الظواهر الكهربائية في الطبيعة

اقرأ في هذا المقال


الكهرباء التي استخدمتها البشرية مؤخراً فقط، تحدث في العالم الطبيعي بطرق عديدة مفاجئة. وسط الأمثلة الأكثر شيوعاً، والآن سنذكر مجموعة من الإكتشافات المفاجئة والمربكة أحياناً التي ظلت لفترة طويلة مجهولة السبب أو تعتبر خرافات، ولكن هذه الخرافات اكتُشِفَ أنّ جذورها في الكهرباء.

بعض الظواهر الكهربائية الغريبة التي وجدت في الطبيعة:

الصافرات – Whistlers:

الصّافرات، والمعروفة أيضاً بإسم “جوقة الفجر الكهرومغناطيسية – electromagnetic dawn chorus” لأنّ الأصوات التي تصدرها تشبه أصوات العصافير في الصباح الباكر، هي أصوات غير أرضية تذكرنا بفرق الصخور الفضائية المبكرة مثل (Hawkwind). تتشكل في الغلاف الجوي العلوي أثناء تفريغ البرق، ويمكن التقاطها وتسجيلها باستخدام معدات بسيطة بواسطة أجهزة الراديو.

غالبًا ما يسافر هواة تسجيل الصافرات الجريئين، المعروفين بإسم “صائدوا الصفير – whistler hunters” لمسافات طويلة إلى مناطق غير ملوثة بخطوط الطاقة والتداخل الكهرومغناطيسي الآخر من أجل الحصول على أفضل التسجيلات. استخدمت فرق غنائية مثل (Pink Floyd) الأصوات السماويّة كأجزاء من أغانيهم. “Cluster One”، وهو مقطع موسيقي في ألبوم (The Division Bell) للفرقة يستفيد بشكل كبير من هذه التسجيلات لإنشاء مشهد صوتي يصعب تحقيقه باستخدام الآلات التقليدية.

بعض أنواع البرق و العواصف الغريبة:

برق كاتاتومبو – Catatumbo Lightning:

برق كاتاتومبو، المعروف أيضاً بإسم “العاصفة الأبدية”، هو أكثر العواصف ثباتاً على الأرض، تم العثور على عرض البرق المتواصل عند مصب نهر كاتاتومبو في فنزويلا، وقد نشأت العديد من الأساطير والخرافات بين السكان الأصليين. الميثان القابل للاشتعال من المستنقع المحيط بجبال الأنديز مع هبوب الرياح من جبال الأنديز يخلق بيئة متقلبة، مما يتسبب في ضربات البرق المستمرة.

يبدأ الرعد الشديد بعد الغسق مباشرة ويستمر حوالي 10 ساعات، يضرب البرق ما يصل إلى 20000 مرة في الليلة، هذه العاصفة شبه اليومية شديدة جداً لدرجة أنَّها تم تحديدها على أنَّها أكثر المواد الفعالة لتجديد الأوزون في غلافنا الجوي وتم تصنيفها كموقع للتراث العالمي لليونسكو، تم وصف البرق نفسه بأنّ لونه أحمر برتقالي ويمكن رؤيته في الليالي الصافية على طول الطريق من منطقة البحر الكاريبي، ولكن نادراً ما يُسمع الرعد من تلك المسافة. الغريب في الأمر أنّ البرق توقف لمدة شهرين في عام 2010، آخر مرة تمّ فيها تسجيل ذلك كانت في عام 1906 واستمر أسبوعين، تنفس السكان الأصليون الصعداء عندما عاد مرة أخرى.

البرق الكروي – Ball Lightning:


لم يؤخذ البرق الكروي على محمل الجد إلّا مؤخراً، حتى الستينيات لم تكن موجودة رسميًا. تمّ تسجيل تقارير عن البرق الكروي لعدة قرون، يمكن أن تختلف هذه الكرات الغريبة من حجم حبة البازلاء إلى حجم حافلة صغيرة. تحوم الأجرام السماوية ذات الألوان الزاهية والصاخبة، على بعد بضعة أقدام من محيطها أثناء العواصف الرعدية، في بعض الحالات قد تنفجر بشكل عفوي وعنيف.

