نبذة عن ابن باجة:
هو أبو بكر محمد بن يحيي بن الصائغ بن باجة التجيبي، كان من أبرز الفلاسفة المسلمين، اشتهر في العديد من العلوم والمجالات، كما أنّه كان له العديد من الاهتمامات في مجال الطب والرياضيات والهندسة إلى جانب اهتمامه بالفلك والفلسفة والموسيقى، اشتهر بشكلٍ كبير في عصره حيث كان واحداً من أبرز الوزراء والقضاة في ذلك الزمان، كما أنّه كان يُعرف عند الغرب باسم” Avempace”.
ولد ابن باجة ونشأ في مدينة سرقسطة، كان له العديد من الإنجازات والإسهامات، عَمِل كاتباً لإحدى مسؤولين تلك المدينة وهو ابراهيم بن تيفلويت الذي كان كريماً وسخي لدرجةٍ جعلت ابن باجة صاحب مال وسلطة، إضافةً إلى ذلك فقد تم تعيين ابن باجة وزيراً بعد أن حقق نجاحاً كبيراً في درساته وأبحاثه، وبقي وزيراً حتى وفاته.
اشتهر ابن باجة بكثرة سفره وتنقله، حيث اتجه إلى مدينة شاطبة التي كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة أبو اسحاق ابراهيم بن يوسف بن تاشفين، هذا وقد تمكّن ابن باجة من اثبات نفسه ودراساته وأبحاثه في كل مكان يتجه إليه.
كان ابن باجة واحداً من العلماء الذين تميزو بذكائهم وفطنتهم، إلى جانب ذلك فقد كان محبوباً عند كل من يلتقي به، إلّا أنّه وبالرغم من ذلك فقد كان لابن باجة علاقةً سيئة بالعديد من العلماء أمثال: ابن أبي زهر والفتح بن خاقان، حيث قام هؤلاء العلماء بهجماتٍ صارمة على ابن باجة، إلى جانب محاولاتهم في تشويه صورته عند وزراء وأمراء المدينة التي يسكنها، ولكن باءت محاولتهم تلك بالفشل فقد بقيت مكانة ابن باجة محفوظة حتى وفاته.
اهتم ابن باجة بشكلٍ كبير في مجال الفلسفة، حيث عمد بشكلٍ كبير على العودة إلى الأصول الأرسطية لعلم الفلسفة؛ وذلك من خلال رجوعه واعتماده بشكلٍ كبير على كتب أرسطو، إلى جانب ذلك فقد ركز ابن باجة في دراساته لهذا العلم على الإبتعاد عن الأفكار العرفانية والأفلاطونية؛ الأمر الذي جعله يُكوّن تياراً جديداً صاعداً حاول الفصل بين الأفكار العرفانية التي اختلطت بشكلٍ واضح في ذلك الزمان بالفكر الإسلامي.
كان ابن باجة عالماً وفيلسوفاً مُسلماً، اشتهر بشكلٍ كبير في زمان، لم يتم ذكر أي معلومات دقيقة عن تاريخ ولادته، إلا أنّه وحسب ما ورد في العديد من الروايات أنّه ولد في السنوات الأخيرة من القرن الحادي عشر للميلاد، كما أنّه كان واحداً من أبرز وأشهر رجالات ذلك العصر، حيث اشتهر بعلمه ومعرفته إلى جانب تميّزه بسرعة فهمه واستيعابه لكل ما يدور حوله.
برع ابن باجة بشكلٍ خاص في مجال الرياضيات والطب، كما أنّه اشتهر في مجال الفلسفة بشكلٍ فاق التوقعات؛ ظهر ذلك جليّاً في أبحاثه ومؤلفاته وكتبه، هذا وقد تناول ابن باجة علومه ودراساته على يد العديد من شيوخ وأساتذة المدينة التي نشأ فيها، هذا وقد كان ابن باجة ممّن يهتمون بحفظ القران والسنة الشريفة.
بعد أن أخذ ابن باجة علمه عن عدد من شيوخ وفلاسفة المنطقة بدأ في العمل بحثاً عن مصدر للرزق، حيث عمل في بداية حياته عند أبو بكر بن ابراهيم بن تيفلويت والذي كان في ذلك الوقت أميراً لمدينة سرقسطة الأندلسية، ثم بعد ذلك قرر اللجوء إلى مدينة إشبيلية وذلك بعد سقوط المدينة التي كان يقيم بها.
على الرغم من اهتمامات ابن باجة المُتعددة إلا أنّه كان يميل بشكلٍ كبير إلى علم الفلسفة التي ركّز فيها على كل ما يتعلّق بعلم الإنسان، حيث كانت أغلب أبحاثه ودراساته ترتكز على ميدان الإنسان وكل ما يتعلّق بأمور حياته، كما أنّه اهتم بالفكرة الأساسية التي تربط بين التراث الفلسفي وعقل الإنسان الفعّال.
هذا وقد تعاقبت اهتمامات ابن باجة، حيث بعد أن أنهى جميع أبحاثه ودراساته حول علم الفلسفة، اتجه إلى ميولاتٍ أخرى والتي استطاع أن يحقق فيها نجاحاتٍ وتطوراتٍ كبيرة، فمثلاً اتجه إلى الموسيقى والمنطق والطب، كما انّه اهتم في الطبيعة وكيفية تكوّنها وما يدور فيها وحولها.
على الرغم من الانجازات التي حققها ابن باجة، إلى جانب نجاحاته ومكانته المرموقة التي حظي فيها في زمانه إلّا أنّه تعرّض للعديد من المشاكل والمُضايقات والاحتجاجات على يد العديد من الحساد والأعداء الذين حاولوا جاهداً من اسقاط ابن باجة وتدميره، لذلك لم تكن حياته سعيدة بل قضى مُعظم حياته يُحاول حماية نفسه من أعدائه.
ذكرت العديد من الرويات أن ابن باجة في نهاية حياته انتقل مُنعزلاً إلى مدينة فاس التي قضى فيها آخر أيامه إلى أن توفي في عام”533″ للهجرة في شهر رمضان المبارك، هذا وقد تم الذكر أن سبب وفاة ابن باجة يعود إلى لجوء طبيبه الخاص الذي لم تكن علاقته جيدة به بوضع سُم له.