قصة اختراع المنجنيق

اقرأ في هذا المقال


المنجنيق:

تميزت المدن الرومانية المحصنة قديمًا باستخدامها أدوات لحصار ومهاجمة الأعداء التي استعملت منذ سنوات بعيدة لمواجهة ضربات التي يشنها العدو، بعيدًا عن الأسلحة التكنولوجية الحديثة والمعدات القتالية، كان من أهم تلك الأدوات القديمة المنجنيق، المنجنيق عبارة عن جهاز يتم استخدامه لإطلاق قذائف لمسافات بعيدة، تم استخدامه في الحضارات القديمة والعصور الوسطى، وقد أثبت أنه أحد أكثر الآليات فاعلية أثناء الحرب.

ما هي قصة اختراع المنجنيق؟

يعتقد بأنّ الإغريق القدماء هم أول من اخترعته، وفقًا للاكتشافات القديمة، فإنّ المعلومات التي تم العثور عليها حول أجهزة الحصار القديمة، قد تم ذكرها في النصوص القديمة التي قد كتبها فيتروفيوس وفيلو البيزنطي في القرن الثالث قبل الميلاد، كانت القلاع والمدن المحصنة تقوم باستخدام المنجنيق واستخدمت المقاليع كسلاح حصار رئيسي.

بالإضافة إلى قدرته حتى للهجوم من خلف الجدران، يمكن من خلاله إلقاء الصواريخ الحارقة، أو حتى كمحاولة شن هجوم عدائي ضد الأعداء، عندما تطورت الآلات القتالية الهجومية والدفاعية في العصور الوسطى، شهد حصار الفايكنج لباريس توظيف كل أداة من أدوات الحصار المعروفة في العالم الكلاسيكي بما في ذلك مجموعة متنوعة من المقاليع والمجانيق،  إنّ كلمة المنجنيق (catapult) تأتي من الكلمات اليونانية (kata) و(pallein).

وتم اعتباره نسخة قديمة لابتكار وصناعة المدفع لكن بشكل بدائي، قام الرومانيون باستخدامه بكثرة في الحروب والهجوم المفاجئ، لم يكن معروفًا على وجه اليقين متى بالتأكيد، ربما يكون قد بدأ بعد الحروب مع بيروس (280-275 قبل الميلاد)، والتي أتيحت خلالها للرومان فرصة لمراقبة ونسخ التقنيات اليونانية، توجد أيضًا أدلة على اختراعه حوالي عام 400 قبل الميلاد في بلدة سيراكوس اليونانية.

عندما تم ابتكاره لأول مرة كان يشبه باستعماله أسلحة القوس والنشاب، وسُمّي باسم (Gastraphete)، انبهر اليونانيون يقوة هذا السلاح الجديد، يقول علماء التاريخ بأنّه تم تصميم أبراج داخل أسوار المدينة الرومانية من حوالي 273 قبل الميلاد، حيث كانت مصممة لحمل آلات الحصار، وتم تركيب المنجنيق أحيانًا على عربة ذات عجلات، وتم تركيب بعض المقاليع بشكل دائم داخل الحصون وتستخدم للدفاع ضد المهاجمين.

وجدت أدلة أخرى على اختراعه في 399 قبل الميلاد في صقلية، في أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، كان المقلاع يلقي بالحجارة، بعد ذلك تم استخدام المقذوفات النارية والبارود عند إطلاق الزناد، كما تم إرفاقه بمخزون على حامل يمكن تحريكه قليلاً من أجل التصويب وكان من السهل تحريكه وسهولة التحكم به.

بدأ المصنعون في تصميمه بحجم أكبر، كان من أكثر أنواعه استعمالًا في العصور الوسطى هو (Ballistas) عبارة عن منجنيق يشبه الأقواس العملاقة، كانت الذخيرة المستخدمة في الأساس عبارة عن سهام عملاقة أو سهام مصنوعة من الخشب برأس حديدي، تتميز (Ballistas) بدرجة عالية من الدقة، استخدم كسلاح دفاع ضد الجيوش المهاجمة، تم تصميم منجنيق سبرينجالد حيث كان يتم استخدامه داخل حدود مُحكّمة للغاية مثل داخل القلعة أو البرج.

نوع آخر من أنواعه هو (Trebuchets) وكانت الذخيرة التي يتم وضعها فيه هي الحجارة، وعُدّ من أقوى أنواعه ولكن يمكن استبداله بالسهام والأعمدة الخشبية الحادة إذا لزم الأمر، يعود تاريخ استخدامه  إلى حصار قلعة ستيرلينغ في 1304م، عندما قام جيش إدوارد الأول ببناء منجنيق عملاق يُعرف باسم (Warwolf)، من بعده استخدم  منجنيق كويلارد كان مبسط حيث يتم تقسيم ثقل الموازنة الفردي للمنجنيق، ويتأرجح على جانبي عمود الدعم المركزي.

بحلول نهاية القرن الرابع، قامت المدن بزيادة إنتاجه وتصنيعه، حتى أصبح خلفاء الإسكندر يقومون باستعمال المناجيق الكبيرة التي تقوم بتكسير الجدران، تم تشغيل المقاليع والمنجنيق بواسطة الأوتار القوية، مثلًا فيتروفيوس يُسمّى قاذف الحجارة ذو الذراعين (بالينتون)، وهو نوع من أنواع المنجنيق.

قام أرخميدس بتطوير صناعته، حيث سجل العديد من الضربات بمقاليعه لدرجة أنّه كان يستطيع إلحاق دمار شامل وشن هجوم عنيف على العدو، سواءً كان ذلك من أماكن ومسافات بعيدة أو أي محاولة للقتال اليدوي، بل تسبب أيضًا في خسائر فادحة، تم استخدام مناجيق متطورة فيما بعد لإطلاق صواريخ على الحصون والقلاع والمدن بمدى يصل إلى 1300 قدم.

من آخر التطورات في تصميمة هو إضافة عجلات متينة مثبتة بقوة لزيادة حركته، في أواخر تسعينات القرن التاسع عشر تم إنشاء منجنيق يستخدم على متن الطائرات، اخترعت البحرية الملكية البريطانية المنجنيق البخاري في عام 1952 أدّى ذلك إلى تحسين إطلاق الطائرات النفاثة من شركات النقل، المنجنيق تستمد قوتها مباشرة من حرارة محركات السفينة، اليوم ونتيجة التطور التكنولوجي في الواقع لا يتم استخدامه بسبب وجود الأسلحة القتالية المتطورة والأدوات والأجهزة الحديثة.


شارك المقالة: