التي تضمن لها الحياة في الحصول على الغذاء والحشرات التي تساعدها على التحرك والتكاثر بصورة طبيعية، ولكن المنطقة التي يتعايش فيها ضفدع الخشب الألاسكي لا تعتبر كأي منطقة يمكن خلالها قراءة سلوك حيوان مثل غزال الرنّة الضخم أو الفقمة، بل ضفدع صغير برمائي بالكاد يمكنه تحمّل درجات الحرارة القاسية.
إن الطبيعية الجسدية الكيميائية لهذا النوع من الضفادع يسمح لها بأن تتعايش في أكثر المناطق برودة على وجه الأرض، إذ يمكن لهذه الحيوانات الصغيرة أن تحتمل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة والتي تصل لغاية ثمانية عشرة درجة تحت الصفر.
وفي هذه الحالة فإنّ جميع المؤشرات الحيوية من نبض وتنفس وحركة في الشرايين تكون في حالة فقدان تام، بمعنى آخر أن هذا الضفدع الصغير يموت في موسم الشتاء البارد بصورة تامة، مع المحافظة على كافة تفاصيل جسده المتجمد لمدة تصل لغاية سبعة أشهر، ويتواجد مادة في الأنسجة تساعد على حفظ الأعضاء من التلف.
بعد أن يبدأ الشتاء بالانقشاع التدريجي وتبدأ درجات الحرارة بالعودة إلى سابق عهدها تدبّ الحياة بصورة فريدة في هذا الحيوان الصغير، ليبدأ القلب بالنبض مرّة أخرى وتعود الأنفاس أدراجها ويبدأ بسلوكه المعتاد في الحياة.
يعتبر هذا السلوك الحياتي مثيراً ونادراً لا يمكن رؤيته في أي حيوان آخر ولكنه يحدث، والأمر المثير للدهشة أن الضفدع الخشبي الصغير يعود إلى سابق عهده ويبدأ في المنافسة مرّة أخرى في مرحلة الحياة، وقد يتعرّض أثناء سلوكه في الحركة والسباحة والحصول على الغذاء إلى الصيد من قبل حيوان مفترس آخر والموت بصورة حقيقية هذه المرة، ولكن تبقى التركيبة الجسدية لهذا النوع من الحيوانات هي الأكثر غرابة من بين جميع الحيوانات.