من هو البلخي؟
هو جعفر بن محمد بن عمر البلخي، يُكنى بأبو معشر، اشتهر في الغرب باسم” ألبوماسر”، يُعتبر واحداً من أوائل الفلكيين المُسلمين حيث حقق شهرةً عالمية وصلت إلى أبعد الدول والمناطق العربية والغربية، كما أنّه كان عالماً رياضياً وفلكيّاً عربياً مُسلماً، حقق العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في تقدّم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، إلى جانب دورها في زيادة مكانته وقيمته العلمية والثقافية.
كان أبو معشر البلخي من مواليد مدينة بلخ الواقعة شرقي مدينة خراسان، التي كان قد مكّث فيها مُعظم حياته، كما أنّ أولى دراساته كان قد مارسها في مسقط رأسه، هذا فقد ولد في حوالي عام” 117″ للهجرة، عُرف عنه أنّه كان ينتمي لواحدة من الأسر المعروفة والتي اشتهرت بعلمها ودراساته، كما أنّها كانت تحث على ضرورة التزام الفرد بأعماله واعتماده على ذاته؛ الأمر الذي جعل من البلخي شخصيةً عملية قبل أن تكون علمية.
كانت دراسات وأبحاث أبو معشر البلخي ترتكز بشكلٍ رئيسي على علوم الفلك؛ الأمر الذي جعله واحداً من أعظم وأشهر الفلكيين المُسلمين الذين ظهرو في زمانه، إلى جانب ذلك فقد كانت له العديد من الإنجازات والابتكارات في علوم الرياضيات والحساب والهندسة والعدد، إضافة إلى كونه اهتم بشكل واضح في كل من علوم الأدب والفلسفة والحديث وغيرها العديد من العلوم والمعارف التي كان لها دوراً واضحاً في تقدّمه وازدهاره.
عُرف عن أبو معشر البلخي أنّه كان كثير السفر والتنقّل والترحال، فقد جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ حتى أنّ شهرته زادت بشكلٍ كبير وواضح في العديد من الدول الغربية، كما أنّه تمكّن من تقديم جميع أبحاثه ودراساته في كل مكان كان يزوره؛ الأمر الذي جعله يحظى باهتمام العديد ممن عاصره من علماء وحكماء وفلاسفة.
هذا وقد يعود السبب الرئيسي وراء كثرة سفر أبو معشر البلخي وتنقلاته هو أنّه لم يكتفي بالعلوم والمعرفة التي كان قد أخذها عن من عاصره من علماء وأساتذة، فقرر الانتقال إلى عدد من الدول المجاورة والتي بدأ يتعلّم فيها كل الأمور والمفاهيم التي تتعلّق بعلوم الرياضيات ومجالاته، إلى أن حصل على كماً علمياً واسعاً مكّنه من العودة إلى مسقط رأسه التي حظي بها بمكانةٍ وتكريماتٍ عديدة.
اشتهر أبو معشر البلخي بذكائه وفطنته وحنكته، إلى جانب أنّه كان كريماً إيجابياً يسعى لإرضاء كل من حوله، لا يرضى بالظلم والإهانة، مُحباً للخير، كثير العمل والعلم، واسع المعرفة، كما أنّه كان يتمتع بذاكرةٍ قوية ساعدته بشكلٍ واضح على تطوير فكره وثقافته وعلومه.
يُعدّ أبو معشر البلخي واحداً من أهم وأكبر العلماء في ذلك الزمان، حيث قدّم العديد من الإنجازات والاكتشافات التي زادت من علومه ومعرفته إلى جانب دورها الكبير والواضح في تقدّمه وزيادة مكانته ودرجته، هذا وقد عُرف عن البلخي أنه كان يعتمد على مبدأ التجربة والتطبيق قبل أن يقدم أي فكرة أو ابتكار، حيث لم يكن يعرض ما توصل إليه إلا بعد تأكده من أنّه صحيحاً خالياً من أية أخطاء.
تولّى أبو معشر البلخي العديد من المهام والمناصب التي جعلت منه شخصيةً أكثر شهرة وتطور، كما أنّ مكانته وقيمته زادت في نفوس العديد من الممالك والحكّام والسلاطين، إضافةً إلى أنه بذل العديد من الجهود والتضحيات ليتمكّن من تحقيق كل ما وُكّل إليه من مهام، حيث تولى مهمة تدريب عدداً من المنجمين والمهتمين بعلم الفلك وغيرها الكثير.
حياة أبو معشر البلخي:
انضم أبو معشر البلخي بعد الغزو العربي إلى النخبة الفكرية الخراسانية، هذا وقد كان عضواً رئيسياً من أعضاء الجيل الثالث الذين انضمو لتلك النحبة، حيث كان يُدافع باستمرار عن نهج الإنتقائية التي تم وصفها في ذلك الزمان بأنّها مُدهشة ومُتناقضة، إلى جانب ذلك فقد مرّت على أبو معشر البلخي أياماً صعبة تعرّض فيها إلى الضرب والجلد من الخليفة العباسي المُستعن بالله؛ وذلك نظراً لممارساته المُستمرة لعملية التنجيم.
عُرف عن أبو معشر البلخي أنّه كان باحثاً في الأحاديث النبوية، ولكنه نقل اهتماماته وعلومه إلى علم الفلك وذلك عندما كان في سن السابعة والأربعين، إلى جانب تأثره الواضح في علوم الفلسفة؛ الأمر الذي جعله دائم الخلافات مع الكندي الفيسلوف الأول في ذلك الزمان خاصةً أنّ الكندي كان يشترط على من يريد تعلّم الفلسفة أن يكون على درايةٍ كاملة بعلوم الرياضيات.
أشهر مؤلفات أبو معشر البلخي:
- كتاب” المدخل الكبير “.
- كتاب” الملل والدول “.
- كتاب” مؤشرات الإقتران الكوكبي “.
- كتاب” الآلاف “.
وفاة أبو معشر البلخي:
توفّي البلخي بعد حياةٍ مليئة بالإنجازات والابتكارات، وبعد أن تمكّن من تحقيق شهرةً عالمية جعلته يبقى حيّاً في قلوب كل من عاصره، حيث توفّي في التاسع من آذار في عام” 886″.