كان البابليون القدماء أول حضارة قامت بإنشاء جداول الضرب، منذ حوالي 4000 عام، فقد أجروا الحسابات الرياضية من خلال الألواح الطينية، يقال أنّ يعضها موجود لليوم، مع نمو حضارتهم كانوا بحاجة إلى القيام بالمزيد والمزيد من الرياضيات المعقدة لمساعدتهم على البناء والتجارة، من أجل تسريع العمليات الحسابية سيحمل التجار الأجهزة اللوحية مع جداول الضرب هذه، مثلما قد يحمل مهندسو العصر الحديث الآلات الحاسبة في جيوبهم.
جدول الضرب هي مصفوفة تظهر نتيجة إجراء عامل على عناصر مجموعة معينة، حيث يمكن كتابة نتائج أي عملية رياضية ثنائية في جدول الضرب، تُعتبر عملية الضرب إحدى العمليات الأربعة التي تتم في الرياضيات والتي تتكون من القسمة والطرح والجمع، ونتيجة الضرب تكون هي جمع تكرار عدد معين.
ما هي قصة اختراع جدول الضرب؟
استخدم البابليون أقدم جداول الضرب المعروفة، ومع ذلك استخدموا قاعدة من 60، أقدم الجداول المعروفة التي تستخدم قاعدة من 10 هي جدول الضرب العشري الصيني على شرائح الخيزران الذي يرجع تاريخه إلى حوالي 305 قبل الميلاد، خلال فترة الممالك المتحاربة في الصين، أولئك الذين تمكنوا من تذكر هذه الجداول عن ظهر قلب كانوا قادرين على التداول بنجاح أكبر من أولئك الذين اضطروا إلى سحب الأجهزة اللوحية، لكن لا تفكر في الطلاب البابليين القدماء نظرًا لأنّهم يحسبون في قوى 60 بدلاً من قوى 10 التي نستخدمها اليوم، فقد طُلب منهم معرفة مجموعهم حتى جدول ضرب 59.
لطالما تمّ تضمين جداول الضرب المطبوعة كأجزاء من المقدمات العامة للحساب وتطبيقاته في الأعمال، مثلًا الجداول الذي يعرض مضاعفات الأعداد الصحيحة من 1 إلى 25 مرة 25، يحتوي على أعداد أكبر من تلك الموجودة في معظم النصوص الأولية، يشير هذا إلى أنه ربما تمت طباعته كنوع من النشر ليتم استخدامه بشكل منفصل، كشفت شرائط البامبو التي يعود تاريخها إلى حوالي 305 قبل الميلاد أي قبل 2200 عام عن جدول لضرب الأرقام حتى (99.5) من قبل الحضارة الصينية القديمة، يتكون جدول الضرب الصيني من 81 جملة تحتوي على أربعة أو خمسة أحرف صينية لكل جملة، مما يسهّل على الأطفال التعلم عن ظهر قلب، نسخة أقصر من الجدول تتكون من خمسة وأربعين جملة فقط.
يُنسب جدول الضرب أحيانًا إلى عالم الرياضيات اليوناني القديم فيثاغورس (570 – 495 قبل الميلاد)، ذلك العالِم الذي كان علامة عصره ونبراس العصور التي تليه، فقد ترك علومًا واسعةً في مجالات الهندسةوالفلسفةوالموسيقىوالفلك، اتخذها من بعده العلماء نهجًا لهم وساروا فيها على دربه، يسمّى جدول الضرب أيضًا بجدول فيثاغورس بعدة لغات (على سبيل المثال الفرنسية والإيطالية والروسية) وأحيانًا باللغة الإنجليزية، دوّن اختراع جدول الضرب الذي اخترعه فيثاغورس أحد تلاميذه نيكاتوموس وذلك في مقدمة لأحد كتبه التي تتحدث عن علم الرياضيات، تم حفظ شكل الجدول اليوناني الذي استخدم قديمًا على لوح من الشمع من القرن الأول الميلادي في المتحف البريطاني.
قام عالم الرياضيات اليوناني الروماني (Nichomachus)، أحد أتباع (Neopythagoreanism)، وهي (مدرسة الفلسفة الهلنستية التي أحيت عقيدة ونظرية فيثاغورس)، بإدراج جدول الضرب في مقدمة إلى الحساب، في حين أنّ أقدم جدول ضرب يوناني باقي موجود على لوح شمعي يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي ويوجد حاليًا في المتحف البريطاني.
في عام 493 بعد الميلاد، كتب فيكتوريوس الأكيتيان جدول ضرب مكونًا من 98 عمودًا والذي أعطى (بالأرقام الرومانية) ناتج كل رقم من 2 إلى 50 مرة وكانت الصفوف قائمة أرقام تبدأ بألف وتنزل بمئات إلى واحد مائة، ثمّ تنازلي بعشرات إلى عشرة، ثمّ بواحد إلى واحد، ثم الكسور، في كتابه “فلسفة الحساب” عام 1820م، نشر عالم الرياضيات جون ليزلي جدول الضرب حتى (99 × 99)، والذي يسمح بضرب الأرقام في أزواج من الأرقام في المرة الواحدة، أوصى ليزلي أيضًا بأن يحفظ التلاميذ الصغار جدول الضرب حتى (50 × 50).
في عام 1989م، طوّر المجلس الوطني لمدرسي الرياضيات (NCTM) معايير جديدة تستند إلى الاعتقاد بأنّه يجب على جميع الطلاب تعلم مهارات التفكير العليا، والتي أوصت بتقليل التركيز على تدريس الأساليب التقليدية التي تعتمد على الحفظ عن ظهر قلب، مثل جداول الضرب، والنصوص المعتمدة على نطاق واسع مثل التحقيقات في الأرقام والبيانات والفضاء (المعروفة على نطاق واسع باسم (TERC)، مراكز أبحاث التعليم الفني) حذفت وسائل المساعدة مثل جداول الضرب في الإصدارات المبكرة، أوضحت (NCTM) في نقاط الاتصال الخاصة بهم لعام 2006م أنّه يجب تعلم حقائق الرياضيات الأساسية، على الرغم من عدم وجود إجماع حول ما إذا كان الحفظ عن ظهر قلب هو أفضل طريقة.
كان التعلم التقليدي عن ظهر قلب لعملية الضرب يقوم على حفظ الأعمدة في الجدول، في شكل مثل:
1 × 10 = 10
2 × 10 = 20
3 × 10 = 30
4 × 10 = 40
5 × 10 = 50
6 × 10 = 60
7 × 10 = 70
8 × 10 = 80
9 × 10 = 90