واحدة من أغرب ألغاز البرق الكروي هو السلوك الذكي الذي يمتلكونه، غالباً ما يدخلون المباني من خلال المداخل أو النوافذ، ويتنقلون عبر الممرات ويتنقلون في محيطهم إلى درجة تجنب الطاولات والكراسي وأي بشر قد يواجهونه، هذا الإدراك الغريب لما يحيط بهم دفع حتماً العديد من الناس إلى الاعتقاد بأنّهم خوارق في الطبيعة أو ربما كائنات غريبة.

العواصف الرعدية القذرة – Dirty Thunderstorms:

العاصفة الرعدية القذرة، التي لطالما اختلف العلماء عليها، هي عاصفة كهربائية ضخمة تنتج من ثوران بركاني، غير متأكدين ممّا يولد هذه الشحنات الكهربائية الضخمة بالضبط، يفترض العلماء أنّ جزيئات الجليد والغبار والحطام تتجمع معاً وتنتج ما يكفي من الكهرباء الساكنة لتسبب هذه الصواعق المذهلة والغريبة الملونة، أجزاء الرماد تدعم هذه النظرية ولكن هذا لا يفسر الصواعق التي تنبثق من فم البركان.

خلال عام 2011، كان هناك العديد من العواصف الرعدية القذرة في تشيلي، خاطر كثير من الناس بحياتهم لالتقاط الأحداث على الكاميرا، تشير درجة حرارة وكثافة أجزاء الرماد إلى أنّ أي ماء قد يساعد في تكوين البرق سيكون في الواقع بلا فائدة. لذلك لا يزال العلماء في حيرة من أمرهم، ولا تزال العواصف الرعدية القذرة جميلة ومراوغة كما كانت دائماً.

بعض أنواع الأشعة والضوء المنبعث:

الظاهرة البصرية للأشعة الكونية – Cosmic Ray Visual Phenomenon:

تنشأ الأشعة الكونية بعيداً في الفضاء السحيق، وتسافر لملايين السنين، وفي النهاية تضرب كوكبنا. يمتص الغلاف الجوي هذه الأشعة وبالتالي فهي غير مرئية للناس على الأرض، ولكن ماذا عن رواد الفضاء الذين يسافرون في فضاء غير محمي؟ إنّهم يرون الأضواء حتى بأعينهم مغلقة، يعمل هذا الضوء بشكل مختلف عن الضوء الذي اعتدنا عليه على الأرض.

وصفتها بعثة أبولو 11 بأنّها “نقاط – spots” و”خطوط – streaks” و”غيوم – clouds” في رؤيتها كل ثلاث دقائق أو نحو ذلك. على الرغم من أنّ هذه الظاهرة البصرية ليست مفهومة تماماً من قبل العلماء، إلّا أنّهم يعرفون أنّ الأشعة الكونية تنتقل بسرعات عالية وتمر عبر المركبات الفضائية عبر شبكية عين رواد الفضاء، وتعود إلى الفضاء مرة أخرى، لا يُعتقد أنّ الأشعة ضارة، لكن آثار هذا الوابل من الجزيئات لا يزال تحت الإختبارات.

التلألؤ الثلاثي – Triboluminescence:

يصف التلألؤ الثلاثي ظاهرة الضوء المنبعث من مادة بلورية عندما يتم فركها أو تفكيكها أو تمزيقها أو خدشها أو سحقها. على الرغم من أنّ هذا فضول آخر غير مفهوم جيداً، إلّا أنّه يُعتقد أنّ تياراً كهربائياً ينتقل عبر المادة ويسبب توهج جزيئات الغاز المحتبسة داخل البلورة. تشمل الإستخدامات الحديثة العملية للتلألؤ الثلاثي الكشف عن الإجهاد الهيكلي داخل المباني أينما شوهد.

تشمل الاستخدامات المستقبلية إيجاد إجهاد في المركبات الفضائية والسدود والجسور. عندما صادف القدماء عن غير قصد مصدر الضوء المكتشف هذا، فقد تمّ اعتباره أكثر روحانية في طبيعته، ملأ الأمريكيون الأصليون خشخيشات الإحتفالات ببلورات الكوارتز والتي ستتوهج وتومض عندما تهتز، هذا بلا شك سيضيف جواً قوياً جداً لطقوسهم. يمكنك مشاهدة هذه الأضواء في المنزل، ضع بعض مكعبات السكر على طبق في غرفة مظلمة واسحق السكر بكوب، يجب أنّ ترى ومضات من الضوء.

