من هو ابن جزلة؟
المُحسن أبو علي يحيى بن عيسى بن جزلة، يُلقّب بالبغدادي، كان طبيباً وعالماً وأديباً وفيلسوفاً عربياً مسيحياً، اعتنق الإسلام في حوالي عام”1074″ للميلاد، قدّم العديد من الإسهامات والإنجازات التي كانت لها دور واضح في تقدّم وازدهار الدولة العربية الإسلامية.
إلى جانب ذلك فقد كان لابن جزلة العديد من الدراسات والأبحاث والإكتشافات التي بدورها ساهمت في تقدّمه وزيادة مكانته وقيمته في العالم العربي والغربي، حيث يُقال أنّ شهرته وصلت إلى العديد من الدول الأوروبية خاصةً أنّ أبحاثه واكتشافاته كانت مُستمرة دون انقطاع، هذا وقد عُرف عند الغربيين باسم”Bengesla”.
كان ابن جزلة من مواليد مدينة بغداد التي مكث فيها مُعظم حياته وتعلّم فيها، إضافةً إلى ذلك فلم يتم تحديد تاريخ ميلاده بشكلٍ دقيق، ولكن يُقال أنّه عاش في القرن الحادي عشر للميلادي، كما أنّه كانت له العديد من الاهتمامات والميولات فإلى جانب اهتمامه بالطب، فقد كان يتعلّم بشكلٍ دائم علوم الأدب والمنطق واللغة والكلام.
كان المُحسن بن جزلة واحداً من الأطباء المعروفين والمشهورين في مدينة بغداد بشكلٍ خاص، بذل جهوداً وتضحيات كبيرة في سبيل إيصال علمه ومعرفته، هذا وقد عُرف عنه أنّه جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ وذلك بحثاً للعلم، ورغبةً منه في تقدّم نفسه وزيادة أفكاره ومعلوماته، إلى جانب أنّه كان يعتمد على مبدأ التجربة والتطبيق قبل أن يُقدّم أي اكتشاف أو إسهام توصّل إليه.
كان لابن جزلة العديد من الإسهامات والإختراعات في شتى العلوم والمعارف، كما أنّ أولى اهتماماته كانت في مجال الطب وعلومه، حيث استطاع أن يُقدم العديد من الاكتشافات والصناعات التي لا يزال جزءاً كبيراً منها موجوداً حتى يومنا هذا، إلى جانب أنّها كانت في أغلب الأحيان المرجع الرئيسي للعديد من للعلماء والأطباء الذين بزغوا في زمانه وحتى بعد وفاته.
تولّى ابن جزلة العديد من المهام والمناصب التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في ازدهاره وزيادة مكانته في نفوس من عاصره من علماء وأدباء وأطباء وحتى من تبعوه، كما أنّه حاول جاهداً تحقيق كل ما وُكّل إليه من مهام ومناصب؛ الأمر الي جعل العديد من الحكام والسلاطين يرغبون في وجوده بشكلٍ دائم، ومن أهم الأعمال التي تولاها هي أنّه تم تعيينه ناسخاً في بيت الحكمة من قِبل قاضي بغداد الحنفي؛ كمساعدةٍ منه على إتمام دراساته وأبحاثه خاصةً أنّ وضعه المادي لم يكن يسمح له بإتمامها، كما أنّه كان طبيباً من أطباء الخليفة العباسي المُقتدر بالله.
إسهامات ابن جزلة:
ساهم ابن جزلة بشكلٍ كبير في تقدّم علم العقاقير والصيدلة، إلى جانب دوره الواضح في دراسة النباتات والأعشاب وكيفيّة صناعة الأدوية منها، هذا وقد درس الطب على يد الطبيب العشّاب الذي أخذ عنه كل علومه ومعارفه، كما أنّه نجح في صناعة الطب والعديد من الأدوية والمُستحضرات الطبية التي شكّلت نقلةً نوعيةً في حياته وتقدّم مدينته.
ساهم ابن جزلة بشكلٍ كبير في مجال الطب وذلك من خلال قيامه بوضع جداول تشتمل على شروح وافية عن كل نوع من الأمراض التي قد تُصيب الإنسان، كما أنّه استعرض أنواع تلك الأوبئة والأمراض، ومتى تحدّث وتظهر، حتى أنّه تمكّن من النجاح في تحديد أهم البلدان والمناطق التي قد تنتشر بها تلك الأمراض.
كان لابن جزلة طريقته الخاصة في مُتابعة أعضاء الجسم وتشخيص حالاتها وأمراضها؛ الأمر الذي جعله ينجح في وضع جداول تُسهّل على الشخص استعمال الأدوية المُناسبة في علاج تلك الأمراض.
هذا وقد نجح في الربط بين حالة المريض النفسية والاجتماعية وتحديد نوع المرض الذي قد يُصيبه وذلك من خلال ربط كليهما في جداول خاصة لتلك الأمور؛ الأمر الذي جعل ذلك الإسهام من أوائل الإنجازات التي نجحت في الربط بين علوم الطب وعلم الإجتماع وعلم النفس.
إلى جانب ذلك فقد كان ابن جزلة من أوائل الأطباء الذين توصلوا إلى علاج الأمراض الجلدية خاصةً أمراض الرأس الجلدية كالثعلبة والقرع وكل الأمراض التي قد تتعلّق بجلدية الرأس، إضافةً إلى أنّه كانت له اهتماماتٍ واضحة في مجال طب الأطفال.
وأهم ما تميّز به ابن جزلة في علاجه للأمراض إلى جانب تركيزه على نفسية المريض هي حثه الدائم على ضرورة سماع الموسيقى والتي بدورها تُسرع من علاج المريض وشفائه، حيث أنّه قال في إحدى كتبه:” إنّ أهمية الألحان وموقعها في علاج النفوس المريضة كأهمية الأدوية في الأبدان والأجسام المريضة”.
أشهر مؤلفات ابن جزلة:
تمكّن ابن جزلة من تقديم العديد من الكتب والمؤلفات التي ساعدته على الازدهار بشكلٍ كبير، كما أنّ جزءاً كبيراً منها لا يزال يُستخدم حتى هذه الأيام، ومن أهم تلك الكتب:
- كتاب” تقويم الأبدان في تدبير الإنسان” والذي يُعدّ من أهم تلك الكتب التي قدّمها، حيث رتّب فيه ابن جزلة أسماء الأمراض ووضعها في جداول خاصة، إلى جانب أنّه قدّم وصفاً شاملاً لعلاج العديد من تلك الأمراض.
- كتاب” منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان”: كتب ابن جزلة هذا الكتاب كهدية شكر للخليفة العباسي المُقتدي، حيث احتوى هذا الكتاب على قائمة من العقاقير والأعشاب الطبية.