من هو ابن جلجل؟
هو أبو داود سليمان بن حسان، والمعروف بابن جُلجُل، كان طبيباً وعالماً وفيلسوفاً عربياً مُسلماً، حقق العديد من الإنجازات والإسهامات التي كان لها دوراً كبير في تقدّم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، كما أنّ له العديد من الابتكارات والاختراعات التي ساعدت في تقدّمه وزيادة قيمته ومكانته العلمية والعملية.
حقق ابن جلجل شهرةً عظيمة في زمانه وحتى بعد وفاته، كما أنّه قدّم العديد من التضحيّات في سبيل إيصال علمه وابتكاراته، اعتمد في دراساته وأبحاثه على مبدأ التجربة أولاً، كما أنّه كان يعتمد في نجاحها على الدلائل والوقائع التي أمامه.
عُرف عن ابن جلجل أنّه كان كثير السفر والتنقّل والترحال، حيث جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ وذلك بحثاً للعلم ورغبةً منه في إتمام دراساته، كما أنّه كان يطمح إلى الوصول إلى أعلى درجات العلم والمعرفة، إلى جانب ذلك فقد اشتهر بذكائه وفطنته وحنكته؛ الأمر الذي جعله يُحقق نجاحاً كبيراً في كل الأمور التي توصّل إليها.
كان ابن جلجل من مواليد مدينة قرطبة الموجودة في الأندلس، التي مكث فيها مُعظم حياته وأبحاثه، كما أنّه التقى بعدد كبير من شيوخ تلك المدينة الذين أخذ عنهم، هذا وما زالت هناك اختلافات في آراء العلماء حول تحديد التاريخ الصحيح لولادة ابن جلجل، حيث يُقال في إحدى الروايات أنّه ولد في حوالي عام”332″ للهجرة.
عُرف عن ابن جلجل أنّه كان من أهل الحفظ والتطلّع والدراسة، حيث كان الطب وعلومه هو أولى اهتمامته، إلى جانب اهتمامه في العديد من العلوم والمجالات المُختلفة؛ الأمر الذي جعل منه شخصيةً مُبدعةً بازغة تسعى دوماً لتحقيق طموحاتها وأهدافها، ومن أهم العلوم التي اهتم بها ابن جلجل هي: علوم اللغة والأدب والمنطق والحكمة.
كان ابن جلجل يُقيم العديد من الندوات والمُحاضرات التي يحضرها شيوخ وكبار الدول، إلى جانب العديد من الأناس العاديين؛ الأمر الذي جعله واحداً من أهم المصادر التي يرجع إليها العلماء والأطباء والطلاب لإتمام أبحاثهم ودراساتهم، هذا وقد أخذ العديد من العلماء عن ابن جلجل كما أنّه أخذ منهم.
أخذ ابن جلجل علوم اللغة عن العالم المعروف محمد بن يحيى الرباحي وذلك في حوالي عام” 385″ للهجرة، أمّا علم الحديث فقد أخذه عن أبي بكر أحمد بن الفضل الذي التقى به في مدينة قرطبة ولازمه في العديد من أعماله.
إلى جانب ذلك فقد كانت علوم ابن جلجل تُعتمد بشكلٍ كبير في الشرق العربي، كما أنّ هناك العديد ممّن يهتمون بمجال الطب ويدرسونه يلجأون إلى تلك العلوم، هذا وقد وصلت آراءه خاصةً تلك التي تتعلّق بالطب وعلومه إلى الدول الأوروبية بشكلٍ كبير.
تولى ابن جلجل العديد من المهام والمناصب التي ساعدته في رقع قيمته المادية والمعنوية، إلى جانب أنّها منحته الفرصة أمام اتمام دراساته في علوم الطب التي كان قد بدأ بها في سن الرابعة عشر وأنهاها عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره، ومن أهم تلك المهام أنّه كان الطبيب الخاص للخليفة هشام المؤيد بالله.
أشهر مؤلفات ابن جلجل:
استطاع ابن جلجل كغيره من العلماء من تقديم عدداً من الكتب والمؤلفات التي بدورها ساعدته على التقدّم والإزدهار، إلى جانب مكانته وقيمته العظيمة التي زادت في نفوس العديد من العلماء والأدباء والأطباء خاصةً بعد نجاح تلك المؤلفات والكتب، ومن أشهر تلك المؤلفات التي لاقت نجاحاً وشهرةً كبيرة:
- كتاب” طبقات الأطباء والحكماء”: يُعدّ هذا الكتاب بمثابة موسوعة علمية ضخمة، ساهمت بشكلٍ كبير في تقدّم علوم الطب وازدهاره، إلى جانب ذلك فقد تناول ابن جلجل في كتابه هذا الحديث عن كل الأمور التي تتعلّق بعلم الطب والأدوية والعقاقير، أنهى ابن جلجل كتابه هذا في حوالي عام” 377″ للهجرة، كما أنّه يُعدّ ثاني أقدم تأريخ تم تقديمه للأطباء باللغة العربية.
- كتاب” تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدوس “: يُعتبر هذا الكتاب من أكثر الكتب التي أخذت وقتاً وجهداً كبيراً من ابن جلجل حتى تمكّن من الانتهاء منه، حيث قام ابن جلجل بترجمة كتاب الحشائش للكاتب ديسقوريدس كما أنّه عمل على شرحه والتعليق عليه خاصةً فيما يتعلّق بعلم الأدوية وأسمائها.
- إلى جانب ذلك فقد قدّم ابن جلجل العديد من الرسائل والمقالات التي تحدّث فيها عن مواضيع مُختلفة، ومن أشهر تلك الرسائل: رسالة” التبيين فيما غلط فيه بعض المتطببين” حيث بيّن ابن جلجل في رسالته هذه جميع الأخطاء التي قد يقوم بها بعض الأطباء إلى جانب الآثار الناتجة عن ذلك، إضافةً إلى ذلك فقد قدّم مقالةٍ رئيسية خاصة حول علم الأدوية والتي أسماها” مقالة في أدوية الترياق”.