التلألؤ الضوئي – Sonoluminescence:

تمَّ إكتشافه خلال ثلاثينيات القرن الماضي، وهو إنتاج الضوء بواسطة الموجات الصوتية، اكتشف العلماء لأول مرة الأضواء الغامضة أثناء التحقيق في السونار البحري. وبينما كانت الموجات الصوتية تنتقل عبر الماء، فاجأ توهج أزرق مخيف ومضات من الضوء العلماء. تتوسع الفقاعات الصغيرة في الماء وتتقلص بسرعة، ممّا يؤدي إلى تراكم هائل للطاقة، في كل مرة تنهار فيها الفقاعة، ينتج عن ذلك ضغط مرتفع ودرجة حرارة وينبعث وميض من الضوء.

إنّ سبب حدوث وميض الضوء في ظل هذه الظروف موضع خلاف، لكن النظرية تقول أنّ الغازات النبيلة داخل الفقاعة تتأين لفترة وجيزة مثل “مصباح الفلورسنت” وتعود إلى حالتها الطبيعية عندما تبدأ الفقاعة في التوسع مرة أخرى. الروبيان المسدس قادر على إعادة إنتاج ومضات الضوء هذه وأعلى صوتاً من المحرك النفاث، يستخدم الروبيان المسدس مخلبه لإصدار ضوضاء وصدمة لفريسته، الضجيج ليس هو الجزء الوحيد من الهجوم الذي أذهل الفريسة، يستخدم الروبيان المسدس أيضاً اللمعان الصوتي، مما ينتج عنه فقاعات ضوئية زرقاء عالية الضغط تصل إلى 5000 درجة مئوية (8500 درجة فهرنهايت).

ومضات الشبح – Sprites:

ومضات الشبح كما يطلق عليها، هي ومضات ضخمة ساطعة – حمراء اللون عادةً – تظهر عالياً في الغلاف الجوي، يمكن أنّ يصل طولها إلى 50 كيلومتراً (30 ميلاً). تتشكل العفاريت على إرتفاع يصل إلى 80 كيلومتراً (50 ميلًا) وتحدث فوق العواصف الرعدية. ثبت أنّ النظرية القائلة بأنّ ومضات الشبح هي نوع من البرق خاطئة لأنّها في الواقع نوع من البلازما. لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع مصباح الأنبوب الفلوري ويشبه قنديل البحر الأحمر الكبير مع مخالب زرقاء طويلة.

على الرغم من أنّه نادراً ما يتم تصويرها من مستوى الأرض، إلّا أنّ هناك العديد من الصور المأخوذة من الطائرات. على الرغم من عدم ضررها النسبي، فقد كانت هناك حالات من الأضرار التي لحقت بالمعدات العلمية فوق العواصف الرعدية والتي لا يمكن تفسيرها إلا من خلال هذه الومضات الغريبة والمراوغة. كان أبرز مثال على ذلك هو منطاد الستراتوسفير التابع لوكالة ناسا والذي أودع حمولته عن غير قصد بعد إحدى ومضات الضوء الساطعة هذه.

الشفق القطبي – Auroras:

الشفق القطبي: هو عبارة عن عروض ضوئية رائعة تحدث في سماء الليل، اشتق اسم (Aurora Borealis) في نصف الكرة الشمالي و(Aurora Australis) في نصف الكرة الجنوبي من آلهة الفجر الرومانية “أورورا”، ويشبهان الستائر المتموجة بلطف، اللون الأكثر شيوعاً هو اللون الأخضر الفاتح ولكن لوحظ أيضاً الأحمر والوردي والأصفر والأزرق. تتصادم الجسيمات المشحونة المنبعثة من الغلاف الجوي للشمس مع جزيئات الغاز في الغلاف الجوي للأرض، يعتمد لون الشفق القطبي على نوع الغاز الذي يتم قصفه، تنحرف هذه الجسيمات بشكل عام عن طريق المجال المغناطيسي للأرض، لكن المجال المغناطيسي يكون أضعف في المناطق القطبية وإذا تمكنت بعض الجسيمات من المرور مما يتسبب في هذا العرض المذهل.

مما لا يثير الدهشة أنّ العديد من الأساطير والخرافات تحيط بالشفق القطبي، أحد المعتقدات السائدة هو أنّهم أرواح الموتى وبالتالي يجب إحترامهم، لطالما اعتُبر الشفق القطبي الأحمر نذير حرب لعدة قرون وشُوهد قبل إندلاع الثورة الفرنسية.


شارك المقالة: