من هو ابن مندويه؟
هو علي بن مندويه، كان طبيباً وعالماً وفيلسوفاً ومُترجماً وصيدلانياً وشاعراً فارسي، حقق العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً في تقدّمه وازدهاره، إلى جانب نجاحاته الكثيرة التي ساهمت بشكلٍ كبير في نمو وازدهار دولته، لم تذكر أي من الروايات تاريخ ميلاده، حتى أنّ تاريخ وفاته كان مشكوكاً فيه، فهناك روايات تقول أنّه توفّي في مدينة بغداد في حوالي سنة” 370″ للهجرة، أي في أواخر القرن التاسع للميلادي، في حين تذكر رواياتٍ أخرى أنّه توفي في القرن العاشر للميلاد وبالتحديد في بداياته.
إضافةً إلى ذلك فقد حقق علي بن مندويه شهرةً كبيرة في كل مكان يزوره، خاصةً إنّه قد عُرف عنه أنّه كان كثير التجوّل والترحال والسفر، حيث أنّه جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ وذلك بحثاً للعلم ورغبةً منه في تقدّم وتطوّر نفسه وعلومه، إلى جانب حبه للاستطلاع والاستكشاف.
تولّى علي بن مندويه العديد من المهام والمناصب التي كان لها دوراً واضحاً في تقدّمه كما أنّها زادت من مكانته وقيمته عند كل من عاصروه من علماء وأطباء وحكماء، إلى جانب مكانته في نفوس العديد من الخلفاء والملوك والسلاطين، حيث طلبه عضد الدولة بن بويه للعمل في البيمارستان العضدي الموجود في مدينة بغداد، فلبّى علي بن مندويه ذلك الطلب كما أنّه نجح في كل ما وُكّل إليه من أعمال وأبحاث.
تميّز بن مندويه بذكاءه وفطنته وحنكته، إلى جانب أنّه كان يتمتع بخفة ظله ودهاءه، كما عُرف عنه أنّه لم يكن يؤمن بالخرافات والأساطير التي كان العديد من أهله يؤمنون بها، هذا وقد عُرف بكرمه وطيب أصله وحبه الكبير للمعرفة والبحث، كما أنّه كان محبوباً بشكلٍ كبير وخاص في مدينة أصفهان.
كان علي بن مندويه واحداً من الأطباء المعروفين والمشهورين في مدينة بغداد بشكلٍ خاص، بذل جهوداً وتضحيات كبيرة في سبيل إيصال علمه ومعرفته، إلى جانب أنّه كان يعتمد على مبدأ التجربة والتطبيق قبل أن يُقدّم أي اكتشاف أو إسهام توصّل إليه؛ وذلك لإيمانه بضرورة التأكد من ذلك الإسهام ونجاحه.
كان لابن مندويه العديد من الإسهامات والإختراعات في شتى العلوم والمعارف، كما أنّ أولى اهتماماته كانت في مجال وعلوم الطب والصيدلة والعقاقير والأدوية، حيث استطاع أن يُقدّم العديد من الاكتشافات والصناعات التي لا يزال جزءاً كبيراً منها موجوداً حتى يومنا هذا، إلى جانب أنّها كانت في أغلب الأحيان المرجع الرئيسي للعديد من للعلماء والأطباء الذين بزغوا في زمانه وحتى بعد وفاته.
هذا وقد كانت له اهتماماتٍ وميولاتٍ أخرى، حيث أنّه اهتم بشكلٍ رئيسي في مفهوم المعارف الصحية العامة، وقدّم شرحاً توضيحيّاً بين فيه كل الأمور والظروف الصحية المناسبة للحفاظ على جسم الإنسان سليماً معافى من الأمراض، ومن أهم تلك الظروف حسب وجهة نظره؛ المناخ، الطعام، الماء، الهواء وغيرها الكثير من تلك الأمور والظروف والتي ذكرها بشكل واضح في إحدى كتبه.
أخذ ابن مندويه علومه عن العديد من العلماء والأطباء الذين سبقوه وعاصروه، إلى جانب أنّه كان يُقيم العديد من الندوات والمُحاضرات التي يحضرها العديد من كبار وشيوخ الدول؛ الأمر الذي جعل العديد من الطلبة والعلماء يتلمذون على يده.
أشهر مؤلفات ابن مندويه:
تمكّن ابن مندويه كغيره من العلماء والأطباء من تقديم عدداً من الكتب التي لا يزال جزءاً كبيراً منها قائماً حتى يومنا هذا، إلى جانب دورها الواضح في تقدّم وتطور مكانة ابن مندويه العلمية والعملية، ومن أشهر تلك الكتب:
- كتاب” أصول الطب والمركبات العطرية”: يُعدّ هذا الكتاب من أهم الكتب التي قدمها ابن مندويه؛ وذلك نظراً لقيمة محتواه وأفكاره، حيث تناول ابن مندويه في هذا الكتاب الحديث عن كل ما يتعلّق بأمور الأدوية والعقاقير والصيدلة، إلى جانب أنّه بيّن فيه مدى اهتمامه بتركيب العطور والأدوية التي لها استخداماتٍ كثيرة ومُتعددة.
- كتاب” الكافي في الطب”: حقق هذا الكتاب شهرةً عظيمة في زمان ابن مندويه وحتى يومنا هذا، حيث يُعدّ بمثابة موسوعة علمية شاملة لكل ما يختص بعلوم الطب ومجاله، هذا وقد كان العديد من الأطباء العرب والمسلمين يعتمدون على هذا الكتاب بشكلٍ كبير لإتمام أبحاثهم ودراساتهم وتجاربهم.
- إضافةً إلى كل من كتاب” المغيث في الطب” وكتاب” المختصر في علم الطب”، هذا وقد قدّم بن مندويه العديد من الرسائل التي تناول فيها الحديث عن مواضيع مختلفة ومن أهم تلك الرسائل:” علاج ضعف البصر وتركيب طبقات العين”، ورسالة” في أوجاع الطفل”: وهي رسالة تُبيّن مدى اهتمام ابن مندويه في طب الأطفال حيث ذكر فيها كل الأمراض التي قد تصيب الطفل منذ نعومة أظفاره.