الديمقراطية في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


تَعود أُصول كَلِمة الديمقراطيّة إِلى اليُونَانية القَديمَة، فَقدَ عَرف اليُونان القُدَماء أَشكال الحُكم الديمِقراطيّ، التي عَبَّرت عَن حُكمِ الشَّعب لِنَفسهِ مِن خِلال المَجالِس المُختَلِفة، وَ إنَّ لَفظ الديمقراطيّة مُكوَّن مِن قسمين: وَ هي (دِيموس) وَ معنَاها عَامّة الشَّعب أَو الشَّعب، وَ (كَراتيا) وَ تَعني حُكم، فَيَكون مَعناها هذا اللَّفظ حُكمِ الشَّعب.

معنى الديمقراطيّة في الإسلام:

أَمّا مَفهُوم الديمقراطِيّة فِي الإِسلام، فَيُشير إِلى أُسلوبٍ مِن أَساليبِ الحُكم وَ تَشرِيع القَرارَات وَ إِبداءِ الرَّأيِ، المُستند إِلى مَرجِعيَّة وَضعيَّة وَ قَوانِين وَدَساتِير، لَم تُأسّس وِفق رُؤيَة القُرآن الكَريم وَالسُنّة النَبَويّة المُطهَّرة، التي تُعتَبر المَرجِع الرَّئيسي عِند المُسلِمين لِاستنباطِ الأَحكام وَالمَسائِل، وَمَعرِفة الحَلال وَالحَرام وَما يَنبََغي فِعلُه وَما لا يَنبغِي فِعله.

جَوانب تَعارض الإسلام مع الديمقراطيّة:

تَتَعارض الدِيمقراطِيّة بِلا شَكّ مَع الشَّريعَة الإِسلامِيّة في جَوانِب كَثيرة مِنها:

  • إنَّ القُرآن الكَريم قَد بَيَّن فِي نُصوصٍ وَاضِحَة صَريحَة أَنَّ الحُكم هُو للهِ تَعالى، فَهو سُبحانَه وَحدهُ المُشرّع الذي وَضع لِلنّاس كُلّ ما يَصلُح لَهم فِي حَياتهم مِن جَميعِ جَوانبها، فَحكمه سُبحانَه لا مُعقّب لَهُ، وَ لا يَأتِيه البَاطِل مِن بَين يَديه وَلا مِن خَلفهِ، فَهو الحَقّ المُطلَق المُبين، وَ إِنّ الأدلة على ذلك هِي في القُرآن الكَريم فِي قَولِه تَعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون)، بَينَما نَرى أَنّ الديمقراطِيّة تُعطي الشَّعب أَو نُوّابه حَقّ التّشرِيع وَ إِصدارِ الأَحكام فِي الأُمور وَالمَسائِل، التي نَزل فِيها حُكمٌ رَبّانِي قَطعيّ، وَ مِن الأَمثِلة عَلى ذلك مَسأَلة الخُمور وَبَيعها وَشِرائها وَ تَدَاولها، وَ التي تَطرَح في كَثيرٍ مِن المَجالِس المُسمّاةِ بِالديمقراطِيّة، وَ إِنَّ مُجرّد تَصويت الأَكثَريّة فِي المَجالِس عَلى قَرارِ إِباحة الخَمر بَيعَاً وَشِراء، يَجعَلها كَذلك فِي وَاقِع الحَال وَ هذا يُخالِف حُكم الله تَعالى.
  • إنَّ حُكم الدِيمقراطِيّات المُعَاصِرة يَتَضمّن إِلزام الحَاكِم بِرأَي الأَكثَريّة، بَينَما فِي الإِسلام قَد يُرجّح الحَاكِم أَمرَاً بَعد الاستِماع إِلى آراءِ الخُبَراء وَ النُّواب وَ مُشاورتهم.
  • إنَّ الإِسلام لقَد وَضَع مَبدأ الشّورَى القَائِم عَلى المُشاوَرة بين أَهلِ الخِبرة وَالعِلم وَالكَفاءَة بِما لم يَرد فيهِ النَّص، حَيث يَكُون مَظنّة الاجتهاد البَشريّ، بَيَنما لا تَشتَرط المَجالِس المُسمَّاة بِالديمقراطِيّة أَن يَكون المُختَارِين عَلى دَرجةٍ مِن الكَفاءَة أو العِلم، فَقد يَتَولّى النِيابة مَثلاً أَهلِ الفَنّ المُبتَذَل، أَو سُفَهاء النَّاس.

جوانِب التشابه بين الديمقراطيّة والشورى:

فعلى الرُّغم مِن الاختِلافات الكَثيَرة بَين مَفهومَي الدِيمقراطِيّّة وَ الشُّورَى، إِلَّا أَنّ كِليهما يُؤَكّد مَعنى الحُريّة وَ إِبداءِ الرَّأي الذي هُو حَقٌّ لِكلّ إِنسانٍ عَلى وَجهِ هذهِ الأَرض، كَما يُؤَكّد كِلا المَفهومَين عَلى حَقِّ المُشارَكة السِياسيَّة لِكلِّ إِنسانٍ مِن خِلال الانتِخابات التي هِي أَحَد تَعابِير وَ أَشكالِ الديمقراطِيَّة، أَو مِن خِلالِ مَجالِس أَهلِ الحَلِّ وَ العَقد التي يَكُون لَها دَورٌ كَبير فِي اختِيار الحَاكم وَ المَسؤُولين كَما فِي مَفهُوم الشُّورى فِي الإِسلام.


شارك المقالة: