اقرأ في هذا المقال
بشكل عام يتم توليد الطاقة (الكهرباء التقليدية) باستخدام مصادر الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، ومع انخفاض مصادر الوقود الأحفوري بشكل خطير فإن أحد المصادر التي بالكاد استغلها البشر هي (الطاقة الحرارية الأرضية)، حيث يمكن أن توفر هذه الطاقة إمكانيات جذابة لسد هذه الفجوة وتوفير تكاليف طاقة هائلة.
ما هي الطاقة الحرارية الأرضية؟
هي عبارة عن الطاقة التي يتم حصادها من الحرارة الموجودة في الأعماق تحت سطح الأرض (باطن الأرض)، حيث تتكون هذه الحرارة الداخلية للأرض نتيجة التحلل الإشعاعي للمعادن وفقدان الحرارة المستمر من تكوين الأرض الأصلي، كما تعد هذه الطاقة بإنها شكل من أشكال الطاقة المتجددة والمستدامة؛ لأنها مصدر غير محدود ولا تساهم في أي انبعاثات غازات الدفيئة.
والطاقة الموجودة داخل الأرض لن تنضب أبداً مع مرور الوقت، وسوف تبقى كمصدر للحرارة لملايين السنين، ويمكننا تسخير تلك الطاقة التي ستكون أرخص، ويمكن أن تساعدنا في تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري والاحتباس الحراري وقضايا الصحة العامة التي تنتج عن استخدامها.
كيف تعمل الطاقة الحرارية الأرضية؟
إن اللب الموجود تحت القشرة الأرضية يحتوي على الكثير من الحرارة، وكلما تعمقت تحت سطح الأرض زادت سخونتها، حيث يمكن لللب على سبيل المثال الذي يقع على بعد 6.437 كيلومتراً أو 4000 ميلاً تحت سطح الأرض أن يصل درجات الحرارة إلى حوالي 4200 درجة مئوية، كما ينبعث جزء من هذه الحرارة من عملية تكوين الأرض منذ حوالي 4 مليارات سنة.
وتنبع الحرارة المتبقية من التحلل المستمر للمواد المشعة تحت الأرض، وأن الحرارة الموجودة داخل قلب الأرض شديدة لدرجة أنها قد تُذوب الصخور الموجودة بالجوار، وتسمى الصخور المنصهرة بالصهارة، ونظراً لأن الصهارة أقل كثافة من التفاف الصخور حولها فإنها تُدفع إلى سطح الأرض، وفي بعض الحالات قد يدفع الضغط داخل اللب الصهارة للخروج من خلال الفتحات وتندفع إلى السطح وهي ظاهرة تُعرف بالثوران البركاني، ومع ذلك في معظم الحالات لا تخرج الصهارة من قشرة الأرض، وبدلاً من ذلك تقوم بتسخين الصخور القريبة بالإضافة إلى المياه المحبوسة داخل هذه الصخور.
وفي بعض الحالات يؤدي تسخين المياه إلى تراكم الضغط في الداخل وإجبار الماء على الهروب من خلال فتحات في الأرض تصل ذروتها إلى برك من الماء الساخن، حيث يشار إليها عادةً باسم الينابيع الساخنة أو تمزق البخار والماء الساخن والمعروف أيضاً باسم السخانات، كما تشكل المياه الساخنة التي تبقى تحت سطح الأرض برك تعرف باسم الخزانات الحرارية الأرضية.
وللحصول على هذه الحرارة يتم ضخ الماء في بئر الحقن، ومن ثم يتم ترشيحها من خلال الشقوق في الصخور، حيث تكون في درجة حرارة عالية، ومن ثم يعود الماء عبر بئر الاسترداد تحت ضغط على شكل بخار، ويتم التقاط هذا البخار واستخدامه لتشغيل المولدات الكهربائية.
-لإنتاج الطاقة الحرارية الأرضية يجب استغلال الماء الساخن من الخزان الجيوحراري، ويوجد هناك ثلاث تقنيات تُستخدم للاستفادة من هذا الماء الساخن:
- الطاقة الحرارية الأرضية المباشرة: تُستخدم هذه التقنية عادةً في المواقع التي تكون فيها الخزانات الحرارية الأرضية والينابيع الساخنة قريبة من سطح الأرض، حيث يتم حفر الفتحات من الأرض إلى الخزان الحراري الأرضي ويتم ضخ الماء الساخن مباشرة إلى المنازل والمباني لأغراض التدفئة، كما يتم ضخ الماء الساخن عبر مبادل حراري ينقل الحرارة من الماء الساخن إلى نظام تدفئة المنزل، ثم يُسمح للمياه المستخدمة بالتدفق مرة أخرى إلى الخزان الحراري الأرضي لإعادة تسخينها.
- المضخة الحرارية الأرضية: تسمى هذه المضخة الحرارية الأرضية عادةً بمضخة حرارة المصدر الأرضي، وهي عبارة عن نظام تدفئة وتبريد مركزية تنقل الحرارة من وإلى سطح الأرض، كما تستفيد هذه المضخة من الأرض كمصدر للحرارة خلال أشهر الشتاء، ومن الناحية المثالية تعمل المضخة الحرارية الأرضية كثيراً مثل المضخة الحرارية التقليدية، حيث يُستخدم المبرد عالي الضغط لتسخير ونقل الحرارة داخل وخارج المنازل، ولكن الفرق الوحيد هو أن المضخة الحرارية التقليدية تلتقط الحرارة ومن ثم تطلقها في الغلاف الجوي.
- محطة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية: تقوم محطات الطاقة الحرارية الأرضية عموماً بتسخير الحرارة تحت القشرة الأرضية واستخدامها لتوليد الكهرباء، وهناك ثلاثة أنواع من محطات الطاقة الحرارية الأرضية:
1. البخار الجاف: في هذا النوع يتم تسخير البخار الساخن مباشرة من الخزانات الحرارية الأرضية ونقله إلى محطة الطاقة الحرارية الأرضية، حيث يتم تشغيل التوربينات، ومن ثم يقوم التوربين بتشغيل مولد لإنتاج الكهرباء.
2. بخار الفلاش: وهنا يتم امتصاص الماء عادةً عند درجة حرارة 148 إلى 371 درجة مئوية من خزان الطاقة الحرارية الأرضية من خلال أنابيب محفورة لأسفل، حيث يتم تحويل بعض الماء إلى بخار ومن ثم توجيهه إلى توربينات دوارة تعمل على تشغيل مولد لإنتاج الكهرباء، ومن ثم يُترك البخار ليبرد ويتحول في النهاية إلى ماء، كما يتم توجيه المياه مرة أخرى إلى خزان الطاقة الحرارية الأرضية لتسخين ومتابعة الدورة.
3. الدورة الثنائية: بشكل عام تستخدم مصانع الدورة الثنائية الماء الساخن بشكل معتدل، حيث يتم نقل الماء عبر مبادل حراري، وفي المبادل يتم نقل حرارة الماء إلى سائل مثل (الأيزوبوتين) الذي يغلي عند درجة حرارة أقل نسبياً من الماء، وعندما يتعرض السائل للحرارة فإنه يتحول إلى بخار، ويتم توجيه البخار لتحويل التوربينات مما يؤدي إلى إخافة المولد لإنتاج الكهرباء.
أمثلة على الطاقة الحرارية الأرضية
- السخانات: السخان هو ينبوع ساخن يغلي فيه الماء بشكل متقطع، مما يرسل عموداً طويلاً من البخار والماء إلى الغلاف الجوي، حيث إنه مشهد رائع حقاً، ومع ذلك فإن بعض الينابيع الحارة تؤدي إلى ثورات بركانية تنفجر بآلاف إن لم يكن مئات اللترات من الماء الساخن على ارتفاع مئات الأقدام في الغلاف الجوي.
- الينابيع الساخنة: الينابيع الساخنة هي عبارة عن ينابيع تنشأ بسبب ظهور المياه الجوفية التي تسخن حرارياً والتي تخرج من القشرة الأرضية، وتوجد الينابيع الساخنة الحرارية الأرضية في مواقع مختلفة من القشرة الأرضية، حيث تحتوي بعض الينابيع الساخنة على ماء بدرجة حرارة مثالية للاستحمام، والبعض الآخر شديد الحرارة لدرجة أن أي شخص يحاول الاستحمام فيها يمكن أن يصاب بحروق شديدة أو يموت.
- الفوماروليس: الفوماروليس هو عبارة عن فتحة يخرج منها عادةً البخار والغازات إلى الغلاف الجوي، حيث يمكن استخدام الفتحة للاستفادة من الطاقة الحرارية الأرضية، وقد يتشكل الفوماروليس على طول شقوق صغيرة أو شقوق طويلة في حقول أو تجمعات فوضوية، وقد تتشكل أيضاً على أسطح تدفق الحمم البركانية ورواسب ضخمة من تدفقات الحمم البركانية.
وأخيراً يمكننا القول إن القلق الوحيد بشأن الطاقة الحرارية الأرضية هو أنها قد تطلق كميات من كبريتيد الهيدروجين، حيث أن كبريتيد الهيدروجين هو عبارة عن نوع من الغازات التي تشبه رائحة البيض الفاسد، وبخلاف ذلك فإن مزايا الطاقة الحرارية الأرضية هي ببساطة ساحقة وكثيرة، حيث إنها نظيفة وخضراء وقابلة للتجديد ومستدامة وغير مكلفة نسبيا.