تاريخ استخدام الفحم الحجري

اقرأ في هذا المقال


بشكل عام إن إنتاج الفحم واستخدامه له تاريخ طويل للغاية، حيث أنه تم استخراج الفحم على نطاق صغير منذ عصور ما قبل التاريخ، ولكنه قد أصبح بالفعل هو الوقود العالمي المهيمن في القرن الثامن عشر، مما قد وفر الطاقة التي تتطلبها التطورات التكنولوجية للثورة الصناعية، واليوم يفاجأ الكثير من الناس بأن الفحم لا يقل أهمية عن النفط الخام والغاز في مزيج الطاقة الحديثة، حيث أنه يوفر حوالي ثلث الطلب العالمي اليومي على الطاقة، لا سيما أنه يستخدم بشكل كبير لتوليد الطاقة أي بحوالي 42٪ من كهرباء العالم حالياً.

ما هو الفحم الحجري؟

هو عبارة عن أحد أهم أنواع الوقود الأحفوري الأولية، حيث أنه يعتبر مادة صلبة غنية بالكربون، ويوجد عادةً في الرواسب الطبقية للصخور، كما أنه يحتوي على أكثر من حوالي 50 في المائة من حيث الوزن أو 70 في المائة من حيث الحجم من المادة الكربونية الناتجة عن ضغط وتصلب بقايا النباتات المعدلة أي رواسب الخث، وتنشأ أنواع مختلفة من الفحم بسبب الاختلافات في أنواع المواد النباتية مثل نوع الفحم ودرجة التحصين (رتبة الفحم) ومجموعة الشوائب (درجة الفحم).

تاريخ استخدام الفحم الحجري

في الأوقات القديمة

تشكل الفحم منذ حوالي مئات الملايين من السنين، وكان هذا الفحم في يوم من الأيام عبارة عن مادة نباتية، حيث تخزن النباتات الطاقة الشمسية من خلال عملية التمثيل الضوئي، وبعد أن تموت عادةً ما تطلق هذه الطاقة لأنها قد تتحلل، ومع ذلك عندما توقفت هذه العملية وعلى مدار آلاف السنين فإنه سيتراكم الضغط والحرارة فوق بقايا النبات، مما يؤدي إلى تغيرات كيميائية وفيزيائية ودفع الأكسجين وتحويل هذه البقايا إلى فحم.

كما أنه يوجد هناك أدلة على أن البشر قد استخرجوا الفحم على نطاق محدود منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث كان الوقود المبكر عبارة عن الخشب وكان الفحم مشتق منه، وتشير الإشارات إلى أن بعض الاستخدامات المبكرة للفحم كانت هزيلة، ومع ذلك استخدم الصينيون الفحم تجارياً لأول مره قبل فترة طويلة من استخدامه في بعض دول العالم، وعلى الرغم من عدم وجود سجل أصيل متاح للفحم الحجري فربما تم توظيف الصين لصهر النحاس منذ عام 1000 قبل الميلاد.

في أوروبا

يشير رماد الفحم الذي تم العثور عليه بين الآثار الرومانية في إنجلترا إلى أن الرومان كانوا على دراية باستخدام الفحم الحجري، حيث كان الرومان هم أول من استخدموا الفحم على نطاق واسع إلى حد ما، وبعد غزو بريطانيا فأنهم اكتشفوا حقول الفحم وأدركوا أن الفحم يوفر حرارة أعلى من الخشب، وخلال فترة الاحتلال الروماني تم استخدام الفحم كوقود لتسخين الحمامات وكزينة، كما تم استخدامه للاحتفالات الدينية المستخدمة لعبادة إلهة الحكمة مينيرفا.

وبدأت العديد من الإشارات إلى تعدين الفحم الحجري في إنجلترا واسكتلندا والقارة الأوروبية في الظهور في كتابات القرن الثالث عشر، ومع ذلك قد تم استخدام الفحم على نطاق محدود فقط حتى أوائل القرن الثامن عشر عندما طور أبراهام داربي من إنجلترا وآخرون طرقاً لاستخدامها في الأفران الحرارية والصناعات المعدنية.

في العالم الجديد

لقد استخدم هنود أمريكا الشمالية الفحم قبل وقت طويل من وصول المستوطنين الأوائل إلى العالم الجديد، حيث أنهم استخدموا الفحم لخبز الفخار الذي صنعوه من الطين، كما اكتشف بعض المستوطنون الأوروبيون الفحم في أمريكا الشمالية خلال النصف الأول من القرن السابع عشر، ولكنهم كانوا يستخدمون القليل من الفحم الحجري في البداية – لأنهم كانوا يعتمدون على عجلات المياه وحرق الأخشاب لتشغيل بعض الصناعات الاستعمارية.

وأصبح الفحم قوة بحلول القرن التاسع عشر، حيث قد استخدم الناس الفحم لتصنيع البضائع وتشغيل البواخر ومحركات السكك الحديدية، وبحلول الحرب الأهلية الأمريكية استخدم الناس الفحم أيضاً لصنع الحديد الصلب، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر استخدم الناس الفحم لتوليد الكهرباء.

وعندما دخلت أمريكا القرن العشرين كان الفحم الحجري هو عماد الطاقة للشركات والصناعات في البلاد، حيث ظل الفحم هو مصدر الطاقة الأول في أمريكا حتى دفع الطلب على المنتجات البترولية إلى المقدمة، حيث قد تحولت القطارات من طاقة الفحم إلى وقود الديزل، وحتى المنازل التي كان يتم تسخينها بالفحم تحولت بدلاً من ذلك إلى أفران النفط أو الغاز، ومع ذلك وصل إنتاج الفحم إلى أدنى مستوى له في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين زاد إنتاج الفحم بشكل مطرد ووصل إلى مستويات قياسية مرة أخرى، ويوفر الفحم اليوم 22 بالمائة من احتياجات الطاقة في البلاد، وإن استخدامها الرئيسي حالياً هو لإنتاج الكهرباء.


شارك المقالة: